| العالم اليوم
في شهر نيسان من العام 1948، سجلت كاميرا احد المصورين منطقة تكاد تكون كلها خالية من معالم الحياة. ولم تكن الأرض ارضا متشققة لا تصلح للانبات او لم تتلق قطرات المطر، ولم تكن ايضا ارض جوع تحكي مأساة شعب. كانت الأرض تحكي قصة غدر مثلما كانت تحكي قصة بطولة واستشهاد.
في التاسع من شهر نيسان من العام المذكور، وقعت كما يحدثنا التاريخ، وقعت مجزرة «دير ياسين» التي ذهب ضحيتها سكان المدينة عن بكرة ابيهم، وذلك خلال معركة المواجهة الفاصلة بينهم وبين عصابات العدو الصهيوني، وفي مقدمتها عصابة آراغون التي كان يرأسها ميناحيم بيغن.
وتبدو في الصورة التي تسرّبت الى صحف عديدة في العالم، تبدو آثار حرق البيوت والناس، وكأنها تصرخ: من هنا مرت الأقدام الهمجية. هنا يرقد شهيد رفض ان يبرح الأرض التي ولد فوقها. هنا استشهد رجل لم يحنِ رأسه قائلا للاعداء لا لن تمرّوا، هنا مزّق الاعداء جسد امرأة وانتزعوا من بطنها الجنين الذي لن يرى النور...
في تلك المعركة، كما دارت بين افراد عصابتي الآراغون والشتيرن بزعامة ميناحيم بيغن، وبين سكان المدينة البطلة، رجالا ونساء، شيوخا واطفالا، سجل ابناء الارض العربية مواقف بطولية تذكر ببطولات كل المراحل اللاحقة لتاريخ هذه المجزرة، منذ الاعلان عن قيام دولة اسرائيل الى ايامنا هذه، حيث تحيي بطولات اطفال الحجارة في الذاكرة صور البطولات التي دخلت سجل التاريخ، تاريخ العرب والعالم.
بعد بضعة ايام، قال بيغن في تصريح له امام مراسلي وكالات الانباء ما مفاده ان عصابتي الآراغون والشتيرن فقدتا 40% من افرادهما في المعركة التي اطلق عليها اسم «معركةالاحياء والمنازل».
والجدير بالذكر ان المعركة كانت، بالفعل معركة احياء ومنازل، بعد ان طوّقت القوات المعادية المدينة من كل اطرافها قبل ان تداهم احياءها ومنازل السكان فيها ببضع ساعات كانت بالفعل معركة شوارع وبيوت.
وفي المراجع التي تتحدث عن مجزرة «دير ياسين» فضلا عما تتحدث به صورها، ان مشاهد وحشية ارتكبتها قوات الغزو الصهيوني لم يشهد التاريخ لها مثيلا في اي زمان او مكان. وتضيف ان هذه المعركة مهدت لقيام الكيان الصهيوني في فلسطين العربية في أيار من العام نفسه كما هو معروف.
لقد كان الثمن حياة من كانوا في المدينة، وهو ثمن لا يمكن ان يوصف بأقل من القول انه التزام بالانتماء الى الأرض والتاريخ، وانه تجسيد لقضية لا يمكن ان تموت مع مرور الزمن، وفيما تشهده الأرض الفلسطينية في ايامنا هذه خير برهان على انتصار القضية العربية عاجلا او آجلا، لأن الحق هو دائما المنتصر عبر التاريخ.
SAMERLOUKA@NET.SY
|
|
|
|
|