أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 9th August,2001 العدد:10542الطبعةالاولـي الخميس 19 ,جمادى الاولى 1422

الثقافية

المشروعية .. نقطة البدء للمسرح المحلي
محمد العثيم
مشكلة المسرح السعودي الكبرى ليست في وجوده من عدمه، وليست في الكم ولا الكيف، ولا في الكوادر والعناصر المسرحية من الجنسين، ولا في التقنية والتدريب والتعليم بل في ماهيته ومشروعيته، وهل هو قائم في أساس الكيان الثقافي أم مسموح محجوب أم انه ممنوع.
من هذه الصعوبات النظامية صنف المسرح السعودي لسنين طويلة على انه نشاط ينضوي في تلافيف الانشطة المدرسية والثقافية الاخرى وللتدليل على ما أقول فان اقامة ندوة تتكلم عن المسرح اسهل اجراء عند القائمين على المسرح من تبني عمل مسرحي لا يوجد فقرة في نظام الانشطة الثقافية تحدده او تعرفه او تبين مشروعيته وتسمح بأن يكون فاعلا في سياق عام مفتوح.
تبدأ مشروعية المسرح السعودي من نقطة الاعتراف الرسمي به على انه كيان ثقافي مثل الشعر والقص او الحكي خارج المؤسسات الحاضنة، وبأقل قدر ممكن من الرقابة والتوجيه مع اتاحة بيئة العمل التي تختلف عن معطيات الثقافة الاخرى ومنها التجهيزات وحرية استعمال البنيات الاساسية مع دعم ثقافي إعلامي تتبناه الدولة عبر الاجهزة العامة.
الاعتراف بالمسرح شكلا وتصورا ثقافيا له كيان يستطيع في بيئته ممارسة حركته وحريته لتحقيق وجوده الثقافي الفاعل المتفاعل مع قضايا وشؤون الحياة الانسان والمجتمع دون عوائق او موانع او خطر التوقف.
إذا ما تحققت مشروعية المسرح السعودي بصفته مؤسسة مثل الصحف والتعليم والاذاعة وبقية المؤسسات الثقافية المدعومة وغير المدعومة فان تنظيمات المسرح بكل فئاته المهنية تستطيع رعاية نفسها والوجود في ظل ضمانات قانونية تتيح له العمل مثل باقي الاعمال الثقافية المصنوعة وبدعم من الدولة لتحقيق اهدافه التي هي بث روح الجمال وترقية القيم للمجتمع.
لو حدث الاعتراف والدعم للمسرح السعودي لصار العرض المسرحي استثمارا مأمونا في بيئة ثقافية سليمة لا تصادر فيها حقوق العرض بمجرد الرأي الناقد او ضيق حيلة التمويل او ايقاف المشاركة او وسواس الرقيب في المؤسسة الحاضنة من عرض يثير المتاعب له في عالم لا تثار فيه المتاعب بعرض او مقال او كلام كما يظن حراس البوابات.
اعتراف رسمي من قبل رعاية الشباب او اي جهة ذات شرعية خارج المؤسسات الثقافية الفرعية الحالية بالسماح بممارسة النشاط سوف يحمي العروض بحيث لا يصبح العرض مغامرة غير محسوبة للمستثمر وسيقدم للمملكة واجهة ثقافية غير العروض الفلكلورية والشعبية.
الأمان الشرعي المطلوب للثقافة بشكل عام وللمسرح قد يأتي باستثمارات كبرى تدير هذا القطاع في مجاله الانتاجي وبالاخص جانب التجهيزات الأساسية والمهنية وتتيح بيئة صحيحة للابداع يتنافس فيها المتنافسون بدلا من ترك القطاع الثقافي بيد المغامرين الذين يقدمون صورة غير صحيحة عن بلدهم ووطنهم.
أربعون عرضا في المملكة كل عام متفاوتة الشكل والمضمون ولكنها في مجملها تشكل الحصيلة الثقافية للجانب المسرحي ولا يجزم احد بأن هذه العروض هي عروض قيمة او ثمينة او حتى تمثل الفكر المحلي الناضج ولكنها او معظمها تنتجها هيئات توجيه وارشاد ويجمعها عامل مشترك واحد وهو انها تذهب هدرا حيث تعرض مرة واحدة لارضاء مناسبة ثقافية او اجتماعية واحدة ثم تتوقف او تنتهي للابد مع انه في العالم كله تستمر العروض احيانا لسنوات لانها تدعم بالدعاية الاعلامية التي تحقق لها حضورا جماهيريا وايرادا على خلاف عندنا حيث تتم العروض بشكل سري.
ورغم ان بعض هذه العروض يكون ممولا من جهات ثقافية مثل الجامعات وجمعيات الفنون بدعم حكومي الا انه ناتجها في معظمه نتاج فطري قوامه الجهد الشخصي للمبدعين خارج اي تصور تقني وما يعتقدونه او يقلدونه من فنون مجاورة بمعنى ان الانتاج ليس في سياق منهجي يضمن نموا ويخلق تراكما معرفيا او يحاسب اي تقصير او يضع قيما ادبية او فنية شرطا في العرض بدل التهافت على التهريج الذي نستورده مرة من الخليج ومرة من مصر لأن اشرطة الفديو لا تسوق مسرحا جيدا بقدر ما تسوق مسرح اللهو الجماهيري.
وماذا عن عروضنا الحالية الجيدة؟ الواقع ان هذه العروض الكثيرة بقيت في معظم الاحيان فاقدة لكثير من عناصرها المسرحية الممكنة إمَّا لتصورات المنتج او لصعوبات اجتماعية في فهم واستيعاب هذا الفن التقدم مما يجعل المبدعين واداراتهم في شعور من لا جدوى هذا العمل الأدبي.
العمل في هذا المجال يستقطب في الغالب القدرات الشابة التي تضع في الاعتبار الوصول الى شاشة التلفزيون بعد التمرس في فنون الاداء والتمثيل وهذا الهدف قد يجعل بعضهم يبدأ من النهاية منذ ان تطأ قدمه أرض التلفزيون.
إشارة:
نشرت الصحف الاسبوع قبل الماضي عن بادرة التلفزيون الجديدة بقيامه بتعميد احدى المؤسسات بانتاج خمسة أعمال مسرحية.. وهذه البادرة من التلفزيون ومقام وزارة الاعلام تعتبر الاولى من نوعها اذ جرت العادة ان يشتري التلفزيون الانتاج العربي المتوفر دون ان يعمد المنتجين بانتاج مسرحي محلي للصغار أو الكبار.
نشير هنا الى ان هذه الخطوة انتظرها المسرحيون طويلا اذ تذهب عروض كثيرة أدراج الرياح لانها فقط لم تسجل للتلفزيون للعرض مع ان برامج التلفزيون تستورد المسرحيات العربية لعرضها ومن تلك المسرحيات ما لا يعرض الا على التلفزيون السعودي حيث تعتبر مسرحيات معلبة.
نعيد الشكر والتقدير للتلفزيون على هذه البادرة راجين ان تتلوها بوادر لتسجيل اعمال مسرحية للكبار لتغطية الفقر في هذا الجانب الثقافي المهم.
othaimm@hotmai l.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved