* عمان الجزيرة:
وسط النداءات المتكررة من جانب السلطة الفلسطينية المحاصر رئيسها في مكتبه برام الله وتوالي عمليات التنكيل الاسرائيلي بالشعب الفلسطيني وتنامي وتيرة الحديث عن اجراءات امريكية وشيكة ضد عرفات والسلطة، بصورة قد يشتم منها رائحة انهيار العمود الفقري للسلطة ودخول المنطقة في دوامة عنف مجهولة النتائج..
وسط ذلك وغيره كثير من الاتهامات الصريحة والتلميحية الفلسطينية للأمة بالتخاذل «والصمت المريب» عما يجري.. تفاعلت الدبلوماسية العربية في المنطقة، وكانت البداية الأكثر تأثيرا، القمة السعودية الأردنية بداية، ثم القمة الأردنية الكويتية اليوم الاثنين، وعلى هامش القمتين جولة سابقة لامين عام الجامعة العربية عمرو موسى شملت العواصم المعنية هذه، بعد زيارة بغداد ثم زيارة وزير الخارجية المصري احمد ماهر لعمان امس الاحد وهي تفاعلات يبدو انها ستتواصل بهدف الخروج بموقف عربي منسق، تقوده عواصم الاعتدال العربي، ليحمله رئيس القمة العربية الملك عبد الله الثاني، عاهل الأردن الى واشنطن في زيارته الوشيكة لها، نهاية الشهر الجاري.
المصادر الأردنية ذات الصلة قالت ان مسلسل العنف الدامي المستمر في اراضي السلطة الفلسطينية على يد الحكومة الاسرائيلية وتداعيات ذلك التي باتت تشير الى اجراء امريكي يخرج السلطة الفلسطينية من قواعد اللعبة السياسية في الشرق الأوسط.وبعد تجميد مهمة زيني، ينذر بتطورات مجهولة لا احد يتكهن بمداها، الا ان أصواتا عربية خافتة ما زالت تعتقد بصورة أو بأخرى ان ياسر عرفات ليس بمقدوره عمليا اتخاذ اجراءات حازمة وحاسمة ضد بعض الفصائل الخارجة عن طوعه التي غالبا ما نفذت عمليات داخل اسرائيل في «توقيتات» غير مناسبة من وجهة نظر سياسية، وعلى نحو جعل واشنطن تفكر وتدرس عمليا امكانية البحث عما يسمى بالبديل.وبينما يحاول الفلسطينيون في الداخل الفلسطيني اشاعة اجواء تؤكد تمسكهم بزعامة عرفات ورفضهم لفكرة «البديل» وذلك من خلال المسيرات السلمية الحاشدة التي تتوجه يوميا من مختلف المناطق الفلسطينية الى رام الله، حيث المقر الرئيسي للرئيس عرفات، فان بعض الدوائر السياسية العربية تشكك في جدوى ذلك امام مطالب واشنطن الصريحة والواضحة لعرفات لتأكيد سلطته وزعامته من خلال احتواء سائر الفصائل الخارجة عن طوعه، وهو امر يبدو غاية ليس في الصعوبة فقط وانما في الخطورة امام زعيم تشتد مطالبات شعبه بالحفاظ على «الوحدة الوطنية» واطلاق سراح المعتقلين لدى السلطة، لا بل والكف عن الثقة بالسياسة الامريكية التي توصف فلسطينيا بالانحياز التام الى جانب «شارون».الى ذلك ترى اوساط عديدة هنا ان القمة الأردنية السعودية وما سيتمخص عنها من موقف مشترك سعودي اردني مدعوم مصريا، ستكون بمثابة دبلوماسية اللحظة الاخيرة، وفي مباحثات الملك عبد الله الثاني في واشنطن.في وقت تبدو فيه الولايات المتحدة او هي «تتظاهر» كمن نفض يده من التعامل مع ياسر عرفات.مصادر عديدة ترى ان الموقف الامريكي من عرفات ربما يدخل في جانب «الضغط المطلوب» على ياسر عرفات لارغامه على اتخاذ اجراءات صعبة بالنسبة له، وتتعلق بكبح جماح الفصائل المعارضة لا بل ومنعها من مزاولة اية نشاطات سياسية او عسكرية، كتوطئة للدخول في مفاوضات جادة مع اسرائيل تفضي الى اقامة دولة فلسطينية بمواصفات محددة.
وايا يكن من امر فان آمالا فلسطينية وعربية كبيرة تعقد على القمة السعودية الاردنية وما اسفرت عنه من موقف موحد، وما يمكن ان يكون لها من أثر خلال مباحثات العاهل الاردني مع الادارة الامريكية مطلع الشهر المقبل.
في هذه الأثناء، يخرج بعض السياسيين التقليديين عن طورهم في استعادة شريط الاحداث التي شهدتها المنطقة منذ حرب حزيران عام 1967م ليدلل على ان صوت المنطق والعقل والرؤى السياسية الراشدة غير المتطرفة، لدى كل من المملكتين السعودية والأردنية هو الصوت الذي كتب له الاستمرار وهو الذي تعقد عليه الآمال في الملمات خارج اوساط الرخاء، حيث تنتشر الاصوات والمواقف الشعارية التي تغيب ساعة يجد الجد.ويقول هؤلاء السياسيون المجربون لقد اثبت التاريخ والأحداث لا «الفراغ» ان من كانوا يوصفون ظلما بأنهم «حلفاء وأصدقاء» للغرب هم بحق المدافعون الحقيقيون عن الأمة وقضاياها ولكن دونما شعارات.
|