Monday 28th January,200210714العددالأثنين 14 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الحدث التوراتي والشرق الأدنى القديم
تأليف فراس السواح، 1993م، 346 صفحة.

إن المعلومات التاريخية والأركيولوجية التي توفرت لدى الباحثين خلال النصف الثاني من القرن العشرين، قد أظهرت بجلاء، الطابع التاريخي للمرويات التوراتية وعدم اتساقها مع تاريخ فلسطين وبقية مناطق الشرق الأدنى القديم خلال معظم الفترة التي تغطيها الأسفار التوراتية، ولقد بدأت ملامح هذا المأزق التاريخي لكتاب التوراة تتضح منذ العقد الأخير من القرن التاسع عشر، عندما وصف بعض الباحثين الأسفار التوراتية بأنها ليست تاريخا موثقا يمكن الركون إليه، وأن مصدرها الرئيسي هو الحكايا الشعبية والملاحم والقصص البطولية مما كان متداولاً شفاهة في فلسطين والمناطق المجاورة زمن تحرير أسفار الكتاب، يقول المؤلف: «إن ما أضافته التقنيات الأركيولوجية الجديدة في فلسطين خلال العقدين الأخيرين على وجه الخصوص، لم يترك للباحثين الجادين مناقشة صحة الخبر التوراتي، ومن هنا بات من المستغرب أن يأتي الهجوم المضاد على الاتجاه الجديد المتحرر من اللاهوت التوراتي من قبل مؤرخ عربي هو الدكتور «كمال الصليبي» وليس من جهة علمية في الغرب. لقد أدرك الصليبي أن الدفاع عن تاريخية التوراة وفق المعطيات العلمية الراهنة هو مسألة خاسرة، فقام بالتفافة على المشكلة برمتها ونقل مسرح الحدث التوراتي من «فلسطين» إلى «غرب شبه الجزيرة العربية» وبذلك تمت حماية المرويات التوراتية من أية مقارنة جدية مع وقائع علم الآثار وعلم التاريخ، لأن المنطقة الجديدة للتوراة مجهولة تماما من الناحية التاريخية والأركيولوجية. والصليبي إذ يكرر عبر فصول كتابه «التوراة جاءت من جزيرة العرب» بأن المرويات التوراتية قد وقعت بحذافيرها وكما سجلها أحبار اليهود، فإنه ينطلق من موقع آمن من هجوم علم الآثار وعلم التاريخ، كما عمد الصليبي إلى حماية نظريته عندما تجاهل مناهج البحث التاريخي ولجأ إلى المنهج اللغوي المقارن.
إن خطورة نظرية الصليبي لا تكمن في محتوى النظرية ذاتها بالدرجة الأولى، بل في المنهج غير التاريخي الذي طبقه على مسألة تاريخية في غاية الحساسية بالنسبة إلى قضايا التاريخ القديم وقضايا الواقع السياسي الراهن، إن المقولات غير المدعمة علميا يمكن أن تقود إلى مزالق ومتاهات أكثر مما توصل إلى حقائق تساهم في النهضة التي يشهدها علم التاريخ وعلم الآثار في هذه المنطقة اليوم، وتفتح الباب أمام البعض لإلغاء العلم التاريخي لمصلحة التبرير والرؤية الانفعالية والايديولوجية لأحداث التاريخ..»
وعليه فالمؤلف وهو باحث في الميثولوجيا وتاريخ الديانات الشرقية، يقدم في كتابه هذا، مناقشة للأطروحات الرئيسية للصليبي، اعتمادا على بعض الحقائق التاريخية والأركيولوجية الثابتة، في مقابل المنهج اللغوي الأحادي الذي أتى بالتوراة من جزيرة العرب، وفي مقابل بعض الدراسات والأبحاث الأخرى التي تتذرع بالشعارات الايديولوجية لتخفي الأسئلة العلمية اللازمة لفهم المسار الحقيقي لتاريخ الشرق القديم وذلك من خلال حوار علمي يتناول المفاصل الرئيسية في هذا التاريخ وبعضاً من أهم مشكلاته ومعضلاته.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved