Thursday 31th January,200210717العددالخميس 17 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في محاضرة «مشكلات المياه في المستقبل»
د، الوليعي يقدم المحاضرة بلمحة عن التكوين الجيولوجي في المملكة
أ، د، القنيبط: دول الجزيرة العربية لها خصوصيتها الفريدة بالنسبة للموارد المائية

* تغطية سعيد الدحية الزهراني:
ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة وضمن أنشطته الثقافية والاجتماعية أقيمت مساء أمس الأول الثلاثاء الموافق 15/11/1422ه في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات محاضرة بعنوان «مشكلات المياه في المستقبل» أعدها وقدمها سعادة الأستاذ الدكتور محمد بن حمد القنيبط عضو مجلس الشورى وقد أدار المحاضرة سعادة الدكتور عبدالله بن ناصر الوليعي،
حيث استهل د، الوليعي المحاضرة بالترحيب بالدكتور القنيبط والحضور مشيرا في لمحة سريعة الى موارد المياه في المملكة والى التكوين الجيولوجي الذي يكوّن بيئة المملكة مستعرضا أنواع الصخور المكونة للطبقات الداخلية للقشرة الأرضية وأماكن وجود تلك الصخور لينتقل الحديث بعد ذلك الى د، القنيبط الذي أشاد بدور مهرجان الجنادرية شاكرا الجهود المبذولة لاعداده،
تحدث المحاضر في البداية عن خصوصية الموارد المائية في دول الجزيرة العربية فقال:
موضوع الأمن المائي العربي موضوع يتحدث عنه الكثيرون من المختصين وعامة الناس، وقد احتل في السنوات الأخيرة حيزا كبيرا من الاعلام العربي عامة، وصدر العديد من الكتب والدراسات حول الموضوع، ومن أحدث الكتب التي صدرت مؤخرا من مركز دراسات الوحدة العربية في الجمهورية اللبنانية، كتاب عنوانه «الأمن المائي العربي: الواقع والتحديات» للدكتور منذر خدام،
الغريب في هذا الكتاب الحديث «فبراير 2001م» والمتخصص انه درس باسهاب الأوضاع المائية في جميع الدول العربية، ولكنه لم يتطرق الى أي من دول الجزيرة العربية ودول المغرب العربي، بل كان جل اهتمامه وبحثه وتحليله عن الموارد المائية وموازينها في سوريا، لبنان، الأردن، فلسطين، العراق، مصر، السودان ومشاكلها مع الدول غير العربية من تركيا واسرائيل ودول حوض النيل، وهذا الكتاب الذي يعالج موضوع أزمة المياه ليس الوحيد الذي أغفل دول الجزيرة العربية، بل هناك كتب أخرى بعناوين مماثلة ملفتة للنظر تحت نفس المنحى؛ مثل كتاب «المياه، ، حرب المستقبل» لمؤلفه عادل عبدالجليل بترجي «1997م»، وكتاب «المياه مصدر للتوتر في القرن 21» لمؤلفه محمود أبوزيد «1998م»، وكذلك «الأمن المائي العربي: أعمال المؤتمر الدولي الثامن، القاهرة، فبراير 2000م»،
هذه النقطة بالذات اغفال دول الجزيرة العربية في قضية الأمن المائي العربي تؤكد حقيقة تحدثت عنها في مناسبات عديدة من ان دول الجزيرة العربية لها خصوصيتها الفريدة فيما يتعلق بالموارد المائية، مقارنة ببقية الدول العربية الأخرى، سواء دول المشرق أو المغرب العربي، من العراق الى المغرب، ومن سوريا الى الأردن، مرورا بالسودان والصومال،
فالواقع الجغرافي والبيئي ومورفولجية الموارد الطبيعية للمملكة ودول الجزيرة العربية تؤكد مجتمعة ان بيننا قواسم مشتركة فيما يخص الموارد المائية، التي أهمها:
1 دول الجزيرة العربية لا يوجد فيها أنهار أو بحيرات عذبة كانت أم مالحة،
2 دول الجزيرة العربية لا تشترك مع دول أخرى في بحيرات أو أنهار،
3 الظروف المناخية لدول الجزيرة العربية متطابقة الى حد كبير «باستثناء منطقة عسير وشمال اليمن» المتميزة بالمناخ الصحراوي الجاف شحيح المطر «بمتوسط سنوي 50100ملم»،
4 محدودية الموارد المائية الجوفية في دول الجزيرة العربية وتميزها بانخفاض «وأحيانا انعدام» مياه التغذية للطبقات الحاملة لهذه المياه غير المتجددة، التي تصل أعمارها في المملكة الى أربعين «40» ألف سنة وأكثر،
5 استئثار القطاع الزراعي بنصيب الأسد من اجمالي المياه المستهلكة من جوفية وتحلية، ففي المملكة، على سبيل المثال، يستهلك القطاع الزراعي أكثر من 90% من اجمالي المياه المستهلكة «في الأغراض الزراعية والبلدية والصناعية»،
6 تعتمد المملكة وبقية الدول الخليجية، بصفة رسمية، على مياه التحلية في توفير حاجتها من المياه للأغراض البلدية والصناعية، ففي المملكة توفر مياه التحلية حوالي 50% من اجمالي استهلاك المياه في الأغراض البلدية والصناعية،
مشاكل متطابقة؟!
