(1)
لن يمنع الجبل الصدى الداوي
تردده الكهوف
(2)
وفي الرمال النائمات على الظمأ
الحالمات جفونها بالارتواء
فاح الشذى
شذى زهور لا تُرى
(3)
هذان المقطعان من قصيدة للشاعر عبدالرحمن المحمد المنصور عنوانها «أحلام الرمال» نشرت بالعدد الاول، السنة الاولى، من اليمامة عام 1372 «1952م»، اي منذ خمسين عاما وهو تاريخ مبكر للكتابة بهذا الشكل الشعري في المملكة، فاذا كانت قصيدة التفعيلة او ماكان يسمى في تلك الايام بالشعر الحر بدأت في مراحلها الأولى بمحاولة الخروج على البيت وعلى شكله التناظري فانها في المحصلة وعت ضرورتها في بداية السبعينات الميلادية. وكنتيجة منطقية للانطلاق من الأطر اخذت تتلمس طرائق تعبيرية جديدة وتوصلت الى قيم فنية جديده ولغة شعرية أخرى في مراحلها التالية. حيث مجرد الخروج على البيت مع البقاء في اطر تعبيريه وفنية قديمة لايعدو ان يكون عبثاً بالقيم الفنية والجمالية للقصيدة العربية العمودية ذات الايقاع التناظري، ولا يعدو ان يكون جهلاً بالعملية الشعرية في جوهرها.
لكن البدايات التي اجترحها اساتذتنا الرواد وعلى رأسهم محمد حسن عواد كان لا بد منها لفتح آفاق وفضاءات جديدة للدفع بالنتاج الشعري المحلي الى تجليات ابداعية محلية تواكب العصر، وقد وعي المتنورون اهمية ذلك، ولا بد لنا ان نعترف ان من اهم هؤلاء اليقظين الاستاذ عبدالرحمن محمد المنصور الذي اعتبره الشيخ عبدالله بن ادريس بحق «في طليعة الشباب اليقظين».
والذي يحسب على نقادنا في المملكة ليس فقط عدم انتباههم لتفرّد هذا الشاعر في مرحلة مبكرة، بل جهلهم بتطورات وتخلقات القصيدة الحديثة وعدم تمييزهم في معظمهم بين نص تتراكم فيه العبارات والمفردات الجافة والراكدة ونص ينسرب بين طياته ماء الشعر وماء الحياة.
(4)
يشير الاستاذ عبدالرحمن العبيد إلى أن عبدالرحمن المنصور «تجسدت فيه معاني الشاعرية الحرة»، وإلى أنه يميل الى الواقعية والتجديد وهو «موغل في هذا المضمار إيغالاً جدياً يندر وجوده في ادبائنا المعاصرين». ويشير الاستاذ عبدالسلام الساسي الى انه يميل الى «التجديد والابتكار» اما الشيخ عبدالله بن ادريس فيرى انه «عميق في التشخيص الاسطوري».
ان قصيدة عبدالرحمن المنصور تعد من البدايات الجريئة والمبكرة للانطلاق بالقصيدة المحلية الى أفق قصيدة التفعيلة والذي يحسب بشكل خاص لشاعرنا قبل غيره هو تفرده برؤاه وبلغته الشعرية الخاصة والمختلفة تماماً عن مجرد كسر البيت او تجزئة البيت او مسايرة ظاهرة شكلية على نحو سطحي كما حصل ولايزال يحصل لدى الكثيرين.
الرياض المرسلات 18/10/1422ه |