أعلنت وزارة المعارف بكل حزم وإصرار وقوة كعادتها دائما في كل مقالاتها التي تنشرها في الصحف، وبلهجة تنم عن عزم لايشوبه التردد أنه «مش كويس» بيع وتعاطي المشروبات الغازية وحلوى الطحينية وأي أكل يحتوي على مادة كيميائية أو ينتهي بأية في المدارس.
و«مش كويس» ليست رفضاً وليست موافقة وليست تهديداً وليس لها علاقة بعلاقة وزارة المعارف بالطلاب في الماضي.
لم أكتب في حياتي أي مقال أشرح فيه مقالا كتبه أحد الزملاء ولكن الأيام تضطرك لأسباب من بينها الاعجاب أو التأييد وخاصة إذا كان المقال يأتي بأسلوب جديد وبفكرة جديدة كمقال وزارة المعارف الكويس عن بيع الحلوى والهامبورجر في المدارس.
بصراحة كان من المفروض أن تبدأ مقالة وزارة المعارف ببيان رقم واحد فهي، ليست تعليمات وليست قوانين وليست توجيهات وليست نصائح أظن أنها نوع جديد من العلاقة بين الوزارة وبين الطلاب في المملكة، فمنذ أن تخلت وزارة المعارف عن اشرافها على المدارس الأهلية وهي تسعى جاهدة أن تكون وسيطا نزيهاً بين الطلاب وبين ملاك المدارس الأهلية.. فهي تعرف وتقدر أن جميع من استثمر ماله في فتح مدرسة له من الاهداف ما لا يعد ولا يحصى ليس بينها هدف واحد يتعلق بالتعليم والتربية.. وتعرف في الوقت نفسه ان الطلاب ليس لهم بعد الله إذا ارادوا التعليم إلا الارتماء في احضان هؤلاء التجار البررة.
ولأنها تقدِّر الجميع وتعرف خطورة الأكلات التي تقدم في مقاصف المدارس وتعرف في الوقت نفسه أن بيع هذه المواد يؤمن أرباحاً طائلة لأصحاب المدارس فقد رأت أن تطرح وجهة نظرها في القضية بطريقة كويسة نشر بيانها بطريقة مفصلة واحتل أكثر من ربع صفحة في الجريدة.
عندما تقرأ بيان الوزارة ضد بيع الحلوى في المدارس سترى أنه توسيع لكلمة واحد جالس في قهوة وسئل عن رأيه فقال وهو ينادي القهوجي «والله مش كويس» فالوزارة مثلها مثل أي كاتب أو مواطن عادي جالس في قهوة غير معنية بالتطبيق ومتابعة التنفيذ لأنه لو كان لها علاقة بهذا الموضوع لنفذت قراراتها السابقة المتعلقة بالموضوع وليس هناك حاجة لكتابة مقال جديد ينشر في الجريدة.
ككل أب كنت كثير التذمر من الحلوى والهامبورجر في المدارس ففكرت أن امتنع عن اعطاء اطفالي أي مصروف جيب حتى لا يصرفوه في شراء المأكولات الضارة من مقصف المدرسة وبعد تأمل قالت والدتهم ان هذا قرار «مش كويس» لأنه يضر بنفسية أبنائنا عندما يرون زملاءهم يأكلون حلوى وهم يتفرجون والطفل لايعرف مصلحة نفسه، فعدلنا عن ذلك واستمررنا نزود اخواننا التجار بدخل اضافي كويس. في الوقت الذي كنا نبحث فيه عن حل كويس، قال لي أحد الأصدقاء لماذا لاتكتب في الجريدة، وجدت أنها فكرة كويسة لكن عندما تكتب لابد أن توجه كلامك الى أحد؟ أناشد من؟ اشتكي حالي وحال الآباء في المملكة عند من؟ فوزارة المعارف ليست معنية ووزارة التجارة ليست معنية ووزارة الخارجية ليست معنية ووزارة البترول ليست معنية. فكرت في كل الوزارات ولم أجد جهة معنية.. عندها عدلت عن فكرة الكتابة في الجريدة وراحت الأيام وأنا أغذي أرباح التجار على صحة ابنائي حتى قرأت المقالة الكويسة التي كتبتها وزارة المعارف عن نفس القضية،
واكتشفت أن وزارة المعارف أكثر شجاعة من أكثر الكتَّاب والصحفيين في المملكة، فهي الجهة الوحيدة التي طرحت الموضوع على صفحات الجرائد بكل شجاعة واقتدار مضحية بعلاقتها الطيبة بتجار التعليم.
لانعرف حتى الآن ما هي الجهة التي عليها أن تأخذ بفكرة وزارة المعارف وتمنع بيع الحلوى والببسي في المدارس فوزارة المعارف قدَّمت ما عليها وأعلنت موقفها بشكل واضح وكويس.
وطالما أن وزارة المعارف تتمتع بالشجاعة وتملك اسلوبا جيدا في الكتابة اتمنى أن تبادر احدى الصحف وتعطيها زاوية اسبوعية تكتب فيها عن القضايا التي تهم المواطنين مثل المناهج وآخر اخبار مشروع وطني.
فاكس 4702164 |