Sunday 27th January,200210713العددالأحد 13 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وتاليتها ...!
أ.د. هند بنت ماجد الخثيلة

وكما كان النظام التربوي في أي مجتمع جزءاً من بيئة متكاملة تضم العديد من المنظمات الأخرى، فإن هذا النظام يرتكز على الجهود الموجهة للقيام بأداء معين، ويتأثر بعوامل مختلفة تحدد أهداف التربية وسياستها العامة ومناهجها ومراحلها في ذلك المجتمع. ولا يمكن النظر إلى بنية النظام التربوي، دون دراسة هذه العوامل. ولا يعني ذلك دراسة هذه العوامل أو الظروف بتفاصيلها الدقيقة، وإنما يعني دراسة الاتجاهات العامة لهذه العوامل، ومساراتها الرئيسية بصورة شاملة، ودراسة أي نظام تربوي بعيداً عن القوى والعناصر التي شكلته وصنعته، هي سرد لوقائع تخلو من الترابط والظروف التي تفسرها.
ويقوم أي نظام تربوي عادة في أي مجتمع على تربية أبنائه وتحقيق أهدافه التربوية من خلال التخطيط السليم الذي يعتبر أساساً في نجاح أي عمل. وهذا التخطيط عادة ما يبنى على التجارب السابقة، وينطلق من وعي بالأهداف، المنبثقة من حاجة المجتمع وسبل والوصول إليها من خلال أقصر الطرق، وبأفضل الوسائل المتاحة.
ولعل أفضل أنواع التخطيط هو ذلك الذي يقوم على تقدير سليم للمعطيات من خلال أفراد المجتمع، وتوقع أسمى للنتائج وإلا فما معنى العدد الهائل من المخططين الذين تحشدهم المؤسسات والشركات عند الشروع في العمل بأي من مشاريعها؟!
أقول هذا بعد أن عايشنا واقعاً غير مريح. بعد أن قررت الوزارة أن يكون عودة الطلاب إلى المدارس في منتصف الأسبوع وتحديداً يوم الاثنين الماضي، بعد إجازة منتصف العام الدراسي التي تقررت بأربعة أيام فقط..!
إن أمر تحديد مثل هذا الموعد لدوام الطلاب والطالبات هو في حدّ ذاته سليم، ولا غبار عليه، خاصة وأن الهدف منه ألا يكون هناك فاصل زمني بين نهاية اختبارات الفصل الدراسي الأول، وبين بداية الفصل الدراسي الثاني، خاصة وأنه سبق ذلك إجازة سخية ولكننا إذا نظرنا إلى هذا القرار من وجهة النظر الموضوعية الميدانية لتبادر إلى أذهاننا كم نحن بعيدون عن معرفة واقعنا، وكم نحن نرتجل بعض القرارات دون تخطيط واعتبار لاحتياجات المجتمع مما يؤثر في توقعنا للنتائج.
أغلبية الطلاب والطالبات لم يداوموا في الموعد المذكور، وتبنوا على عاتقهم تحديد إجازة نصف العام الدراسي خمسة أيام أخرى، ولم يذهب إلى المدارس إلا عدد قليل منهم، أصيبوا بالإحباط وخيبة الأمل، وأحسوا بأنه قد غرر بهم، حيث بقوا في بيوتهم، ولم يتمكنوا من رسم ملامح إجازة وافية، والسبب، أن الإجازة مقيدة أربعة أيام فقط منها خميس وجمعة، أما الآن وقد اكتشفوا أن الإجازة قد امتدت دونما قرار أو إعلان إلى تسعة أيام.. فقد داخلتهم الحسرة على تفويت فرص الاستمتاع بتخطيط إجازة معقولة.
ليست الإجازة وحدها التي شكلت لدينا نحن أولياء الأمور إشكالاً في هذا الأمر، لكن الطلاب الذين ذهبوا للدوام ولم يجدوا إلا القلة القليلة من زملائهم خرجوا من مدارسهم إلى حيث لا نعلم، كان في حد ذاته الإشكال الأكبر، كما أن اضطراب برنامجنا الاجتماعي كان نتيجة لذلك، أيضاَ علاوة على سيول المكالمات بهدف اقناع بعضهم لبعض بعدم العودة إلى المدارس مما سبب «شدّ وحدّ» داخل البيوت لا أريد أن أعيد إلى الأذهان قرار وزارة المعارف والرئاسة العامة بعودة الطلاب من إجازة عيد الفطر المبارك مباشرة إلى الاختبارات الفصلية بحيث لم يفصل بين الأمرين إلا أسبوع أو يزيد قليلاً، وهو ما أثر بالتأكيد في نتائج الطلاب والطالبات. كما لا أريد أن أذكر بتوعية أبنائنا الذين تعوّد غالبيتهم على الدراسة أيام الاختبارات فقط، واتقنوا «المواصلة» طوال تلك الأيام بلياليها أقول: لا أريد أن أذكِّر بكل ذلك، لأننا يفترض أن نكون داعين له وعارفين به، وأن تكون قراراتنا وتخطيطنا قائماً على تلبية حاجة المجتمع من خلال واقعه .
من وجهة نظرنا جميعاً «مسؤولين، وأولياء أمور»، لكنني فقط أود أن أذكِّر بكوننا نبدأ كل مرة من جديد، لا ننظر إلى تجاربنا السابقة، ونسقط وجهة نظر المعنيين بالأمر «من طلاب وأولياء أمور» في المشاركة بقرار يخصهم دون غيرهم، وذلك من شأنه أن يقرب بين وجهات النظر التي سوف تسهم بالتأكيد في تقليل نسبة الهدر في الطاقات والإمكانات.
صحيح نحن في حاجة ماسة إلى إعادة صياغة خطواتنا المعرفية بشؤوننا، ولكن هل نحن أيضاً في حاجة إلى من يضع أقدامنا على تضاريس خريطة الواقع؟!! وتاليتها.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved