Thursday 24th January,200210710العددالخميس 10 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ألا يكفي..؟!
د. فهد حمد المغلوث

كل منا ضعيف أمام الكلمة الحلوة الصادقة النابعة من الأعماق، وكل منا ضعيف أمام الطبطبة الحانية على أكتافنا والمسحة الحنون على رؤوسنا بغض النظر عن وضعنا ومكاننا وعمرنا أو جنسنا.
إننا بحاجة حقيقية لمن يُسمِعنا ما نحب ان نسمعه ولمن يسعد قلوبنا ويريح أنفسنا.. بحاجة لكل هذه الأشياء الجميلة فما بالك بحاجتنا لذلك الدلال الجميل الذي ربما تعودنا عليه وافتقدناه أو ذلك الدلال الذي لم نعايشه ونحلم به ونتوق إليه؟.. إن كلاً منا بحاجة لأن يسمع من الآخرين أشياء تشعره بقيمة نفسه ومقداره لديهم ومكانته عندهم وليس مهما ان تكون لحوحاً في طلبك ممن تحب ان يخبروك برأيهم فيك ومكانتك لديهم من حين لآخر ولا يهم ان تكون طماعا بل المهم هو ان تشعر بالسعادة الحقيقية وانت تشعر وتلمس مكانتك الحقيقية في قلوب من تحب لأنك حينئذ سوف تتراقص دقات قلبك فرحا ولا تستطيع ان تحتوي بكل الابتسامة الحلوة على شفتيك أو تخفيها لأنها دليل الرضا الذاتي والاحساس بالثقة بالنفس.نعم تكفينا كلمة واحدة ممن نُحب لتريح قلوبنا، تكفينا نظرة واحدة صادقة لنعرف مقدار حبهم لنا ومعزتنا لديهم، يكفينا تواصل ولو بعيد أحيانا لكي نشعر بأننا مازلنا باقين في قلوبهم، كما هم باقون في قلوبنا منذ اللحظة التي شعرنا فيها بطعم السعادة الحقيقية.ولا أدري كيف يمكن لنا ان نربط هذه الكلمة الحلوة، وهذه اللحظات الجميلة وهذه المواقف الرائعة فقط في علاقات معينة محدودة ونقصرها عليها بينما هذه الحياة على اتساع رقعتها تستوعب كل شيء جميل وتمتص أيضاً كل شيء سيء لو أردنا ولو صممنا ولو حاولنا.استغرب من هؤلاء الذين يستكثرون على غيرهم مجرد هذه الوجدانيات أو الرومانسية كما يسميها البعض، وحياتهم أنفسهم جافة متصحرة قاحلة! وليتهم يكتفون بذلك، بل انهم يحاولون نقل هذا الجفاف والتصحر في المشاعر لغيرهم ويفرضونه حتى على أقرب الناس إليهم، في وقت هم أكثر الناس حاجة لدفء المشاعر وإشباع العواطف وتنمية الأحاسيس بالكلمة الحلوة التي تشعرني أنا مثلا بأنك أبي واخي وصديقي فعلاً، وبشكل يريحني حينما أحس بأنك تقف بجانبي وتحس بي وتقدر ظروفي لدرجة أشعر معها انني احسنت الاختيار ووفقت فيه حينما اختارك قلبي لتكون أنت رفيق دربه وأنيس وحدته ومكمن سره، وعنوان سعادته وملاذه الذي يلجأ إليه بعد الله سبحانه وتعالى ليشاركه أفراحه وأتراحه ويبث إليه همومه دون ان يشعر ولو للحظة واحدة ولو مجرد شعور بالذنب لأنه التجأ إليه أو انه ضايقه أو أخذ من وقته أو انه حمَّله هموم فوق طاقته أو هو في غنى عنها.ألا يكفي هذه المشاعر الصادقة بداخلنا تجاه هذا الشخص او ذاك لأن نعتبره شخصاً آخر مميزا ويختلف عن الآخرين ويستحق محبتنا له وخوفنا عليه؟ ألا يكفي هذه الأحاسيس الشفافة النابعة من داخلنا ان نريحها ونسعدها ونحافظ عليها بالتفكير فيه والانشغال عليه والسؤال عنه؟ وحقيقة ان ما يضايقك كإنسان أحيانا ليس في كونك ترى من يحب متضايقا ومهموما فحسب، ولكنه شعورك حينما تشعر انك انت سبب مضايقته وسبب الهم الذي هو فيه، حينها تود انك لو لم تعرفه أو تتعرف عليه ليس لأنك تستخسر عليه ذلك، أبداً، بل لأنك لا تريد ان تكون انت سبب هذا الضيق أو الاحراج، لتكن من غيرك من شخص آخر، أما انت فلا وألف لا! لأنك لا تتصور يوما ان تكون انت سبب تعاسة من تحب وانت سبب نزول دموعه الغالية خاصة حينما يكون هذا الإنسان مفرط الحساسية بالغ الشفافية رقيق في مشاعره عذب في أحاسيسه جميل في خجله رائع في ابتسامته صادق في معاملته ويمتلك روحا حلوة لا تملك إلا ان تحبها فيه. ترى أ لأنه الود الذي نحلم به، فإننا نراه كذلك؟ أم لأنه الأمل الذي ننشده، فإننا نراه مختلفاً عن غيره؟.أحيانا نحن نتضايق ممن حولنا، ممن هم كلنا وليسوا بعضنا وربما حملنا عليهم بعض الشيء ولكننا حينما نفكر بعمق نقول لأنفسنا: ألا يكفي انهم يحبوننا بصدق ويخافون علينا؟ ألا يكفي انهم اعطونا كل شيء نريده ونحلم به؟ وبالذات تلك القلوب الصافية الطاهرة التي لا تعرف الحقد أو المراوغة والزيف والخداع، وما المانع أيضاً إذا ضايقونا مرة أو أكثر؟ هل يقصدون مضايقتنا والتنكيد علينا؟ بل ما المانع ان يتدللوا علينا قليلاً؟ أليسوا هم الدلال نفسه؟ إنك أحيانا تحتار وتتساءل: ألستُ محظوظاً بحق؟..إننا حينما نتحدث بلغة المشاعر، فإننا ننسى أي شيء آخر، نتنازل عن أشياء كثيرة ونتغاضى عن أشياء أكثر وأكثر لأن المشاعر هي الحب ولأن الحب هو الصدق والتسامح والتضحية والبذل ولأن الحب الصادق هو غايتنا فإننا لا بد ان نسعى إليه ونركض خلفه كي نحصل عليه لأنه يستحق هذا المجهود الذي يبذل من أجله ولأنه أشبه بذلك الريم فائق الجمال الذي يُجبرنا بنظرة واحدة منه على الجري خلفه واصطياده ليس لكي نضعه في قفص منفرد ونحرمه من حريته في البراري بل لكي نستمتع بذلك الجمال الطبيعي ونتأمل فيه ونشعر انه معنا ولنا ولو لبعض الوقت لأننا على يقين تام بأن جمال المخلوقات تكمن في حريتها وانطلاقتها في كل شيء، حريتها في العيش مع من تريد وفي الأجواء التي تريد وهي التعبير عما تريد بالأسلوب الذي تريد، ولأنها جميلة بطبيعتها فلا بد ان تكون تلك الحرية جميلة ورائعة أيضاً.ان هناك بعض الأمور التي تفسد بعض الجوانب في علاقتنا بمن نحب أو تؤثر فيها بعض الشيء ومن ذلك مثلاً، ان عدم قدرتنا على التعبير عن مشاعرنا كما يريد الطرف الآخر لا يعني ان هناك فتوراً ما في علاقتنا او ان الطرف الآخر قد تغير علينا ولم يعد كما هو ولكننا أحيانا ومن دون زعل بحاجة لأن نفهم المشاعر الإنسانية وكيف ننميها لدينا ولدى الآخرين وبحاجة لأن نوظف تلك المشاعر والعواطف لكي تخدمنا وتجعلنا راضين عن أنفسنا لا أن تكون سبب تعاستنا وإحباطنا.
فيا لهذه المشاعر الإنسانية كيف نفهمها؟ كيف نتعامل معها؟ كيف نرتقي بها وكيف نحاكيها ونسعد بها، بل وكيف نجيب على تساؤلاتها الكثيرة الحائرة بداخلنا؟تساؤلات كثيرة يصعب الإجابة عليها في هذه المساحة المحدودة لذا، ورغبة في إشباع هذه التساؤلات والإجابة عليها فسوف يكون لنا دورة تدريبية الأسبوع القادم في الفترة من 22 24/11/1422ه حول تنمية المشاعر الإنسانية بمركز الأمير سلمان ولمدة ثلاثة أيام نأمل ان تكون قد تغلغلنا بداخلها وسبرنا غورها وشعرت انت كإنسان بالراحة بعد معرفتك إياها ومحاكاتك لها وتعاملك معها لأن تلك المشاعر هي انت بكل ما فيك من جماليات وتناقضات.. ألا يكفي ذلك؟.
همسة
ذات يوم وما أروعه..
وبينما أنا وأنت..
تُظلّلنا عناية الله..
ذات يوم وما أجمله..
وبينما أنا وأنت..
في مكان ما..
طالما حلمنا به..
وفي أجواء مميزة..
طالما تمنيناها..
وفي لحظات صدق..
لا تتكرر بسهولة..
لأي اثنين
***
ذات لحظة..
وبينما نحن كذلك..
وبينما يدي في يديك..
فاجأتني من حيث لا أدري..
سألتني وعيناك في عيني..
قلت لي:
هل تحبني؟
***
لحظتها..
