|
الحدث التوراتي والشرق الأدنى القديم |
إن المعلومات التاريخية والأركيولوجية التي توفرت لدى الباحثين خلال النصف الثاني من القرن العشرين، قد أظهرت بجلاء، الطابع التاريخي للمرويات التوراتية وعدم اتساقها مع تاريخ فلسطين وبقية مناطق الشرق الأدنى القديم خلال معظم الفترة التي تغطيها الأسفار التوراتية، ولقد بدأت ملامح هذا المأزق التاريخي لكتاب التوراة تتضح منذ العقد الأخير من القرن التاسع عشر، عندما وصف بعض الباحثين الأسفار التوراتية بأنها ليست تاريخا موثقا يمكن الركون إليه، وأن مصدرها الرئيسي هو الحكايا الشعبية والملاحم والقصص البطولية مما كان متداولاً شفاهة في فلسطين والمناطق المجاورة زمن تحرير أسفار الكتاب، يقول المؤلف: «إن ما أضافته التقنيات الأركيولوجية الجديدة في فلسطين خلال العقدين الأخيرين على وجه الخصوص، لم يترك للباحثين الجادين مناقشة صحة الخبر التوراتي، ومن هنا بات من المستغرب أن يأتي الهجوم المضاد على الاتجاه الجديد المتحرر من اللاهوت التوراتي من قبل مؤرخ عربي هو الدكتور «كمال الصليبي» وليس من جهة علمية في الغرب. لقد أدرك الصليبي أن الدفاع عن تاريخية التوراة وفق المعطيات العلمية الراهنة هو مسألة خاسرة، فقام بالتفافة على المشكلة برمتها ونقل مسرح الحدث التوراتي من «فلسطين» إلى «غرب شبه الجزيرة العربية» وبذلك تمت حماية المرويات التوراتية من أية مقارنة جدية مع وقائع علم الآثار وعلم التاريخ، لأن المنطقة الجديدة للتوراة مجهولة تماما من الناحية التاريخية والأركيولوجية. والصليبي إذ يكرر عبر فصول كتابه «التوراة جاءت من جزيرة العرب» بأن المرويات التوراتية قد وقعت بحذافيرها وكما سجلها أحبار اليهود، فإنه ينطلق من موقع آمن من هجوم علم الآثار وعلم التاريخ، كما عمد الصليبي إلى حماية نظريته عندما تجاهل مناهج البحث التاريخي ولجأ إلى المنهج اللغوي المقارن. |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
|