| رمضانيات
تحقيق :حسين بالحارث
اعتاد الناس في رمضان على سلوك شرائي يكاد يصبح نمطا معيشيا في هذا الشهر العبادي حيث يعتري الناس رغبة شديدة في التسوق وشراء أغراض بعضها ليس له علاقة بلوازم الشهر,, وهناك من يقول إنها حالة نفسية سببها ترسخ فكرة لدى الكثيرين أن رمضان أصبح متنفسا يخرج الناس فيه من بين جدران المنازل الى الشارع وبالتالي فان التسوق ليس الا مبررا لهذا الخروج فيما يرى آخرون بأن الناس تخرج في رمضان بكثرة تتسوق لرمضان والعيد وكذلك الاجازة وبالتالي فالأمر طبيعي.
الجزيرة قامت بهذه الجولة لتستطلع مختلف الآراء حول هذه الظاهرة.
لا للتعميم
في البداية التقينا بالسيدباقر الهاشم فقال: أعتقد ان الناس تحتاج الى بعض التسوق في رمضان المبارك ولكن في نفس الوقت لا أنكر أن نسبة كبيرة من طلعات الناس وحتى مقاضيهم ليس لها مبرر وبعضهم يحمل نفسه أكثر من طاقتها بسبب مشتريات ليالي شهر رمضان ولهذا نجد الناس تعاني كثيراً من مصاريف هذه الفترة وأقصد رمضان والعيد والاجازة المدرسية نصف السنوية والتي الغيت هذا العام وبدلا من أن يكون رمضان للبعض شهر رحمة وعبادة يتحول الى شهر اسراف وديون تلاحق صاحبها الى ما شاء الله.
ظاهرة تستحق الدراسة
أما السيد سمير العفيصان فيرى أن الظاهرة صحيحة وفيها شبهة من حيث الاسراف ويقول: ان الملاحظة الحقيقية هي خروج النساء بكثرة في رمضان الى المجمعات التجارية والأسواق الى ساعات متأخرة من الليل خاصة بعد توقف الدراسة حيث تزدحم الشوارع ويصبح منظر النساء في الأسواق وكأنهن يتسكعن بلا هدف مسألة لافتة جداً,, ودلل العفيصان على ذلك بقوله: من الصعب في ليالي رمضان أن تجد موقف سيارة خاليا أمام مجمع تجاري بعكس المناسبات الأخرى رغم عدد المواقف الهائل لدى بعض المجمعات مما يؤكد ظاهرة التسوق المبالغ فيها أو التسكع لدى البعض.
ويقترح العفيصان دراسة الظاهرة بقوله: أعتقد أن الظاهرة تستحق الدراسة من قبل الاجتماعيين لمعرفة أسبابها ومدى خطورتها وهل هي للتسوق؟ وهل التسوق بهذه المبالغة تتناسب ودخول الأفراد أم هل الظاهرة نفسية كما تفضلت حيث يستغل الناس شهر رمضان للترويح عن أنفسهم فتتحول الأسواق الى متنفس وهل التسوق المبالغ فيه ثمن معقول لهذا الترويح؟! كما أغفل أمر آخر وهو هل للدعايات التلفزيونية التي تنشط في رمضان دورها في حركة التسوق الرمضانية.
أما السيد خالد الأبيض فهو يعتقد أن الأمر طبيعي جداً وليس فيه أي شيء غريب وقال: سواء خرج الناس من بيوتهم أو لم يخرجوا أو وجدت هذه الظاهرة أو هي غير موجودة فليس هناك من ضرر وهذه أمور تعود لأصحابها وأعتقد أن الذين يخرجون ويصرفون أموالهم ينفقونها على ما يرون انه يحقق لهم السعادة، وتأكد ان كل واحد يستطيع ان يكيف نفسه مع وضعه هو لا أوضاع الناس,, كما أظن الناس تخرج الى السوق في رمضان للضرورة حيث ان مقاضي رمضان كثيرة كما ان العيد يحتاج أيضاً لمقاضي والناس تخرج من حين الى آخر لشراء لوازمهم وما يستحق فعلاً وقفة وانتباه هو الأسعار التي ترتفع عمال على بطال أي بدون سبب أحياناً سوى انها موجة أعترت التجار والباعة.
وقالت السيدة أم حازم وهي زوجة أحد الذين التقيناهم: أنا لا أظن أن الأمر بهذا التبسيط وأنا مثلاً أعمل معلمة وأعود الى المنزل منهكة وبمجرد وصولي للمنزل اتجه للمطبخ لإعداد الافطار وبعد المغرب نصلي التراويح وما ان انتهي الا وأكون مجهدة الى آخر حد ومع ذلك أجد نفسي مضطرة للخروج الى السوق لشراء لوازم رمضان والعيد وخاصة ملابس الأطفال,, أما لماذا أكثر من مرة خلال الشهر فلأن الاحتياجات تكون كثيرة كما نحتاج في بعض الأحيان الى التوجه الى أكثر من مجمع تجاري وأكثر من سوق بحثاً عن الأسعار المناسبة والسلع الجيدة.
