أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 18th December,2000العدد:10308الطبعةالاولـيالأثنين 22 ,رمضان 1421

تحقيقات

يسكنه 15 ألف من مهاجري بورما ويفتقر لجميع الخدمات ومقومات الحياة
سكان حي البرماوية بجدة يواجهون الأمية والتلوث والعشوائية
السفلتة معدومة,,والنفايات متراكمة,, ومياه الصرف الصحي تغطي الشوارع
سوق الجمعة الأسبوعي يفد إليه البورماويون من كل مكان وبضائعه آسيوية فقط
* * تحقيق : نايف صالح البشر
يوسط عروس البحر الأحمر وضمن احيائها الشعبية العديدة يقع حي البرماوية الشعبي بسكانه البورميين الذين يتجاوز عددهم الخمسة عشر ألف ساكن مشكلين بذلك واحداً من أكبر التجمعات السكانية في جدة.
ولأن هذا الحي الأحمر كما يطلق عليه بعض قاطنيه له خصوصيته وطريقة عيشه المميزة ولسكانه عاداتهم وتقاليدهم الفريدة كان لابد لنا من زيارة نقف من خلالها على أحوال هؤلاء ومطالبهم وكيف ينظرون لمستقبل حيهم ومستقبل أبنائهم
ويعد حي البرماوية في جدة واحداً من بين اربعين حياً شعبياً عشوائياً تفتقر لمعظم مقومات الحياة في هذه المدينة حيث تفتقر الى الخدمات العامة والشوارع والحدائق ويسكن هذه الأحياء أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية وقليل من السعوديين ذوي الدخل المحدود,, وهذه الأحياء التي نشأت ساعد على نموها العمالة المخالفة لنظام الإقامة وبنيت في وقت قياسي بعيداً عن مواصفات ومراقبة الأمانة والبلديات الفرعية في ذلك الحين مما أدى الى ظهور هذه الأحياء المفتقرة الى الخدمات العامة وتنتشر بها المخالفات الأمنية بالاضافة الى المخاطر الثقافية والاجتماعية التي تنمو في هذه الأحياء الغريبة عن عاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية,.
الجزيرة قامت بزيارة واحد من هذه الأحياء الشعبية العشوائية بمحافظة جدة وفي اعتقادنا بأنه الأغرب في اسمه وأزقته وشوارعه وابنيته ونفاياته وسلوك قاطنيه,, انه الحي البعيد عن مسامعنا واعيننا وعن كمرات التصوير حي البرماوية او كما يسميه البعض الحي الأحمر نسبة لكون أغلب أبنيته من الطوب الأحمر والواقع في الجزء الجنوبي الشرقي لمحافظة جدة والذي يسكنه أكثر من خمسة عشر ألف نسمة من الجالية البورماوية المسلمة المهاجرة من بورما وقليل من الجالية البنغالية وعشرات المواطنين من ذوي الدخل المحدود.
ومن أغرب ما شاهدناه في هذا الحي السوق الشعبي الاسبوعي سوق الجبل والذي يقام كل يوم جمعة من الصباح الباكر وحتى المساء ويفد إليه المئات من مختلف الأحياء في محافظة جدة ومكة المكرمة والمحافظات القريبة ويعرض فيه كل ما يحتاجونه من سلع ومواد غذائية نشاهدها لأول مرة وكأننا في إحدى مدن شرق آسيا,.
دخولنا الحي لأول مرة كان في يوم يوافق السوق الاسبوعي الجمعة غير أننا لا نعرف تحديد الموقع والذي لم نعرفه تماماً وسألنا احد السكان والذي رأينا من علامات وجهه الاستغراب عن وجهتنا فقلنا له نحن صحفيون ونرغب ان ندخل الى السوق فأشار لنا بالاتجاه شرقاً وحذرنا من صعوبة الطريق الذي يصل الى وسط الحي والى السوق,, وعند دخولنا السوق إذا بالعشرات من الأطفال والشباب يتجمهرون حولنا مما زاد من تخوفنا ولاسيما أننا الوحيدون السعوديون في السوق وطلبت من المصور عدم التقاط اي صورة,, وقطعنا السوق والكل مستغرب من حضورنا المبكر حتى اصحاب الدكاكين البعض منهم أقفل محله ليتابع ما نحن بصدد عمله,, نرى النوافذ والأبواب وقد فتحت والبعض الآخر أغلق وخرج منها العشرات لمتابعتنا وكأننا محاصرون,, وهمست في أذن المصور ماذا نعمل حتى نخرج بجلودنا من هذا الحي,, وما هي إلا لحظات حتى رأينا ذلك الرجل كثيف اللحية والمبتسم والذي رحب بنا وسألنا هل يقدم لنا خدمة فقلنا له نعم نحن صحفيون ونريد ان نصور السوق ونلتقي بكم فما كان منه إلا ان تحدث إليهم وبصوت عال وباللغة البورماوية وخلال ثوان تفرق الصبية والشباب عن ملاحقتنا وفتحت المحال التجارية وقال لنا: الكل يظن بأنكم من أمانة جدة والتي تقوم بين لحظة وأخرى بزيارة سوق الحي سوق الجبل حيث يتم إتلاف الكثير من الخضار والفواكه واللحوم والأكلات الشعبية بحجة انها غير صالحة للاستخدام الادمي,, وهذه الأشياء التي يتم مصادرتها تكلف الكثير من المال والجهد,,!
