* تغطية عبدالحفيظ الشمري:
في اليوم الثالث من أيام النشاط الثقافي بالجنادرية هذا العام.. أقيمت في قاعة الملك فيصل ندوة بعنوان «فلسطين.. الانسان والأرض» والتي شارك فيها كل من الدكتور عصام أحمد البشير، والشيخ الدكتور عكرمة صبري والدكتور أحمد صدقي الدجاني، والأستاذ مصطفى بكري.. وأدارها الدكتور نزار عبيد مدني والذي مهد لهذه الندوة بتعريف بحيثيات هذه الندوة وأسباب عقدها.. وألمح الى ان القضية الفلسطينية أو المأساة الكبرى لشعب فلسطين هي تشريد الشعب الفلسطيني واختراع العديد من الأوهام في حق الانسان في الأرض.
وأكد مدير الندوة على ان قضية الانسان لم تكن بعيدة عن قضية الأرض فقد انطلقت العديد من الدوافع الانسانية والتاريخية في هذا المجال.
قدم الدكتور نزار عبيد مدني أول المحاضرين في هذه الندوة وهو فضيلة الشيخ الدكتور عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى والمفتي العام للديار الفلسطينية والذي استهل ورقته قائلا:
«الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أيها الاخوة الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فمن رحاب المسجد الأقصى المبارك من أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، من مسرى محمد عليه الصلاة والسلام أنقل لكم تحيات اخوانكم المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، ثم أتوجه بالشكر الجزيل للاخوة القائمين على هذه الندوة وبارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا».
ويقول الله سبحانه وتعالى:(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير».
هذه الآية الكريمة هي أول سورة الاسراء، وهي من السور المكية التي اهتمت بشؤون الايمان والعقيدة والتوحيد شأنها في ذلك سائر السور المكية.
لقد تصدرت سورة الاسراء بذكر معجزة الاسراء التي كانت مظهرا من مظاهر التكريم الالهي لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وتطيبا لخاطره وتثبيتا لفؤاده، هذه المعجزة التي تدل على قدرة الله سبحانه وتعالى في صنع العجائب والخوارق والغرائب.
هذه المعجزة التي منحت البركة لبلاد فلسطين من البحر الأبيض المتوسط غربا، وحتى نهر الأردن شرقا، وهناك رأي لعلماء التفسير لتشمل البركة بلاد الشام، وما دامت المباركة حول الأقصى فالمباركة في الأقصى أقوى وأشد وأولى.
والسؤال: ما الحكمة من ان الاسراء كان الى مدينة القدس وان المعراج كان منها؟ لقد ذكر علماء التفسير والتوحيد عددا من الحكم منها:
لأن بيت المقدس أرض المحشر والمنشر فوطأ عليه الصلاة والسلام بقدميه الشريفتين مدينة القدس في معجزة الاسراء.
لأن بيت المقدس مجمع أرواح الأنبياء عليهم السلام.
لإمامة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالأنبياء عليهم السلام في الصلاة، لأنه هو خاتم الأنبياء والمرسلين وهو شفيعهم يوم القيامة، ولأن رسالته آخر الرسالات التي شملتها جميعها.
للاعلان عن اسلامية القدس والديار الفلسطينية، ولربط القدس بمكة المكرمة برباط وثيق: عقيدة وعبادة، فالعبادة من خلال معجزة الاسراء والمعراج، والعبادة باعتبار ان القدس هي قبلة المسلمين الأولى وان مكة المكرمة قبلة المسلمين الدائمة، يقول رسولنا الأكرم عليه الصلاة والسلام:«لا تشد الرحال إلا الى ثلاث مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى».
التغلغل الأوروبي في فلسطين ودسائس الاستعمار
ومع تدهور أوضاع الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر ازدادت الأطماع الأوروبية في وراثة التركة العثمانية، حتى أطلق على هذه الدولة بالرجل المريض، وبالتالي ازدادت الضغوطات الأوروبية للحصول على امتيازات متعددة من هذه الدولة الضعيفة، ومن ذلك: قانون تمليك الأجانب للأراضي والذي صدر عام 1876م، والتمتع بامتياز حماية رعايا الطوائف غير المسلمين حيث قامت فرنسا برعاية المسيحيين المواطنين الكاثوليك، وروسيا برعاية المسيحيين الأرثوذكس، وألمانيا وبريطانيا وأمريكا بحماية الرعايا البروتستانت واليهود.
