أثار الكتاب الذي طرحه سمو الشيخ فواز بن محمد آل خليفة رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة في البحرين الشقيق بعنوان «خليجي.. الفكرة والتأسيس» وتناول فيه بداية دورة الخليج..، وكيف برزت.. ناسباً ذلك كله إلى دولة البحرين الشقيقة.. مستنداً إلى وثائق ومكاتبات اوردها في كتابه المذكور.. اقول: اثار هذا الكتاب جدلاً في الأوساط الرياضية الخليجية والإعلامية منها على وجه الخصوص..، ونفض الغبار عن موضوع قد أسدل الستار عليه.. وقضي فيه الأمر قبل اربع سنوات بشهادة اجمع الخليجيون على الاعتراف بها، والقبول بها..!.
واعادنا هذا الكتاب سنوات.. للوراء.. كانت فيه فكرة الدورة.. تمثل جدلاً في الأوساط الخليجية يتكرر مع كل دورة.. حتى أن البعض كان ينسب الفكرة إلى شركة سجائر عرضتها على البحرين.. وتم رفض عرض الشركة برعايتها.. وتبنت البحرين الفكرة.، واعتقد ان مثل هذا الرأي ابعد عن الصواب... وان كان هناك علاقة لشركة سجائر.. فربما جاء بعد طرح الفكرة.. لتتولى الشركة رعايتها.. كما كان يحصل مع بطولة كأس العالم للشباب أو للناشئين ورعايتها من قبل احدى الشركات.
وانه تم رفض فكرة الرعاية.. لعدم القناعة بها ولتعارضها مع اهداف الدورة..
شخصياً لم اتشرف بالاطلاع على كتاب الشيخ فواز.. ولكن ومن خلال قراءاتي لما كتب عنه.. فمن المؤكد انه تضمن وثائق.. ومكاتبات رسمية.. دون توثيق رسمي لأصل ومنشأ الفكرة، وهي وثائق تمثل آلية التنفيذ والخطوات التي تمت لترى الدورة النور.. وهي أمور لا تدل على اصل الفكرة ومنبعها.
فقد نادى «دي كوبرتان» وهو فرنسي ببعث الالعاب الاولمبية من جديد.. ويعتبر هو صاحب الفكرة ورائدها.. وانطلقت من اليونان مهد الالعاب الاولمبية القديمة.. وظلت الفكرة منسوبة اليه.. ولم تنسب إلى اليونان، وكذلك جول ريميه في كأس العالم.. حيث انطلقت من اورجواي.. وظلت الفكرة تنسب لجول ريميه حتى بعد تغيير مسماها إلى كأس العالم.
والافكار.. دائماً مطروحة.. وهناك افكار.. ابداعية.. واخرى تحاكي أفكاراً اخرى بالامكان اطلاقها.. ووارد ذلك من أي شخص مثل كثير من الدورات الرياضية القارية.. أو للأندية وغيرها.
وإذا كان المهم لدينا كدول خليجية وجود هذه الدورة واستمرارها.. بغض النظر عن صاحب الفكرة.. ودون دخول في نقاش أو جدل لا يخدم الدورة.. فإن من المهم ايضاً ومن باب نسب الفضل لأهله.. الاعتراف بصاحب الفكرة.. ليس لانه اطلقها فقط.. وهي فكرة قد ترد.. ولكن متأخرة...، وانما في مبادرته في ذلك الوقت.. كفكرة سبقت عصرها.. مما يدل على انه يحمل فكرا كرويا ناضجا... ووعيا بأهمية المرحلة.. وبعد نظر في قراءة المستقبل..، ولا اعتقد ان التوصل لصاحب الفكرة امر صعب.. إذ لم يمض عليها زمن يدخل بها عالم المجهول.