الفتيات أيضاً يتسكعن
كما التقينا ببعض الشباب فقال: عبدالله الجطيلي: أناس كثيرون يخرجون للسوق بدون سبب وأعتقد ان تأخر الدوام في النهار يشجع على السهر وبالتالي الناس لا تدري الى أين تذهب والكثيرون لا يرون مكانا ممكنا أن يتجهوا له سوى الأسواق والمجمعات قال الجطيلي: أظن ان الازعاج الذي تقصده مسألة معيبة جداً للشباب السعودي ولكن في نفس الوقت أعتقد اليوم ان بعض الفتيات أصبحن مزعجات بدورهن ومثل ما لدينا شباب سيئون فثمة نساء أيضاً سيئات يشجعن بعض المراهقين على السلوك المقيت لكل انسان متحضر ذكر كان أو انثى.
الانفاق بدون تخطيط
أما صلاح السبيعي فهو يعتقد ان الظاهرة موجودة ولكنها لا تشكل مشكلة خطيرة اللهم انه يطالب ان ينتبه الناس لنفقاتهم وان يرتقي وعيهم الى مستوى التخطيط بمعنى ان نبلغ مرحلة التسوق المخطط وتنظيم ميزانية مصروفات الأسرة وقال: مطلوب من الانسان أن يحمد ربه على النعم أولاً وأن يقلل من المشتريات التي ليس لها من داع فذلك خير ألف مرة من شعور الأسرة بالحاجة أو اضطرار رب الأسرة الى الدين وعلى النساء أن يخففن على أزواجهن ويشعرن أنهن شريكات في إسعاد الأسرة وحمايتها من الضغوط النفسية الناتجة عن سوء تخطيط الانفاق المادي,, ومثال على سوء التخطيط فان التجول في السوق بلا هدف لابد وأن ينتج عن شراء واذا كانت فكرة الشراء تحدث في السوق أثناء التجول فانها بعيدة كل البعد عن التخطيط والغالب انها نزوة تنتهي الى الندم ولكن بعد فوات الأوان.
ويضيف السبيعي: أظن ان بيوتا كثيرة خسرت أموالا كثيرة بسبب انعدام ثقافة الانفاق بما فيها التسوق وهناك بيوت أهلها في خير ولكن لو كان لديها تخطيط لكانت في أوضاع أفضل أيضاً وأعرف ان هناك نساء هوايتهن التسوق وللأسف ان الاعلانات خلقت ثقافة استهلاك خاطئة وخطيرة وهي توفر غطاء حقيقي لانتزاع شقاء الناس بمجرد استلامه,, أما العينة التي تتأثر بهذه الدعاية فهم يمثلون نسبة كبيرة ممن تراهم في المجمعات والأسواق التجارية لدرجة انه أصبح لدينا مفهوم عجيب وهو مفهوم سياحة التسوق!!!
الناس فرائس للدعايات
وفي نهاية جولة الجزيرة التقت السيد حسين زيد آل قريشه وقال: مما لا شك فيه ان هذه الظاهرة استجدت علينا في السنوات الأخيرة حتى أصبحت سمة من سماة هذا الشهر، ففي هذا الشهر الفضيل انقلب الليل الى نهار والعكس فوقت النهار خمول من المتسوقين والتجار على حد سواء وأصبح تركيز التسوق ليلاً وقد انحصر بين الساعة التاسعة مساء والثانية فجراً مما يجعل هناك ازدحام في هذه الفترة وحدا بالتجار الى ان يستغلوا هذه الكثافة بطرح عروض خاصة وجوائز مغرية لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المتسوقين واغرائهم بالشراء ناهيك عن التخفيضات المغرية، اضافة الى ان هناك خصوصية لهذا الشهر تتطلب الاكثار من استهلاك المواد الغذائية التي تعمر بها موائد الطعام، واذا وضعنا في الاعتبار ما لهذا الشهر من ميزة في التقارب بين أفراد المجتمع وتكثيف الزيارات واقامة الولائم تزيد طردياً من خاصية الشراء، وكذلك تزامن هذا الشهر مع الاجازات وقدوم عيد الفطر بمتطلباته يزيد من التسوق والانفاق، وأنا أرى من وجهة نظري ان المشكلة تكمن في عدم تنظيم الوقت ووضع قوائم بمتطلباتهم سلفاً وهذا ما يكرر عملية التسوق ويؤدي الى عشوائية الخروج للأسواق وزيادة احتمال وقوعهم في شرك التنزيلات والعروض المغرية المخادعة أحياناً مما يزيد من استنزاف المحافظ, إضافة الى هواة التسوق الذين يجدون متعة في التسوق والتجول.
|
|
|
|
|