كما تم السماح منذ عام 1876م بهجرة اليهود الى فلسطين وتمكنت الدول الأوروبية من فتح قنصليات لها في مدينة القدس مما كان له آثار سيئة على ا لدول العثمانية، وازداد النفوذ الأوروبي أكثر وأكثر في القدس بخاصة وفي فلسطين بعامة، هذه القنصليات التي لعبت دورا كبيرا في التدخل في شؤون الدول العثمانية والسيطرة شيئا فشيئا على مدينة القدس.
أطماع اليهود في فلسطين
منذ قرون عديدة
إن مما لا يخفى ان اليهود طامعون في فلسطين منذ قرون مضت وقد عقدوا عدة مؤتمرات في غاية السرية، وذلك لوضع خطط استراتيجية لتحقيق مآربهم، وقد ظهر ذلك واضحا جليا في مؤتمر بازل الصهيوني، ويقال له مؤتمر بال حسب لغات أخرى، وكان ذلك عام 1315ه/1897م في سويسرا وتمخض عن هذا المؤتمر قرارات سميت ب«بروتوكولات حكماء صهيون» التي تنص على وجوب اقامة دولة يهودية في فلسطين، ولابد من العمل على تفوق اليهود على سائر شعوب العالم والسيطرة عليها من خلال نشر الفساد وافتعال الخلافات فيما بينها، ثم خطت الصهيونية العالمية خطوة أخرى حينما انضم اليهود في العالم الى معسكر الحلفاء في الحرب العالمية الأولى والتي بدأت سنة 1914م فأخذوا جائزتهم على حساب غيرهم وذلك حينما أصدر المدعو «آرثر جيمس بلفور» وزير خارجية بريطانيا وقتئذ تصريحا بأن يكون لليهود وطن قومي في فلسطين وعرف هذا التصريح بوعد بلفور وكان ذلك في 2/11/1917م فقد صدر عن هذا الوعد ممن لا يملك الى من لا يستحق، فإن بلفور لا يملك شيئا في فلسطين، وان اليهود لا يستحقون هذا الوعد حيث لم يكن لهم وجود في فلسطين.
الهجرة اليهودية
الى فلسطين وحمايتهم
من قبل بعض الدول
لقد دخل العامل الصهيوني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بقوة في هذه المرحلة وذلك بعد التبلور النهائي داخل الحركة الصهيونية لاقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين، وبهذا التقت المصالح الصهيونية بالمصالح الأوروبية الغربية، وخاصة بريطانيا التي كانت تركز على حماية طرق المواصلات مثل قناة السويس في مصر، وعلى زيادة نفوذها في المنطقة.
وكانت بريطانيا تشجع هجرة اليهود الى فلسطين واستملاكهم للأراضي، وكانت توليهم عناية خاصة وتمنحهم الحماية الشاملة، وتضغط على الدولة العثمانية التركية لتسهيل تحقيق هذه الأهداف، فالقانون الذي صدر عام 1887م الذي ينص على منع المهاجرين اليهود من السكن في القدس قد الغي في عام 1888م حيث سمح لهم بالسكن بشكل فرادى، أما القانون الصادر عام 1892م والذي ينص على منع بيع أراضي الدولة لليهود فقد الغي عام 1893م وذلك بضغط من الدول الأوروبية وبخاصة بريطانيا.
هذا وقد بلغ عدد من تمتع من اليهود بحماية عشر قنصليات أجنبية في القدس عام 1899م الى تسعة آلاف يهودي، وكان معظهم قد أتى من روسيا وبولندا ورومانيا، فقد اتجهوا الى أمريكا في بادىء الأمر، ثم تسللوا الى فلسطين مستغلين انشغال الأتراك في مشاكلهم الداخلية والخارجية.
كما تشير الاحصائيات بأن عدد اليهود الذين وصلوا الى فلسطين حتى عام 1948م قرابة «483» ألف يهودي، منهم «65» ألف استوطنوا في مدينة القدس، حتى أصبح مجموع عدد اليهود في مدينة القدس «99» ألفا بينما عدد السكان العرب هو «65» ألفا فأصبحت الأغلبية لليهود، وهذا مؤشر بأن اليهود كانوا يكثفون وجودهم في مدينة القدس، بتشجيع من بريطانيا لوقوع فلسطين تحت حكمها.
وبعد قيام دولة اسرائيل عام 1948م تزايد عدد الذين هاجروا من اليهود من مختلف دول العالم، وتشير الاحصائيات ان عدد اليهود الآن في فلسطين قرابة خمسة ملايين يهودي مقابل أربعة ملايين مواطن عربي.
وتحدث الدكتور عكرمة عن قضايا أخرى اسهمت في تهويد أرض فلسطين وكذلك قضية الاستيطان وأخطر ما ذكره المحاضر هو التدرج في بناء المستوطنات فكانت أول مستوطنة عام 1878م ثم أقيمت العديد من المستوطنات الأخرى.