وطلبنا ان نأخذ معه جولة في السوق فما كان منه إلا الموافقة ولكن بشرط ألا نقوم بتصويره فوافقنا وبدأنا الجولة التي استمرت حوالي الساعتين حيث لاحظنا وجود المجاري والصرف الصحي الذي يخترق السوق والذي هو عبارة عن عدة شوارع وازقة ضيقة جداً قد لا يستطيع ان يلتقي فيها شخصان ويلاحظ العشوائية في عرض السلع ونجد أن ما يقارب 90% من السلع الغذائية وبخاصة الفواكه والخضار واللحوم والأسماك والحلويات والكثير من أنواع المأكولات هي من الأنواع المنتشرة في دول جنوب شرق آسيا.
عمره ثلاثون عاماً
وخلال جولتنا التقينا مع الاستاذ رشيد احمد عبدالجليل وكيل مدرسة العلوم الرشيدية الأهلية بحي البرماوية والذي رحب بنا وقال ان هذا الحي قد نشأ منذ ثلاثين عاماً وأغلب ساكنيه من الجنسية البورماوية وحالياً يوجد أكثر من 15 ألف نسمة في هذاالحي وعن نشأة السوق يقول رشيد منذ 25 عاماً وسوق الجبل معروف ومشهور وهو يقام كل يوم جمعة ولكن السوق يكون أكثر حركة في شهر رمضان حيث يفد إليها أبناء بورما في جدة ومكة والكثير من السعوديين ويقام من الصباح الباكر حتى المساء، وعن ملكية المنازل يقول الاستاذ رشيد يوجد منازل يملكها بورماويون وأخرى للاخوة السعوديين ويغلب على الحي العشوائية في كل شيء وخدمات البلدية غير متوفرة.
تراكم النفايات
بينما يقول محمد مالك نحن في هذا الحي نعاني من عدم السفلتة والإضاءة ومن تراكم النفايات والأسوأ من ذلك مياه الصرف الصحي الملوثة التي ازعجت السكان حتى المسجد الجامع والمدرسة الرشيدية لم تسلم من مياه الصرف الصحي وداهمت المسجد لأكثر من مرة.
المدرسة الوحيدة
وعن التعليم في الحي يقول عبدالرشيد وكيل المدرسة الرشيدية الأهلية الوحيدة بالحي: لا يوجد سوى هذه المدرسة الملحقة بالمسجد منذ 25 عاماً ومرخصة من وزارة المعارف ويدرس بها حوالي 270 طالب وهي وقف من أهل الخير ونحن نعاني من تكدس الطلاب وضيق المدرسة وعن المدارس الأخرى يقول لا توجد مدارس متوسطة خاصة بالبورماويين بالاضافة الى عدم وجود مدارس بنات فهم يتعلمون القرآن الكريم فقط اما في المسجد او في البيت والأغلب أميون لا يقرأون ولا يكتبون وهم من مواليد المملكة.
وعن طبيعة عملهم يقول رشيد هناك المئات من البورماويون في مختلف مناطق المملكة ويعملون في حلقات تحفيظ القرآن الكريم وأغلب الأعمال التي يزاولها البورماويون هي في مجال التجارة والتنجيد والبيع والشراء بالاضافة الى العمل كسائقي سيارات بين مناطق المملكة ولدى كفلائهم.
