Monday 21st January,200210707العددالأثنين 7 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة
الإعلام وقيم المجتمع
شاكر سليمان شكوري

بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم الى البشر عربا وعجما برسالة الاسلام، خاتمة لكل رسالات السماء قبلها، لتكون للناس حتى قيام الساعة ديناً وديدنا، ولهذا اقتضت الحكمة الإلهية أن يكون هذا الدين الحنيف صالحا لكل زمان ومكان، ملبيا لحاجات الإنسان المختلفة والمستجدة طبقا لمنهج الوسط العدل، فلا تبذير ولا تقتير، ولا رهبانية ولا إباحية، وإنما هي قواعد وسطية تراعي حاجات الجسد والروح معاً، طبقاً لضوابط حددتها الشريعة السمحة لأمان الفرد والمجتمع.
وغالباً ما يشتد صراع الحياة الأزلي بين الخير والشر، كلما طرحت الحضارة (المادية) بمنتج جديد الى سطح الحياة، ففيما يشبه لعبة شد الحبل يجد المرء نفسه وخاصة الشباب حائراً بين التزامات تمليها عليه ثوابته، وبين تلك المنتجات الحضارية ومغرياتها، وتنشط الرغبة تجاه الأدوات المستجدة، ولو على حساب التفريط أحياناً في بعض الفروض والواجبات.
من ذلك ما لوحظ مؤخراً من تأخر بعض الأولاد والبنات عن الصلاة في وقتها ، وبقائهم عاكفين على أجهزة «الإنترنت»، ذلك الفتح العظيم على مشاهد العالم ومعارفه من كل صوب وحدب، ولا شك أن البيت هو المسؤول الأول عن علاج تلك الحالة التي يُخشى من أن تصبح ظاهرة، وبعده يأتي دور المدرسة والجامعة، إلا أن الإعلام أثبت أنه قادر على تأدية دور مؤثر بالفعل في هذا الأمر، لعدة أسباب لعل أهمها: اتساع دائرة انتشاره، والمصداقية المفترضة في أدواته، واستعداد الشباب خاصة لقبوله كرأي محايد ومعاصر، في حين يتشكك الكثير منهم في نصائح الأقربين، أن تكون مجرد أوامر سلطوية، أو مبنية على خبرة منتهية الصلاحية بفارق الزمن، أو غير ذلك من الأسباب التي تؤسس الخلاف عادة بين الأجيال حتى داخل البيت الواحد.
وأقول هذا بمناسبة إعلان تبثه قناة MBC عن شاب يجلس إلى «الإنترنت»، ولما حان وقت الصلاة أطفأ والده الجهاز، وطلب منه أن ينصرف للصلاة، لكن الابن راوغ أباه وعاد إلى جهازه غير عابىء، وفجأة يسقط الولد ميتا بالسكتة القلبية، ثم يستمر الإعلان بعدها في عرض تفصيلي لتكفينه، ودفنه، وعودة أهله الثكالى حزانى من بعده، ويُختتم بعبارة «أقم صلاتك قبل مماتك».
الغريب أن هذا الإعلان البسيط في فكرته والمباشر في نصحه قد أحدث تغييراً ملموساً، فقد حدثني كثيرون أنهم أصبحوا يرون الشباب الآن من الجنسين في بيوت العائلة، والأقارب، والأصدقاء، يهرعون الى إغلاق الجهاز فور سماع الأذان، ويسارعون لأداء الصلاة.
وتوجيه الشكر لمن وراء الإعلان سواء أكانت القناة نفسها أو إحدى مؤسسات المجتمع واجب، لكنه لا يمنعنا من أن نتساءل: إذا كان إعلان على هذا النحو من البساطة والمباشرة، يُحدث هذا الأثر السريع والواضح في مسلك الناس، فما بالنا لو حرص الإعلام العربي على إنتاج المزيد من البرامج الهادفة لتوجيه المجتمع نحو المثل العليا، والكشف عن السلبيات السلوكية، وتقديم المعالجات العلمية العملية لكل قضية تثار، مع الأخذ في الاعتبار أن الكوميديا الغالبة على برامجنا النقدية الآن قد لا يتعدى أثرها جلسة السامرين، وضحكاتهم المجلجلة، ثم ينتهي الأمر.
وفي هذه المرحلة التي تسود الضبابية فيها العالم كله حولنا، ويختلط فيها الكثير من الأمور، نحن في أشد الحاجة إلى أن يكثف الإعلام في هذا الاتجاه، أداء لدوره في الحفاظ على قيم المجتمع.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved