* أقوى الناس إيماناً، وأصحهم نفساً، وأصدقهم صبراً، وأغناهم تفاؤلاً، هو الذي إذا لقيته سمعت منه حمداً وشكراً لله، وتعداداً لنعمه، ورضا كاملاً على ما قدر الله من منح ومنع! هذا الانسان ذكراً كان أم أنثى، مسنا أم شابا، هو الذي يعيش الحياة كما أرادها الله أن تُعاش! وهو الذي يُبارك له في المنح، ويُرفع عنه المنع، ويُزاد له في النعمة، ويُمد له في العمر، ويُشرح له الصدر، وتصح له النفس، وينعم بعين قريرة، وسريرة هانئة، وضمير مطمئن!
أما غير هذا فلا حول ولا قوة الا بالله ذكراً كان أم أنثى، مسناً كان أم شاباً، لا يرى من الكأس إلا نصفه الفاضي، ولا من الحياة إلا ليلها الدامس، ولا من القمر إلا بُقعه الداكنة! ولا يلقاك إلا شاكيا صحته وماله، وزوجته وولده، وجاره وأصدقاءه وزملاءه ، يذم الزمن والناس والحياة على شتى أشيائها وألوانها!
يتمتع هذا الإنسان بنعم كثيرة، وخيرات وفيرة، ومزايا لا تعد، لكنه لا يراها، وإنما يرى جوانب نقص لو غفل عنها ما ضرته بشيء!
إياك أن تكون شاكياً متذمراً متسخطاً متشائماً، لا يُرضيك شيء! إنك في هذه الحال لا تُدمر الآخرين، وإنما تُدمر نفسك وقلبك وصحتك ودينك وحياتك كلها! وتؤذي من يسمعك، وتُعدي من يُصغي إليك، وتُصبح وتمسي في غضب من الله!
لا تلبس يا أخي نظارة سوداء، لا تقع على الجروح لا تبحث عن النقص، لا تك ناقداً على الدوام، بصيراً بالعيوب، أعمى عن المزايا! إن من تفاصيل التفاصيل، من جوانب هامشية بسيطة منسية، معنوية كانت أم حسية، لكافية لاستنبات الأمل والتفاؤل، وتغذية منابع الرضا والسعادة، إذا استخدمنا نعمتي التأمل والاستبصار، وانتفعنا من حاستي الملاحظة والإدراك! فابحث في حياتك وحياة الناس ستجد مواقع كثيرة تتحلى بالجمال والروعة والنفع، فقط التفت إليها، بادر الى فهمها والانتفاع منها! وتذكر أن النحلة استوردت العسل النافع من زهرة برية لا تساوي في القيمة ثمناً يُذكر!!
ليس بين عسره ويسره إلا أداؤه للصلاة!!
* إن من أعظم القربات عند الله، ومن أكثرها جزاء عاجلاً يراه المؤمن، هو ذلك العون المباشر والعاجل الذي يُقدمه المؤمن مخلصا فيه النية لله، رحمة وغوثاً وإسعافاً وإنقاذاً لمؤمن اضطرته الحاجة لمرضه أو إصابته أو فقره أو ضرورته، فوافق ذلك العون مطلباً إنسانياً تمت تلبيته بنية خالصة لوجه الله، في مثل هذه المبادرة الكريمة الرحيمة يرفع المنتفع يده الى الله داعيا للمحسن بالجزاء العاجل، وفي أخبار كثيرة يرى المحسن جزاء الله عاجلاً وما يدخره في الآجل أجزل وأعظم!
هذا أحد المحسنين من فقراء الناس، لكن عوزه لم يمنعه من إقراض أخ له أشد عوزاً! قال: قرع الباب عليَّ قبل صلاة العشاء أحد رفاقي يطلب قرضاً مقداره مئتا ريال فقط! ولم أكن أملك في تلك الليلة سواها لأصرف منها على متطلبات أبنائي في صباح اليوم التالي قبل مغادرتهم للمدرسة! وقلت لرفيقي خذ مائة ودع لي المئة الأخرى فرد عليَّ ان حاجتي الى مئتين، وأمام شدة إلحاحه، توكلت على الله، وأقرضته كل ما أملكه في تلك الليلة وهو مئتا ريال! وأذن المؤذن لصلاة العشاء الآخر، وذهبت الى المسجد مؤدياً للفريضة، وبعد الصلاة وأنا في طريقي الى المنزل، ناداني من بعيد ثري محسن من جيراني، فلما تقابلنا وسلمنا، أدخل يده في جيبه، ودفع لي مئتي ريال فدعوت له وانصرفت! وكلما تذكرت ذلك الموقف ازددت يقينا أن الله مع المحسنين، وهو في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، حقيقة نرى آثارها وشواهدها في حياتنا اليومية متى توفر للمؤمن الصفاء والصدق والاخلاص والنية، فساعد المحتاج يقف الله الرحيم الكريم معك في حاجتك ويستجيب دعوتك ويُطيل في عمرك ويزيد لك في رزقك، ويختم لك بخاتمة الصالحين، أما ما يدخره لك حين تلقاه فهو ما لاعين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر!
جازان.. الأنشودة الأولى!
* المستقبل الزراعي الباهر الذي تملك جازان مقوماته، وأطلقت حكومتنا الكريمة معوقاته في الايام الماضية، ليس وحده صعيد المستقبل، فالأدب بألوانه المختلفة ينتظره مستقبل مشرق في جازان، ويصل الى بريدي بين حين وآخر دلائل تؤكد على أن (جازان) مثلما هي أرضية تملك مقومات النجاح الزراعي، فهي أيضا بيئة تملك مقومات النجاح الأدبي، وقادرة على أن تُصدر كليهما بمواصفات محلية ومقاييس عالمية! فهي جامعة الافنان كما وصفها شاعرها فشكراً للشاعر (أيمن عبدالحق) الذي أهداني ديوانه: (حمى الأحلام) وشكراً للشاعر (حسن أحمد الصلهبي) الذي أهداني ديوانه: (عزف على أوتار مهترئة) واحتفاء بجازان الحاضر والمستقبل، أنشد مع الشاعر (حسن) قصيدته الجميلة التي منها:
«ولادة الشعر، بل ولادة الأدب
وروضة الفكر، كحل العين والهدب
(جازان) هذا رضاب الشعر منسكب
على شفاهي، فثني الغصن وانسكبي
يضوع سحرك «أخت الموج» هائمة
وقد تأزر فيك البحر بالسحب
حبيبة الأفنان في فمها
إني أغار من العشاق فاحتجبي»
«حسن الصلهبي»
بريدة ص.ب: 10278 |