لم أعرف كيف أجيب عليك!
لم أعرف كيف اعبِّر لك..
عن مقدار حبي الكبير لك..
أو كيف أوصل لك..
مدى تعلقي الشديد بك..
***
لحظتها.. صَمتُّ وابتلعت آهاتي!
عجزت عن الإجابة!
وحينما أصررت عليها:
اكتفيت بأن أومأت برأسي لك..
وصمتُّ بعدها..
وبداخلي أشياء وأشياء!
***
ومنذ ذلك الحين..
وأنا أفكر في سؤالك لي!
فهل تذكر ذلك اليوم؟
وهل تستشعر تلك اللحظة؟
وتلك الأجواء الرائعة؟
***
هل تذكر ذلك السؤال بالذات..
حينما أصررت وبشدة..
على ان تسمع اجابته مني؟
وبصوت مسموع!
رغم خجلي وحرجي!
هل تذكر؟
***
وهل تذكر.. حينما سألتني بإلحاح..
حينما قلت لي:
من أنا بالنسبة لك؟
وماذا أشكله لحياتك؟!
وعن رأيي فيك؟
فهل تذكر رد فعلي؟
وكيف كانت إجابتي؟
***
يا ااه..!!
أبعد كل ما بدر مني..
من تضحيات كبيرة من أجلك؟
وبعد كل ما واجهته..
من مضايقات كثيرة بسببك؟
وبعد كل ما نالني من إحراجات..
بسبب تعلقي بك؟
وإصراري عليك؟
وسؤالي عنك؟
أبعد كل هذا تسألني..
إن كنت أحبك أم لا؟
وإن كنت أريدك أم لا؟
***
أبعد كل هذا تسألني..
عن رأيي فيك..
وكأني غريب عنك؟
وكأنك تعرفني لأول مرة؟
تسألني عن مشاعري نحوك..
وأنت المشاعر الحلوة نفسها؟
تسألني عن أحاسيسي تجاهك..
وأنت الأحاسيس العذبة ذاتها؟
***
أيعقل بحق..
ألا تفهمني حتى الآن؟
أيعقل بعد هذا كله..
ألا تفهم ما أريد..
حتى هذه اللحظة؟
ألا يكفي ما بدر مني حتى الآن
من مشاعر صادقة تجاهك؟!
ومن أحاسيس حارقة نحوك؟!
***
ألا يكفي ما بدر مني..
من مؤشرات واضحة؟
ومن تلميحات فاضحة؟
فهمها غيرك من البداية؟
***
أما يكفي كل ذلك..
وغيره كثير وكثير..
لأن تقتنع..
بأنك كل شيء في الدنيا؟
وبأنك كل ما أفكر به..
وأحلم به..
وأطمح إليه..
من رفقة رائعة
ومن حياة سعيدة
ومن مستقبل مشرق
وأمل واعد
بإذن الله؟
***
فكيف أجيبك؟
وبم أجيبك؟
وماذا أقول لك؟
***
ولكن لا بأس..
سوف اعتبر سؤالك لي..
كمن يريد ان يعرف..
مقدار معزته وغلاوته..
عند من يُحب..
***
سوف اعتبره..
دلالاً منك عليَّ..
كما هو أنت دوماً..
وأقول لك وبكل وضوح..
«نعم أحبُّك»..
أقولها بصوت مسموع..
وبإحساس صادق..
وبكل لغات العالم..
التي أعرفها ولا أعرفها..
***
نعم أُحبُّك..
وليس أي حُب..
ليس ذلك الحب..
الذي عنه يتحدثون!
وليس ذلك الحب..
الذي به يتشدقون!
بل ذلك الحب الآخر..
الذي لم يوجد بعد!..
ذلك الحب..
الذي لم يصل إليه أحد بعد!
ذلك الحب..
الذي لم يفهمه مخلوق بعد!
وذلك الحب..
الذي يحلم به كل إنسان!
***
لأنه باختصار
حب مختلف..
أنت طرفه الآخر..
حب رائع..
أنت سببه..
حب مميز..
لأنه خاص بك وحدك..
***
أليس هذا..
ما تريد سماعه مني..
كعادتك معي طبعاً؟
أليس هذا ما تنتظره مني..
أليس هذا ما تكرره لي..
من حين لآخر؟!
***
فليكن ذلك..
إن كان فيه سعادتك..
فليكن ما تريد..
إن كان هذا ما يريحك..
المهم ان تكون سعيداً..
وان تقتنع اني لك وحدك..
حتى وانا غائب أو بعيد عنك!
حتى وانا في مكان وأنت في آخر!
***
فهكذا أريدك دائماً..
مشرقاً ومتفائلاً..
ألا يكفي كل ذلك..
لأحظى منك بابتسامة
ولو بابتسامة؟
فماذا تنتظر؟؟
هيَّا؟

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved