الطلاق ابغض الحلال الى الله تعالى، وكونه حلالاً فانه لا يجوز ان ينظر اليه ببساطة وان يقوم به كل شخص، فهو وضع لضرورات معروفة معينة، وهو وسيلة من الوسائل للوصول لاسرة متينة متماسكة قوية تنجب ذرية صالحة وتشكل لبنة قوية في بنيان المجتمع، ولكن ان يصبح موضة وعملية سهلة للغاية تحدث بدون تردد وبدون اي تدخل من الاطراف المسؤولة ذات العلاقة فهذا امر خطير.
لقد طالعتنا الاحصائيات بارقام خطيرة فمثلاً في احد الاعوام سجلت حوالي 7500 حالة زواج قابلها بنفس العام حوالي 3500 حالة طلاق في واحدة من مدن المملكة لوحدها وهذا يعني ان ما يقارب من نصف حالات الزواج منتهية بالطلاق ولا حول ولا قوة الا بالله!
ان بعض المجتمعات الاسلامية يعتبر الطلاق فيها اندر من النادر، وحتى لدينا قبل الطفرة المادية كان الطلاق امراً استثنائياً، وبالطبع فان الضريبة التي ندفعها لما يسمى بالحضارة هي كبيرة، ندفعها من حياتنا لانفسنا وابنائنا، الخطر كبير ويجب النظر اليه بجدية مطلقة، ولا يجوز ان نصل لحالة يرثى لها لا سمح الله.
كلا الطرفين مظلوم في الطلاق، وكلاهما ظالم الام والاب، اما الابناء فهم بالتأكيد الطرف المظلوم بدرجة اكبر، والمجتمع مظلوم والامة مظلومة، اننا نحمل المجتمع جزءاً كبيراً من المسؤولية لانه هو الحاضنة التي تربي الابناء، وهو الحصن الحصين الذي يفترض ان يقف ويساند الاسرة التي يهددها الطلاق. ان التربية لها دورها الاساسي والكبير في تماسك الاسرة، وعدم تفككها، والحفاظ عليها بالشكل الذي يرتضيه الله سبحانه. الطلاق وحش مفترس، قد تكون الكلمة المعبرة عنه سهلة تأتي بلحظة غضب او ما شابهه اما ما ينجم عنه فهو كبير وخطير ويلزم التوعية بذلك قبل حصوله والا فالظلم كبير والظالم جزاؤه خطير، اننا ندعو كلاً من الزوج والزوجة ان يكونا على قدر كبير من الصبر والتروي والحكمة والا يندفعا مع عواطفهما ونزوات الغضب، ان الطلاق ليس انتصاراً، انه انهزام وفشل وكل عاقل لا يرضى على نفسه بالفشل، على كل من الزوجين ان يعيا ان الحياة الزوجية مسؤولية كبرى ولذتها في ذلك ولا يظنان انها ما يتخيلانه في الاحلام الوردية او يريانه في الافلام الغرامية المفتعلة او يقرآنه في القصص العاطفية وإن وجد فيها شيء من ذلك الا ان الاساس البناء الجاد لاسرة قوية تنفع المجتمع وهذا يحتاج الى صبر وتحمل وحل للمشكلات في جو من التفاهم والمودة.
وعلى الاطراف الخارجية من أهل وأصدقاء ومعارف ان يقولوا خيراً او يصمتوا فكم من بيت هدم بسبب تدخلاتهم. الله المستعان.
|