في دراسة حديثة من البنك الدولي عن الوضع المائي «موردا وادارة» في احدى دول الجزيرة العربية، جاء التالي:
1 تبلغ الموارد المائية المتجددة حوالي 1، 2 مليار متر مكعب سنويا،
2 يبلغ الاستهلاك السنوي من المياه في القطاع البلدي والصناعي حوالي 8، 2 مليار متر مكعب «1994»م،
3 يبلغ نصيب الفرد من المياه حوالي 150متر مكعب/ عام، مقارنة بالمتوسط العالمي 7500متر مكعب/ فرد/ عام «1994م»،
4 يوجد حوالي 45000 بئر مياه للمواطنين «1994م»،
5 لم يتم تنظيم ومراقبة عمليات حفر الآبار،
6 استنزاف المياه الجوفية أدى الى زيادة أعماق الحفر لأكثر من 2000متر،
ثم تذكر الدراسة ثلاث مشاكل مائية خطيرة بدأت تظهر جلياً في هذه الدولة:
1 الاستنزاف الشديد للمياه الجوفية قد يؤدي الى اختفاء جزء كبير من القطاع الريفي خلال جيل واحد،
2 تعاني المدن الرئيسية من نقص حاد في المياه،
3 يواجه كثير من السكان، خاصة منخفضي الدخل، صعوبة في الحصول على مياه نظيفة، وسعر المياه في القرى والريف يزيد بعشرة أضعاف عن سعره في المدن،
هذه الدولة هي الجمهورية العربية اليمنية، وهذا التشابه الكبير في موضوع الموارد المائية يؤكد حقيقة خصوصية الموارد المائية لدول الجزيرة العربية وتشابهها، إن لم يكن تطابقها، فوضع الموارد المائية واستخداماتها وادارتها في دول الجزيرة العربية متشابه الى حد كبير بين دولة غنية كالمملكة، وبين أخرى فقيرة كاليمن،
ثم تطرق المحاضر الى مسألة المياه والزراعة في المملكة فقال:
قدرت خطة التنمية السابعة استهلاك القطاع الزراعي من المياه عام 1419/1420ه بحوالي 450، 18مليون متر مكعب، يتوقع ان يرتفع الى 850، 19 مليون متر مكعب في نهاية الخطة عام 1424/1425ه، منها 120، 13 مليون متر مكعب من المياه الجوفية العميقة غير القابلة للتجديد، كذلك تتوقع خطة التنمية السابعة ان يكون انتاج القمح حوالي 1، 2 مليون طن في نهاية الخطة عام 1424/1425ه،
من جهة أخرى فالمعروف ان طن القمح يستهلك حوالي 2000 متر مكعب من المياه ذات درجة ملوحة مقبولة «1500 جزء في المليون»، وبالتالي فإنه سيتم استنزاف حوالي 4200 مليون متر مكعب من المياه الجوفية العميقة غير المتجددة لانتاج 1، 2 مليون طن قمح عام 24/1425ه بمعنى آخر فإن الاستمرار بانتاج الاستهلاك المحلي من القمح سيعني استهلاك محصول القمح فقط لحوالي 32% من كمية المياه الجوفية العميقة غير المتجددة التي تقدر خطة التنمية السابعة استهلاكها في نهاية الخطة عام 1424/1425ه «البالغة 120، 13 مليون متر مكعب»، في حين تستهلك جميع المحاصيل الأخرى 68% المتبقية «أو 920، 8 مليون متر مكعب»،
وهنا يبرز السؤال التالي:
هل من المجدي ان يستهلك محصول واحد ثلث كمية المياه الجوفية غير المتجددة المتوقع ضخها في نهاية خطة التنمية السابعة عام 1424/1425ه؟،
من من جهة أخرى بلغت المساحة المزروعة بالقمح والشعير والأعلاف الخضراء «البرسيم وحشيشة الرودس» عام 2000م حوالي 579 ألف هكتار، تشكل 59% من اجمالي المساحة المحصولية المزروعة «12، 1 مليون هكتار» في المملكة، استنزفت 51% من اجمالي المياه المستهلكة في القطاع الزراعي «3، 10 مليارات متر مكعب من اجمالي 3، 20 مليار متر مكعب»،
وعلى الجانب الآخر، استنزفت الأعلاف الخضراء بمفردها حوالي 33% من اجمالي استهلاك القطاع الزراعي من المياه عام 2000م «حوالي 8، 6 مليارات متر مكعب»،
وتزداد المشكلة خطورة وحرجا إذ علمنا ان أغلب مناطق زراعة القمح والأعلاف الخضراء تقع في مناطق التكوينات المائية الجوفية العميقة غير المتجددة «الجوف، تبوك، حائل، القصيم، وادي الدواسر»،
وماذا عن دعم تغيير بقية الأدوات الصحية الشرهة الاستخدام للمياه بأخرى قليلة الاستخدام للمياه؟! ماذا عن اعتماد خطة لادخال الحنفيات ذاتية الفتح في دورات المياه العامة في المساجد والفنادق والمطاعم وغيرها؟! ترى ما هي العوائد من مثل هذه الاستراتيجيات؟!
ثم تطرق المحاضر في نهاية محاضرته حول اخفاق الاعلام والتوعية في ترشيد استهلاك المياه قائلا:
كثر الحديث عن اخفاق الاعلام والتوعية وأجهزتها في تفعيل استراتيجية ترشيد استهلاك المياه في القطاع البلدي والصناعي، ودعوة هؤلاء الى ضرورة تكثيف وتركيز الحملات الاعلامية والتوعوية في هذا الصدد، وأنها السبيل الأهم لتحقيق ترشيد استخدام المياه، هذه الدعوات يكثر اطلاقها والتركيز عليها دون اعطاء موضوع السعر أو رسم المياه الأهمية التي يستحقها في عملية ترشيد الاستهلاك، وكأن السعر يحتل المرتبة ما قبل الأخيرة في قائمة الآليات أو السياسات التي تشجع على ترشيد استهلاك المياه،
يبدو ان هناك شبها كبيرا جدا بين السعر المنخفض للمياه البلدية في المملكة «ودول كثيرة» ونظام وجبة البوفيه في المطاعم!
ففي نظام وجبة البوفية في المطعم يقوم المستهلك بأكل ما يطيب له من الأكل والحلويات مقابل سعر محدد، بمعنى آخر، بامكان المستهلك تجريب وليس أكل جميع أنواع الأكل المعروض، اضافة الى تناول الكميات التي يرغبها من السلطة والحويات، كل ذلك بسعر ثابت، بغض النظر عن الكميات أو الأنواع التي يستهلكها، أو بالأحرى يهدرها أثناء تناوله وجبة البوفيه هذه، وبالتالي، فما هي الدوافع التي تجبر هذا المستهلك على الحد أو ترشيد من تناوله كميات أو أنواع الطعام تحت نظام وجبة البوفيه؟! وهل سيقوم نفس المستهلك بأكل أو تجريب نفس الكميات والأنواع من المأكولات والسلطات والحلويات، فيما لو كان هناك سعر لكل طبق؟!،
بالطبع لا، ونفس الكلام ينطبق حرفيا، على استهلاك المياه في المنزل، ففي ظل انخفاض أسعار أو رسوم المياه في القطاع البلدي والصناعي، ما هي الحوافز أو الدوافع للمستهلك ليقوم بترشيد استهلاك المياه؟! وما هي الحوافز التي تدفعه لشراء أجهزة ترشيد استخدام المياه؟! طالما ان سعر المياه أقل بكثير من تكاليف هذه الأجهزة،
موضوع رسوم أو تسعير المياه المنزلية موضوع حساس وحرج، إلا أن التهرب من الوقوف عنده وتحليله وتقويمه من جميع الجوانب لوضعه في المسار الصحيح، لن يؤدي بأي حال من الأحوال الى قيام المواطن بأي عمليات ترشيد حقيقية لاستهلاكه من المياه، يكون لها عوائد كبيرة لقطاع المياه المنزلية،
وبالتالي وعلى الرغم من حساسية التطرق لموضوع أسعار أو رسوم المياه المنزلية، فإنه من البساطة بمكان مواجهة هذا الموضوع الحساس، والوصول الى نظام سعري للمياه المنزلية يجبر المستهلك على الترشيد، دون ان يضر بالمواطنين ذوي الدخول المنخفضة، فالمملكة ليست الدولة الوحيدة في العالم التي توفر المياه المنزلية لسكانها بأسعار مدعومة،
بعد ذلك تقدم الدكتور الوليعي بالشكر الجزيل لسعادة الأستاذ الدكتور القنيبط على ما قدمه، وشاكرا الحضور على استماعهم متمنيا دوام التوفيق للجميع،

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved