Monday 21st January,200210707العددالأثنين 7 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شاهد من أهلها
الإرهاب الصهيوني ضد العرب وأمريكا (3)
عبدالله الصالح العثيمين

ذكر في الحلقة السابقة أن دولة الصهاينة قامت في فلسطين على أسس ارهابية، وأنها مارست ارهاباً مستمراً منقطع النظير منذ قيامها، كما ذكر أن الذين تولوا رئاستها كانوا ارهابيين، وأن آخرهم وهو شارون من أسوئهم ارهاباً.
واشير إلى شيء من الجرائم الارهابية التي قام بها الصهاينة ضد الفلسطينيين واللبنانيين. ثم انتقل الكاتب ديفيد ديوك في مقاله المطول ليوضح أن تلك الجرائم الارهابية لم تكن موجهة ضد الشعبين المذكورين فحسب، بل موجهة ضد أمريكا ايضاً ، فقال:
الإرهاب الإسرائيلي ضد أمريكا:
في عام 1954م شنت الحكومة الاسرائيلية عملية ارهابية سرية تسمى عملية سوزانة ضد الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تآمرت لاغتيال أمريكيين وتفجير مؤسسات أمريكية في مصر. وكانت خطتها أن تحدث انطباعاً كاذباً بأن المصريين هم الذين ارتكبوها، وذلك لجعل أمريكا في حالة حرب إلى جانبها ضد مصر. ونجح العملاء اليهود في تفجير بعض مكاتب البريد ومكتبات أمريكية في القاهرة والاسكندرية. وفي الطريق إلى تفجير دار سينما أمريكية، وأحد المسارح انفجرت قنبلة أحد العملاء قبل الاوان المخطط لانفجارها. ومن حسن حظ كل من مصر وأمريكا اكتشفت المؤامرة في مراحلها المبكرة.
وبسبب القبض على العملاء الاسرائيليين علم العالم بتلك الخيانة الإسرائيلية، واضطر وزير الخارجية الاسرائيلي، لافون، أن يستقيل. واصبح ذلك الحدث كله يسمَّى عملية لافون. واليوم تتستَّر وسائل الاعلام الأمريكية، ومؤسسات النشر التي يسيطر عليها اليهود، على تلك الخيانة الاسرائيلية ضدنا، ولا يعلم أكثر الأمريكيين شيئاً عنها. فلا يوجد أي اشارة إليها إلا في موسوعة انكارتا، وذلك في مقال عن ابن جوريون كتبه بيرنارد ريش Reich المعروف بتأييده للصهيونية. وبالمناسبة فإن المقال يمثل نمطاً اعلامياً أنموذجياً. فلقد قال ريش:
«عاد ابن غوريون إلى العمل السياسي في عام 1955م ليحل محل وزير الدفاع لافون، الذي استقال بعد محاولة فاشلة لتخريب علاقات مصر بالغرب». وكان يجب أن يكتب ما يأتي ليكون كلامه مطابقاً للواقع.
«... ليحل محل وزير الدفاع، لافون، الذي أجبر على الاستقالة بعد أن ضبطت اسرائيل وهي ترتكب هجوماً تفجيرياً ارهابياً ضد الولايات المتحدة لتحرضها غدراً على خوض حرب ضد عدو اسرائيل».
وهكذا، فإننا ندرك من عملية لافون كيف تكافئنا الدولة التي نسميها «أحسن صديق في الشرق الأوسط» مقابل مساعدتها المالية والعسكرية غير المشروطة، وذلك بارتكابها إرهاباً ضدنا. ولو أن الحكومة المصرية كانت خلف ذلك الارهاب الموجه ضد أمريكا لاعتبرناه فوراً عملاً من أعمال الحرب، وهاجمنا مصر انتقاماً، تماماً كما نفعل الآن بالنسبة لأفغانستان، ولطالبت الصحافة بمهاجمة مصر كما تطالب الآن بمهاجمة افغانستان. والواقع أننا هاجمنا أفغانستان على أسس اقل مدعاة للهجوم من تلك التي لدينا لشرعية مهاجمة اسرائيل. فلا يوجد دليل على أن الافغان ايدوا أي شيء حول الهجمات على مركز التجارة العالمية، أو علموا به مجرد علم. أما بالنسبة لحادثة لافون فإن الحكومة الاسرائيلية ارتكبت عملاً مباشراً من أعمال الحرب ضد الولايات المتحدة، لكننا، بطبيعة الحال، لم نقصف تل ابيب انتقاماً، ولم نقطع علاقاتنا الدبلوماسية معها، بل لم نقطع مليارات الدولارات من مساعدتنا لها، مالياً وعسكرياً. وان الحكومة الأمريكية التي تواصل مساعدتها لاسرائيل بعد ارتكابها أعمالاً ارهابية ضد الشعب الأمريكي ترتكب، بوضوح، خيانة ضد بلادنا. ولو أن قادة أمريكا أوقفوا المساعدات لاسرائيل بعد حادثة لافون الارهابية ضدنا لما كانت هناك أعمال ارهابية ضدنا الآن، مثل الهجمات على مركز التجارة العالمية ومبنى وزارة الدفاع.
هجوم إسرائيل الإرهابي على السفينة «الحرية»:
خلال حرب الايام الستة، عام 1967م، ارتكبت اسرائيل، مرة أخرى، عملاً ارهابياً خطيراً ضد الولايات المتحدة الأمريكية، ففي الثامن من يونيو استعملت مقاتلين لا يحملون ما يدل على هويتهم وقوارب توربيدو للقيام بهجوم دام ساعة ونصف الساعة على السفينة الأمريكية «الحرية»، فقتلت اربعة وثلاثين أمريكياً وجرحت مئة وواحداً وسبعين.