واعتقد ان هناك حقيقتين هامتين يمكن الاستدلال منهما على حقيقة الموقف:
الأولى
في الحفل الختامي لخليجي 14 الذي استضافته البحرين الشقيقة للمرة الثالثة.. قال الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة في البحرين انذاك.. وهو شخصية رياضية معروفة... واقدم شخصية رياضية خليجية الآن.. وممن عاصروا دورات الخليج من البداية: ان صاحب الفكرة هو صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي كان مديرا لرعاية الشباب في المملكة العربية السعودية ذلك الوقت ويجب تكريمه.. واعتباره ضيف شرف لكل بطولات الخليج تقديرا لمكانة سموه وفكرته، كما تم تكريمه في خليجي 15 هذه الأيام.
والشيخ عيسى مرجع في هذا المجال، ولا اعتقد انه في حاجه.. لان يعلن.. او لا يعلن تلك المعلومة اكثر من صدق النية في التوثيق، ورصد التاريخ.
الثانية
قبل ايام.. وليلة انطلاق خليجي 15 وفي لقاء تلفزيوني معه.. قال صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.. عن كيفية طرح الفكرة وولادتها.. وبلغة تحمل الكثير من التواضع.. انه في نهاية الثمانينيات الهجرية (الستينيات الميلادية) قام منتخب البحرين الشقيق بزيارة المملكة بدعوة من رعاية الشباب ولعب ثلاث مباريات مع منتخبات المناطق الشرقية، الغربية، ثم الوسطى حيث اقيم له حفل تكريم في فندق صحاري المطار.. وعدّد سموه بعض الحاضرين ممن لازالوا يتمتعون بالصحة والعافية ويتسنمون مناصب قيادية في القطاعين الخاص والعام.. ومنهم صاحب السمو الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم آنذاك، وفي كلمته الترحيبية بالوفد البحريني اثنى سمو الأمير خالد الفيصل على مثل هذه اللقاءات بين الاشقاء، واهميتها في تدعيم اواصر المحبة، ودعا سموه برغبة صادقة.. إلى امكانية تنظيم مسابقة على كأس الخليج بين دول المنطقة.
بعد هذه الرحلة بأشهر.. قام سمو الشيخ محمد بن خليفة بعرض الفكرة على رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم اثناء مؤتمر في المكسيك عام 1968م.. حيث رحب بها.. وبدأت الخطوات التنفيذية حيث تولت البحرين ذلك.. ودعت دول الخليج الاربع الكويت السعودية قطر بالاضافة للبحرين لاجتماع في المنامة تم خلاله اقرار البطولة.. الخ!!.
ما لم يذكره سمو الأمير خالد.. أو الشيخ محمد أو التاريخ.. هل تبني الفكرة ونقلها للاتحاد الدولي تم بالتنسيق بين رعاية الشباب في المملكة والاتحاد البحريني بحيث تتبنى البحرين التحركات والاتصالات لاسباب معينة تختص بها.. وتسمح لها بذلك.. ام ان سمو الشيخ محمد آل خليفة استمع للفكرة.. ثم بدأ يطبخها على نار هادئة.. ثم تبناها بمبادرة فردية..؟!.
على ان كلا الأمرين لا يلغي او ينفي وجاهة الفكرة.. ونجاحها.. والثناء على تنفيذها.. وايضا اعطاء الحق لصاحبها.
ثم ان الذين استهشد بهم سمو الأمير خالد الفيصل مازالوا يعيشون بيننا في السعودية والبحرين وبالامكان توثيق المعلومة عن طريقهم.
واذا كان من المهم استمرار الدورة.. فمن المهم ايضا.. اجلاء الغموض عن صاحب الفكرة.. واعطاؤه حقه.. لان هذا تاريخ.. والتاريخ هو جزء من حياتنا.. ويجب ان يكون صادقا ولا فرق بين صاحب الفكرة.. وراعيها.. أو من تولى آلية التنفيذ.. فلهذا حق.. ولاولئك فضل.
ولابد ان نشيد هنا بسمو الشيخ فواز.. وخطوته في توثيق الدورة.. وكتابة تاريخها.. وان ندرك حسن النية لديه.. إذ اعتمد على ما لديه من حقائق رأى انها المصدر والمرجع.. وبالإمكان تصحيح بعض المعلومات ان احتاجت لذلك.. وتلافيها في طبعات أو اصدارات اخرى..، واعتقد ان سموه هو اول من ينادي بذلك.
والله من وراء القصد..
|