تلا ورقة الشيخ الدكتور عكرمة ورقة عمل أخرى قدمها فضيلة الدكتور احمد صدقي الدجاني والذي قدمه مدير الندوة وعرف بسيرته الذاتية والعلمية والعملية والتي تكللت بالعديد من الدراسات والمؤلفات ومن ثم قدم ورقته حيث استهلها بالحديث عن القضية الفلسطينية باعتبارها أهم قضايا العصر الحديث مستشهدا بالآيات الكريمة التي تثبت حقيقة أرض الاسراء والمعراج.
أشار المحاضر الدجاني الى ان ورقته الخاصة في هذه الندوة لن يقرأها بشكل نص واحد.. إنما سيسعى الى عرض جملة من النقاط التي تشغل بال الأمة الاسلامية والعربية.. فالعدو الاسرائيلي يرى ان قضية الاعلام هي أهم الوسائل الحديثة التي تساعد على التضييق على الشعب الفلسطيني وكبته وتدميره لذلك نجده قد استعملها كثيرا.
وأهم ما دعا اليه الدكتور الدجاني هو «البصيرة» في تقديم الأحداث وذلك من خلال تقديمها بكل صحيح وواضح لا لبس به.
وأشار الدكتور الدجاني الى ان الشعب الفلسطيني قاوم التتار والغزاة الآخرين واستطاع على مدى عقود يثابر من أجل بقاء وطنه على وجه هذه الأرض.
وعن الحقيقة الأخرى التي يراها المحاضر بأنها تتمثل في «مطمع الغزاة» التي ولدت في العديد من أهداف وأطماع المستعمرين من أمثال أمريكا ودول أخرى ويرى أن من المهم جدا ان نقول بأن الاستعمار الغربي منذ سقوط الأندلس كان العنون هو العنصرية حيث هدموا العديد من الحضارات وجاءت بعد هذه الأحداث الأخيرة في أمريكا قبل أشهر العديد من المخططات الأخرى لهدم ما تبقى.
وعن الوسائل الاستعمارية تحدث الدجاني مؤكدا على ان بريطانيا مسؤولة عن هذه الهجمة الضارية على فلسطين حيث استطاعت ان تثبت انها راغبة في التغلغل من خلال الغزو الاستعماري.
محاور الهجمة الجديدة
ضد فلسطين
وختم الدكتور أحمد الدجاني ورقته «أو حديثه» مشيرا الى ان القضية الاقتصادية هي الأخطر في هذا السياق حتى أننا سجلنا العديد من القضايا ضد هذا العدو الذي يشتد خطره، وتزداد عنجهيته يوم بعدا آخر.
وضرب المحاضر العديد من الأمثلة الجديدة حول اشكالية الحرب الجديدة ضد الشعب الفلسطيني مؤكدا في هذا السياق أن «أمريكا» هي الخطر الأهم وخصوصا في تصريح «جورج بوش» قبل يومين بأن اسرائيل هي بمثابة القاعدة العسكرية الأهم للولايات المتحدة الأمريكية.. ويؤكد على ان الحرب التي نحن بصددها اليوم ترتكز على أربعة محاور هي الرأسمالية، والدولة العظمى، والمؤسسة العسكرية متمثلة في «حلف الناتو» والرابعة هي ما يعرف بالنظام العالمي الجديد.
كما قدم مدير الندوة المتحدث الثالث في هذه الندوة وهو سعادة الدكتور مصطفى بكري من خلال سيرة ذاتية مقتضبة ثم استهل ورقته قائلا:
«فلسطين الأرض والانسان، ياله من عنوان مهم يجسد ذلك الترابط التاريخي بين الانسان الفلسطيني وأرضه التي بقيت ولا تزال هدفا للمستعمرين، لكن الانسان الفلسطيني بقي دائما ملتصقا بهذه الأرض، مدافعا عن التاريخ والجغرافيا، رافضا ان يبرح هذه الأرض، وعندما يجبر على ذلك يبقى حلمه الأبدي العودة اليها.
وشعب فلسطين هو خلاصة تواجد انساني على هذه الأرض الطيبة من آلاف السنين، مارس حياة متقدمة على هذه الأرض تشهد بذلك المكتشفات الأثرية في كل من أريحا وجازر ومجدو.
وفي الألف الخامس قبل الميلاد دخلت فلسطين في طور جديد من أطوارها حين وفد اليها ومن قلب الجزيرة العربية قبائل العمورين والكنعانيين ومعهم اليبوسيين، الذين تفرعوا عنهم.