بضائع آسيوية
ونواصل الجولة في حي البرماوية بجدة فنلتقي مع هاشم برماوي من مواليد المملكة وهو عاطل عن العمل حيث سألناه عن الغريب في هذا السوق فقال هو غريب فيما يحتويه من بضاعة وخضار وكأن المتسوق في إحدى مدن شرق آسيا حيث يباع التنبول والفواكه الاستوائية والأسماك واللحوم والأكلات الشعبية بالاضافة الى الملبوسات ونحوها ويقول هاشم أن الأمانة تداهم السوق بين لحظة وأخرى وتصادر كميات كبيرة من اللحوم والأسماك والخضار بحجة انها فاسدة,,!! نحن مع الأمانة ومع صحة الفرد ولكن نريد منها ان تتعاون معنا وذلك بالسفلتة والإنارة وحمل النفايات وتصريف مياه المجاري والإشراف اليومي على السوق ونحن مستعدون للتعاون معها مهما كلف الأمر,, نريد من الأمانة ان تهتم بالخدمات وايجاد موقع للسوق الجديد وايجاد محلات تجارية وفق مواصفات معينة ونحن على استعداد للتعاون معها.
نخاف من البلدية
ويقول أحد أصحاب المحلات التجارية: ما هو ذنبا في ان تصادر ذبيحة من الأبقار بعد أن كلفتنا الكثير أو كمية من السمك الذي تقول عنه الأمانة أنه فاسد,,!
نحن نعيش فترة خوف وترقب وقت قيام السوق لكي لا تداهمنا الأمانة.
نسبة المواليد مرتفعة
ونلتقي بأحد المتسوقين السعوديين والذي سألناه عن الحي وكيف معاملتهم مع الجاليات الأخرى فقال الاخوة البورمايون شعب مسالم لا يمكن أن يخدع وصديق للجميع وعن الشباب يقول الحي متكدس بالشباب العاطل عن العمل ولا أحد يعرف ماذا سيكون المستقبل لديهم وخاصة ان البعض منهم قد زاد عمره على 25 عاماً فهو عالة بشكل كبير واعتقد ان ما نسبته 70% من السكان من الشباب والأطفال دون 30 عاماً واعتقد ان تواجدهم قد يخلق مشاكل اجتماعية وأمنية إذا لم يتم استدراكها في الوقت الحالي,وخاصة انهم عاطلون عن العمل فربما قد يمتهنون أعمالا أخرى غير مسموح بها.
بلا خدمات
ونواصل الجولة في حي البرماوية حيث نلتقي مع المواطن محمد الجهني والذي يقول لقد كان الحي عبارة عن عدد من الصناديق والغرف ومن ثم بدأت المنازل الشعبية وبدأ الاخوة البورمايون في استئجارها وأغلب هذه المنازل غير منظمة وغير صحية وعن سلبيات الحي يقول الجهني الحي مهمل من الجهات ذات الخدمات العامة وكأنه في غير مدينة جدة لا شوارع ولا إنارة ولا حدائق في الحي وبصريح العبارة يرثى له وندعو أمين مدينة جدة لزيارة الحي والإطلاع عليه عن كثب.
مكتب توعية الجاليات
وننتقل الى مكان آخر في حي البرماوية انه مقر مكتب توعية الجاليات حيث نلتقي بمديره الاستاذ علي العُمري والذي قال ان دور مكتب الجاليات يكمن في تثقيف وتعليم الفرد البورماوي في هذا الحي وفق منظور إسلامي ودورنا تعليمهم العقائد وأمور دينهم اليومية عن طريق ثلاث لغات وهي العربية والبورمية والأردية ونقيم العديد من المحاضرات الاسبوعية والشهرية ولعدد من الدعاة ومنهم الداعية منصور غلام من جامعة أم القرى حيث يلقي درسا كل يوم جمعة واضاف العُمري ان المكتب يقوم بتسيير رحلات اسبوعية في رمضان الى الحرمين المكي والنبوي وهناك توزيع صدقات وكسوة العيد من رجال الأعمال وأهل الخير وربط هذه الصدقات بالحضور للندوات والمحاضرات التي تهمهم حيث ينتشر بينهم الجهل والأُمية ويقعون في عدد من الأمور المحرمة، كما ينتشر بينهم تعليق التمائم ولكن المشكلة الكبرى ان هناك الكثير منهم يحفظ القرآن كاملاً ولكن لا يعرف شروط الصلاة أو كيفية الوضوء ولا يعرف عن التوحيد والفقة اي شيء,, فالحي بحاجة الى نظرة مسؤولي جدة فهو مزدحم بالسكان ويتميز بكثرة الشباب العاطلين عن العمل ووقع بعضهم في شراك المخدرات هذه خطورة ليس عليهم فقط بل على المجتمع باسره.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved