على مدى أكثر من ألف سنة، لم يوصف الأزهر الشريف بأنه مدرسة للإرهاب بل كل القوات المحتلة (وآخرهم فرنسا ثم انكلترا) لم تمس الأزهر أو تتدخل في شؤونه أو تقل إنه مصدر للإرهاب أو حتى مذكٍ لروح الجهاد لدى محاربي المحتل لبلادهم، أما اليوم فنرى أن صراع الحضارات قد وجد في أحداث 11 سبتمبر منفذاً له ليتسلط على الشعوب تارة بالتهديد بضرب البلاد بالقنابل من الفضاء، وتارة بالتدخل في السيادات الوطنية وآخرها المطالبة بإغلاق المدارس الدينية الإسلامية فقط أو التدخل لتغيير المناهج.
أما المدارس المسيحية التي فرضتها قوة المستعمر لتدرس تعاليم المسيحية في بلاد لا يوجد فيها مسيحي واحد فهذه لم يشملها الاغلاق لأن الارهاب حُصِر في الإسلام، وأما المدارس اليهودية التي تدرس العنصرية وكره الشعوب فهذه لم ينلها ما نال المدارس الإسلامية وبخاصة المدارس داخل إسرائيل التي ستبقى مستثناه دائماً.
كانت المبشرة الأم تريزا (التي ماتت منذ سنوات) تطوف العالم مبشِّرة بالمسيحية تحت مظلة حاجة الفقراء للقمة العيش أو جرعة الدواء ومع ذلك لم توصف بأنها إرهابية، والآن تنتشر مدارس التبشير في العالم كله دون أن يقال شيء عن مناهجها أو استغلالها لحاجة الفقراء حتى من دول العالم الثالث.
الذين تصفهم أمريكا بالارهاب لم يتخرجوا من مدارس دينية سواء في العالم الإسلامي أو في أوروبا واليابان بل تخرجوا من مدارس حديثة تدرس العلوم الأوروبية الحديثة ككليات الطب والعلوم والهندسة ونحوها أوممن تسربوا من التعليم فلم يواصلوا تعليمهم بعد المرحلتين المتوسطة أو الثانوية.
إن كان المراد محاربة تعلم المسلمين لتشريعات الإسلام فهذه ليست بحاجة إلى المدارس، فهم قد تعلموها على مدى 15 قرناً بدون مدارس ولم توجد المدارس إلا في العصر الحديث، وأسباب الكره لأمريكا ليس من المدارس بل من خارجها.
أسباب الكره لأمريكا بخاصة وأوروبا بعامة تعود لأسباب بعيدة عن الدين بدليل أن كثيراً من المسلمين رحلوا إلى أوربا وأمريكا وهم يكررون أنهم هناك يمارسون عباداتهم بحرية وفتحت لهم أمريكا وأوروبا المجال لانشاء المدارس وبناء المساجد ولم ينلها منهم إلا خيراً.
إن الأسباب الحقيقية تعود إلى أمور اجتماعية واقتصادية وسياسية فالغرب عموماً يحاول أن يفرض نمطه الاجتماعي على الدول الإسلامية وبخاصة في العلاقات الجنسية التي قننها الإسلام في اطار العفاف، وهو كذلك يريد أن يأخذ خيرات البلاد الاقتصادية باجحاف في تبادل المنافع، وهو سياسياً قد فرض على كثير من البلاد قيادات دكتاتورية لم تذهب إلا بعد بحور من الدماء ومن يأِت بعدها يكن أسوأ من سابقه، بل ان الانتخابات التي تجرى في أوروبا وأمريكا تكاد تكون خاصة بها واذا أجريت انتخابات جرى فيها من التلاعب ما يوصل من لا يريده الشعب إلى الحكم ويقابل هذا بالرضا أو السكوت من أمريكا وأوروبا لأنه يحقق مصالحهم لا ديموقراطيتهم.
إن أسباب الارهاب هي المظالم والغطرسة أما المدارس الإسلامية فلا تعلّم إلا خيراً وأخشى أن يؤدي اغلاق المدارس والتدخل في الحريات التعليمية إلى ردة فعل أقوى مما أحدثه الاستغلال الاقتصادي وفرض النمط الاجتماعي والتسلط السياسي الذي شرد كثيراً من الشعوب على أيدي حكام رضيت عنهم أمريكا وباركت تسلطهم ودمويتهم ما حققوا مصالحها.
للتواصل ص.ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691 |