وقد سميت البلاد في هذا الوقت بأرض كنعان، ويذكر د. فيليب حنّى في كتابه «تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين» إن اسم كنعان اطلق في بداية الأمر على الساحل وغربي فلسطين، ثم أصبح الاسم الجغرافي المتعارف عليه لفلسطين وقسم كبير من سورية.
ويذكر البروفيسور «رينسون» في كتابه تاريخ إسرائيل أن الاسم «كنعان» يستخدم في بعض الأحيان كلفظ له طابع يميز سكان فلسطين الذين سكنوها منذ القدم.
ولما نزل الفلسطينيون وهم على ما يرى بعض العلماء أقرباء للكنعانيين، ومن نفس جنسهم، لما نزلوا إلى الساحل الكنعاني الجنوبي حوالي عام 1185ق.م دعي الساحل باسم «فلسطين» وأطلقت هذه التسمية من قبيل تسمية الكل باسم الجزء.
وفي القرن السابع الميلادي حدثت الموجة العربية الكبرى التي حملها الإسلام والتي شكلت بداية مرحلة تاريخية هامة في حياة الشعب الفلسطيني كونت ملامحه وطبعته بطابع الشخصية العربية.
وقد ارتبط الانسان الفلسطيني بأرضه، وراح يقيم العمران عليها، ويقول جيمس هنري برستيد في كتابه العصور القديمة «ولا يخفى أن الكنعانيين كانت ذات حضارة قديمة، نشأت منذ ألف وخمسمائة سنة «قبل العبرانيين» ومنازل متقنة حوت كثيراً من أسباب الراحة والرفاهية وصناعة وتجارة ومعرفة بالكتابة وديانة، إنها حضارة اقتبسها أولئك العبرانيون السذج من الكنعانيين.
وفي عام 1948م تعرضت فلسطين لمؤامرة بشعة، هدفها فك ذلك الترابط الأبدي بين الانسان الفلسطيني وأرضه، فأقام الصهاينة المجازر البشعة ضد المواطنين العزل في ظل تواطؤ دولي مريب فجرى تدمير 385 قرية فلسطينية في هذا الوقت، وأثمرت هذه المؤامرة عن تشريد أكثر من نصف السكان الفلسطينيين وحولتهم من مواطنين إلى لاجئين ولعبت منظمات صهيونية ارهابية مثل الهاجاناة وشتيرن والأرجون الدور الأساسي في تنفيذ هذا المخطط في هذه الفترة.
ولقد تعرض الفلسطينيون تحت نيران الاحتلال إلى كافة أشكال القهر العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتى هؤلاء الذين فرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية من عرب ال«1948م» لم يسلموا من عمليات التمييز والقهر ومحاولات طمس الهوية.
ودعمت الولايات المتحدة المخطط الإسرائيلي منذ البداية، ودخلت المخابرات المركزية الأمريكية طرفاً أصيلاً في صياغة الاتفاقيات الأمنية وتقديم المقترحات التي تستهدف بالأساس اشعال الحرب الأهلية الفلسطينية الفلسطينية، من خلال محاولات تحريض السلطة الفلسطينية على بعض الفصائل الأساسية المكونة لحركة النضال الوطني الفلسطيني، وفي المقدمة منها حماس والجهاد وبعض المنظمات المناضلة الأخرى.
ورغم محاولات السلطة الفلسطينية اجهاض هذا المخطط منذ بداياته إلا أن الضغوط المتتالية التي تمارسها واشنطن وتل أبيب دفعت القيادة الفلسطينية إلى اتخاذ بعض الاجراءات التي اعتبرها الشارع الفلسطيني خروجاً على ثوابت الوحدة الوطنية الفلسطينية فيما يتعلق بالاعتقالات التي تشن ضد العناصر الجهادية التي تتهم بأنها تقف وراء العمليات الاستشهادية، وإذا كنا ندرك تماماً حجم الضغوط التي تجبر الرئيس عرفات على المضي في هذا الطريق، إلا أننا يجب أن نحذر في المقابل من أن هذا الطريق لن يصب اطلاقاً في صالح القضية الفلسطينية، وإنما سيأتي بنتائج عكسية من شأنها أن تحدث شرخاً في الوحدة الوطنية الفلسطينية كما حدث في أعقاب اعتقال الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعادات. ولعله من المهم التأكيد هنا أن الكيان الصهيوني هو المستفيد الوحيد من جراء هذا التوتر الذي تشهده الساحة الفلسطينية بسبب سياسة الاعتقالات التي تقوم بها الشرطة الفلسطينية ضد المجاهدين خاصة الذين ينتمون إلى فصائل المقاومة، واغلاق كافة المؤسسات الخيرية والتعليمية التابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي واغلاق مكاتبهما في الضفة وقطاع غزة.
ونستطيع القول هنا إن الساحة الفلسطينية قادرة على تجاوز هذه الأزمات الطارئة، فقد أكدت الأحداث أن الأولوية للتناقض الرئيسي مع الكيان الصهيوني، وان الخلافات العارضة بين الفصائل الفلسطينية سرعان ما يجري حلها على أرضية الوحدة والثوابت.
وختم الدكتور بكري ورقته قائلاً:
إن الطريق لانقاذ الشعب الفلسطيني وتحرير أراضيه يجب أن يمر عبر:
1 دعم نضال الشعب الفلسطيني وقواه الحية في خيارها النضالي المسلح لتحرير أراضيه ومقدساته بالمال والعتاد والدعم السياسي غير المشروط وتدعيم وحدته الفلسطينية.
2 تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك واعتبار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني عدواناً على الأمة بأسرها.
3 توظيف أوراق الضغط العربية ووقف الاتصالات السياسية مع الكيان الصهيوني وطرد السفراء الإسرائيليين من البلدان التي تقيم علاقات مع العدو وتجميد كافة أشكال العلاقات الأخرى.
4 تحديد أسس العلاقة مع دول العالم وفقاً لمصالحنا القومية واستخدام أوراق الضغط العربية من بترول وودائع ومصالح مشتركة في مواجهة الولايات المتحدة ودول الغرب التي تؤيد إسرائيل غير عابئة بقرارات الشرعية الدولية أو مصالحها الاستراتيجية.
البدء فوراً في تفعيل الخطوات التي من شأنها دعم العمل الوحدوي المشترك خاصة السوق العربية المشتركة وصولاً إلى الوحدة العربية الشاملة وتشكيل جيش عربي موحد لحماية الأمن القومي العربي.
ليس أمامنا من خيار فإما نكون أو لا نكون.
ثم قدم مدير الندوة الدكتور نزار عبيد مدني المشارك الأخير في هذه الندوة وهو الدكتور عصام أحمد البشير بسيرة ذاتية وعلمية ثم تحدث المحاضر البشير في البداية عن معالم وصور لم تذكر من المحاضرين السابقين.. واستهل قوله بآيات من الذكر الحكيم ثم شرح بعض التفاصيل المتعلقة بفلسطين باعتبارها علماً من أعلام المكان.
وأشار المحاضر البشير إلى أن أرض فلسطين هي أم الأرض.. وهي الأرض التي حملت الخلافة الإسلامية.. وأهل فلسطين هم أهل الجهاد منذ مئات السنين..
وألمح المحاضر إلى أن الواقع الماثل للقضية الفلسطينية ذلك أن التحدي الماثل الذي يجب أن نجيل فيها النظرمن منطلقات هامة هي:
ان الأزمة الفلسطينية هي استهداف شامل للهوية العربية، والخصوصية الحضارية للأمة المسلمة.
ضرورة الإيمان بأن هذا التحدي الآسن والشرس من شأنه أن يولد اليقظة من الرقاد الذي نستسلم له اليوم.. وشرح الدكتور البشير رؤيته حول هذا التحدي الذي تعيشه الأمة الإسلامية.
الانتقال من حالة الاعتذار إلى محاولة الهجوم، وكشف هذه الافتراءات المغرضة.
ان نجعل من هذه الأصوات الغربية سلاحاً قوياً نستخدمه من أجل قضيتنا.
وأضاف المحاضر البشير إلى أن السياق التاريخي لهذه القضية الانسانية التي لازال طاقة حية تستطيع أن تقوي عزائم المسلمين والعرب في هذه الظروف العصيبة.. فهو يرى أن الخطاب الإعلامي يجب أن يكون قوياً مؤثراً يحد من ظاهرة الاختلال في المفهوم الغربي.. فيؤكد أن على العرب والمسلمين أن يحاولوا كشف هذه الدلالات والاشاعات والأكاذيب التي يقدمها الغرب.
وفي ختام ورقة الدكتور البشير وردت إلى مدير الندوة العديد من الأسئلة المكتوبة والتي تركزت على العديد من الرؤى التي تخالف المحاضرين فيما ذهبوا إليه.. كما أنها تستفسر عن بعض التداخلات التاريخية.
وفي ختام هذه المداخلات والأسئلة شكر الدكتور نزار عبيد مدني المحاضرين والحضور ووعدهم بمواصلة البحث والتشاور حول قضية العرب والمسلمين الهامة فلسطين.
|