وقد هاجم الاسرائيليون اولاً ابراج ارسال السفينة في محاولة لمنع الاسطول السادس من معرفة ان الاسرائيليين هم الذين قاموا بالهجوم. وبعد ان قصف الاسرائيليون، الذين لم تبيَّن هويتهم، بوحشية تلك السفينة ارسلوا قوارب التوربيدو ليكملوا القضاء عليها. بل إنهم قصفوا بالمدافع الرشاشة اطواق النجاة كي يتأكدوا من أنه لن يبقى أي ناج يمكن أن يكشف امرهم.
وببطولة قائد السفينة وطاقمها وبراعتهم افشلت الخطة الاسرائيلية، فتمكنوا من ابقاء السفينة طافية على سطح الماء، والاتصال بالاسطول، واخباره بأن اسرائيل، لا مصر، هي التي هاجمتهم. ولمعرفة اسرائيل باكتشاف خطتها انسحبت، وادعت، اضطراراً، أن هجومها كان نتيجة خطأ في تحديد الهدف، وأنها كانت تظن أن السفينة مصرية، ولقد قال كل من وزير الخارجية الأمريكي حينذاك، دين راسك، ورئيس أركان القوات المسلحة، توماس مورو: إن الهجوم كان متعمداً، ذلك أن الجو كان صافياً يوم الهجوم، وأن السفينة كانت ترفع علماً أمريكياً كبيراً وارقاماً دولية محددة على جسمها، وان الطائرات الحربية الاسرائيلية قد حامت فوقها من قرب لدرجة أن طاقمها رأوا أيدي الطيارين وهي تلوح لهم، وكما حدث بالنسبة لعملية لافون املت اسرائيل أن تنسب هذا العمل الحربي إلى عدوتها مصر. وفي هذه المرة لم يمنع مزيداً من الزيف الا شجاعة طاقم السفينة وبراعتهم.
ولم تبد وسائل الاعلام الأمريكية التي يسيطر عليها اليهود، أي غضب لذلك الهجوم، بل قبلت بفتور الحجة الاسرائيلية المخادعة حوله. ومع أن وزير خارجيتنا ورئيس أركان القوات المسلحة قالا: إن الهجوم الاسرائيلي كان متعمداً فإن اللوبي اليهودي كان قادراً على أن يمنع قيام لجنة تحقيق من الكونجرس للنظر فيه. وعلى العكس من ذلك فإن أخت السفينة «الحرية»، وهي بوبلو، قبضت عليها كوريا الشمالية، سنة 1968م، ولم يفقد حياته نتيجة لذلك إلا رجل واحد، لكن في خلال سنة كون الكونجرس لجنة تحقيق رسمية للنظر في الموضوع، ولقد منح قائد السفينة «الحرية» أعلى وسام شرف أمريكي لشجاعته الفائقة التي أبداها خلال الهجوم الاسرائيلي على سفينته، لكنه منح الوسام في احتفال هادئ في ساحة البحرية بدلاً من البيت الابيض كما جرت العادة لئلا يؤذي ذلك صورة العدو الحقيقي الذي قتل أربعة وثلاثين من رفاقه وجرحه مع مئة واربعة وسبعين آخرين.
ثم تحدث ديفيد ديوك عن تجسس اسرائيل على أمريكا، مفصلاً الكلام عن قضية الجاسوس الصهيوني بولارد. وذكر أنه حتى بعد حدوث تلك القضية عين الرئيس كلينتون يهوديا موغلا في صهيونيته رئيسا لمجلس الأمن القومي، الذي يعد أعلى جهة استخباراتية في البيت الابيض، وهو بيرجر. وإن ارتكاب اسرائيل تلك الجرائم ضد الولايات المتحدة بدون أن تواجه هجوماً اعلامياً عليها، أو ايقافاً لمساعدتها، يوضح نفوذ اليهود علينا والخيانة التي تصل إلى أعلى الدرجات في المؤسسة الأمريكية، ولذلك لا غرابة أن يرد اريل شارون على شيمون بيريز عندما حذره بأن اسرائيل يمكن أن تفقد المساعدة الأمريكية إذا لم تنسحب من المناطق الفلسطينية التي توغلت فيها أخيراً بقوله:
«كل مرة نعمل شيئاً ما تقول لي: أمريكا ستعمل هذا أو ستفعل ذلك. أريد أن أقول لك شيئاً واضحاً جداً. لا تقلق بالنسبة للضغط الأمريكي على اسرائيل. نحن الشعب اليهودي نسيطر على أمريكا، والأمريكيون يعرفون ذلك».
ولم يكن بولارد الوحيد الذي ارتكب خيانة ضد أمريكا. فجميع أولئك المسؤولين في الحكومة الأمريكية، الذين يواصلون المساعدات العسكرية والمالية لدولة اجنبية تتجسس علينا، وتخرب عملياتنا الاستخبارية مع التسبب في موت العملاء الأمريكيين، قد ارتكبوا خيانة ضد الولايات المتحدة. والحكومة الأمريكية لو أنها وطنية حقاً لقامت، على الأقل، بإيقاف المساعدات لاسرائيل، وليس من الممكن أن يوصف بأقل من وصف الخيانة أي عون لدولة أجنبية بعد أن ارتكبت متعمدة مثل هذه الأعمال من الخيانة ضد أمريكا.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved