يا اخوان ترى الرزق في بلادنا وفير ويمكن الحصول عليه بأسهل الطرق، اذا تخلصنا فقط من النظرة الكلاسيكية للعمل. مشكلتنا عندما نفكر في العمل إما أن نفكر في الوظيفة الحكومية أو في التجارة العادية كالبيع والشراء والمطاعم وغيرها.
والشباب مع الأسف يريدون أيضاً أن يصلهم العمل إلى بيوتهم ومكتب الوظيفة يأتيهم وهم في مراقدهم، لا يريدون بذل أي جهد للوصول إلى الوظيفة ولا أعني بالجهد جهد الدوران من دائرة إلى أخرى ومن مكتب توظيف إلى آخر. فالوظائف التي تأتي من هذا الطريق أصبحت محدودة مهما كانت شهاداتك أو خبراتك، لكن الإنسان خلق ليفكر، ليخرج بأفكار جديدة. وليس كل هذا التطور الذي نستمتع به ونخوض فيه صباحاً ومساء سوى ثمرة التفكير الخلاق والبحث الدؤوب في داخل المخيلة. فالشاب يستطيع أن يستفيد من تبطحه على الفراش والبحلقة في سقف الغرفة وطقطقة أصابعه بأن يبتكر في هذه الهنيهات الطويلة أعمالا تناسب قدراته وامكانياته، يجب على المرء أن ينسى الوظائف العادية حتى لو حصلت على وظيفة عادية فدخلها لن يحقق أي شيء من طموحاتك، الأسعار تتصاعد والحياة تتعقد والمطالب تتزايد. ومع هذه التعقيدات المستمرة في سوق العمل لاحظت أن عدداً من الرجال والنساء غامروا وعادوا من مغامراتهم بأعمال خلاقة. أعمال جديدة خلقوها بأنفسهم. على سبيل المثال لا الحصر، في أيام البطالة كأيامنا هذه يزداد الطلب على الاستراحات والقهاوي والمعسل. ثلاثي العطالة هذا يمكن تحويله بتفكير بسيط إلى ثلاثي منتج وخلاق. أستغرب لماذا لا يقوم الشاب العاطل مع أقرانه العاطلين بتصنيع المعسل في داخل الاستراحة، فهو هنا يضرب عصفورين بحجر واحد كما يقول الانجليز بل ثلاثة عصافير أو أربعة عصافير اذا أردنا الدقة لأنه أولاً سيكون منتجاً وسينضم إلى قائمة العاملين المساهمين في دفع عجلة التطور في بلاده. الشيء الثاني سيوفر قيمة المعسل الذي يشتريه من محلات المعسل. فكما نعرف فان العاطل في حاجة لكل قرش في جيبه، وفي الوقت نفسه لا يستطيع أن يستغني عن المعسل رفيق أيامه الفاضية. الثالث سيحقق دخلاً عظيماً اذا فكر في تسويقه وبيعه، وصناعة المعسل لها عدة ميزات منها. أنها لا تحتاج إلى ترخيص من أحد. يشتري الشاب الطموح كم حزمة تبغ وكم قارورة قلسرين وأي نكهات يراها مناسبة ويخلطها ويدفع بالمنتج إلى السوق. فاذا مات أحد أو تسرطن فهو غير مسؤول عنه لأنه أصلا يعمل خارج القانون وفي الوقت نفسه لا يوجد قانون يعاقبه لخروجه عن القانون. أهم شرط ألا يقع في منافسة مع بائعي الدخان الهوامير، يعني لا يحاول أن يعطي لمعسله اسماً يشابه لأي اسم من أسماء الدخان المستورد. وقد حدث هذا وتدخلت الادارة المسؤولة بحزم وأوقفت المعتدي عند حده ولله الحمد. فإذا التزمت بهذا الشرط البسيط، لك أن تصنع ما تريد وتخلط ما تريد وتسوق أينما تريد. لا حسيب ولا رقيب، لكن النقطة الهامة في تسويق المعسل هو التوفيق في اختيار النكهات والاسم. والملاحظ على أسماء المعسل أنها كلها مع الأسف مسميات عربية خلطة (أبو فلان، معسل يا ليل عين) الخ.. لذا أقترح على الشاب العاطل عند تسويق منتجه من المعسل أن يلجأ إلى الأسماء الأجنبية ويتخذ من تجار الشمغ مثله الأعلى. فتجار الشمغ وضعوا على رؤوسنا كل الأسماء الأجنبية، بالتسمية الأجنبية تخف بها العالم مثل ما خفوا بنا تجار الشمغ ما رأيكم في (معسل بروكلين) واذا لاحظت أن معسلك أحمر وخاثر وراهي فأفضل اسم له هو معسل مونيكا. أما اذا لاحظت أنه يميل للسمرة ونثري فضعه في علب طويلة فارهة وسمه معسل نعومي كامبل. وهكذا على المرء أن يستفيد من خياله ومن تبطحاته المستديمة ومن ايحاءات القنوات اللبنانية ومن وضع اخوانه العاطلين المتعطشين لأنواع جديدة من المعسل. ويستفيد أيضاً من الفوضى الضاربة في كل الأنحاء. يا اخوان ترى كل شيء في بلادنا يمكن الاستفادة منه وتوظيفه عدا الشباب أنفسهم.
فاكس 4702164 |