جميلة هي بعض القصص والحكايات سواء التي يكتب عنها من نسج الخيال أو تلك التي تعبر عن واقع الحال، إن عنوان مقال هذا الأسبوع أؤكد أن الكثير سمع عنه من خلال مشاهد إحدى حلقات البرنامج التلفزيوني «طاش 9» الذي عرض في شهر رمضان المبارك لهذا العام، حيث كانت إحدى حلقاته حول سعودة الوظائف في القطاع الخاص، ورائع جداً أن نشاهد برامج تسعى لمعالجة أي خلل في المجتمع.
فقد كانت تلك الحلقة تروي لنا قصتين لنموذجين لاشك أنهما موجودان في أروقة القطاع الخاص، والذي أنا أحد أعضائه، فقصة تدور حول منشأة اقتصادية ترفض توظيف السعوديين مستخدمة طرقاً غير مقبولة تتمثل في توظيف مواطنين وبلا شك برواتب وأجور رمزية، في الوقت الذي لايسمح لهم بالعمل الفعلي إلا عند الضرورة وهذه الضرورة تأتي قرب زيارة مفتشي مكتب العمل الى المنشأة، مقدمين لكل موظف جهاز نداء آلي يتم استدعاؤه عند وجود تلك الحالة الضرورية، وذلك لكي يشهد مفتش العمل على حسن أداء المنشأة ومدى التزامها بتوظيف المواطنين كما هو مرسوم في سياسة التوظيف، تحقيقاً للنسبة المؤية المطلوبة من هذا القطاع، أما المقصود على ما يبدو من مضمون العبارة المكتوبة لعنوان هذا المقال، فتلك عبارة كان يرددها صاحب تلك المنشأة أمام مفتشي مكتب العمل ليبرهن لهم مدى وعيه الوطني في استقطاب وتشغيل عمالة وطنية، وأنه ملتزم ومشجع للسعودة.
أما القصة الأخرى فهي تدور حول صاحب منشأة صناعية تقدم إليه طالب عمل سعودي، وكان من شروط صاحب المنشأة، أن قال له إن أجرك يقاس على مدى عطائك، ولم يكن لطالب العمل وقتها إلا الموافقة على ذلك العرض المقدم له، وما أن باشر عمله وواصل في العمل بكل مثابرة ونشاط، إلا وكان التقدير والمكافأة حليفة من لدن صاحب العمل، ذلك الرجل الواعي.
وعوداً الى التعقيب حول النموذج الأول، فإننا نود القول إن ما نقرأ عنه من وقت لآخر من خلال تصريحات المسؤولين في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وبعض مكاتب العمل في الصحف المحلية، عن اكتشافهم لمنشآت تقوم على طريقة التوظيف الوهمي للعمالة الوطنية، ساعية الى تحقيق النسبة المؤية المطلوبة منها في السعودة بتلك الصورة، لاشك أن البعض من تلك التصرفات واقع وقائم، لكن السؤال المطروح ماهو ياترى السبب في توجه تلك المنشآت بالقيام بتلك الاساليب غير المقبولة، فضلا عن من يرفض منهم البتة توظيف السعوديين لسبب أو لآخر، أو لمن لا يتطلب نشاطه احتياج مستمر للخدمات التي تقدمها مكاتب العمل وبالتالي لايعير لتوظيف السعوديين أي اهتمام؟ فهل هناك سبب أو مانع أدى بهؤلاء الى القيام بفعل هذه التصرفات، أم أن هناك حججاً لديهم يتذرعون بها، ومنها على سبيل المثال ادعاؤهم ضعف بعض الأنظمة المتعلقة بشؤون العمل والعمال والتي حالت دون إيجاد ضوابط قوية في العلاقة العقدية أو عدم قبول طالب العمل السعودي للراتب أو الأجر المقدم له، أو أن هناك ثمة فجوة كبيرة ينشد من خلالها إلى وجوب تنظيمات معينة بين القطاع الخاص والجهات المعنية بشؤون العمل والعمال، وتحتاج منا إلى وقفة أو وقفات لمعالجتها، بالرغم من صدور العديد من التنظيمات التي تعتبر آنياً على أقل تقدير أسهمت في معالجة بعض العقبات والمشكلات التي كانت تواجه عملية السعودة مثل «نظام التأمينات الاجتماعية الجديد صدور نظام صندوق تنمية الموارد البشرية السعي لدى بعض المؤسسات التعليمية في الجامعات ومؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني، بجعل العديد من مخرجاتها التعليمية متوافقة واحتياجات سوق العمل» وفي الوقت نفسه ماينشد في سرعة اصدار نظام العمل «قيد الدراسة» المرتقب صدوره والذي يعد هو الآخر اساس تطوير العلاقة العقدية بين صاحب العمل والعامل.
إن جل ما أود طرحه كرأي أو مقترح حول هذا الموضوع، ألا نرى مستقبلاً مايسمى بالتوظيف الوهمي من أجل تقديم مايثبت تحقيق نسبة للسعودة فحسب، من لدن بعض المنشآت سوى تلك التي تم اكتشافها ومن هم على شاكلتها، وبالمقابل أن توجد أنظمة وخطط تسهم في جعل عملية توظيف ابنائنا أمراً سهل الإتيان به، ويتزامن ذلك مع إثبات الحاجة للعمل واحترام العلاقة العقدية من لدن عمالتنا الوطنية.
والله من وراء القصد،،،
*الباحث في الشؤون العمالية للتواصل فاكس 4560386/01 الرياض 11443 ص.ب 10668 |