| أفاق اسلامية
* الجزيرة خاص
حث فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام الأمة الإسلامية على أن يستدعي أبناؤها معاني المحاسبة والتدبر والتقويم والتفكر التي يبرزها شهر رمضان الذي يمثل جامعة للخير والبر ومدرسة للحلم والصبر ومنارة للإيمان والتقوى وحصنا من الفتن والأدواء وغذاء للأرواح وبلسما للجراح وكابحا للشهوات والغرائز، وشاحذا للهمم والعزائم جاليا لسخائم النفوس وأمراض القلوب وطريقا لتآلف الأمة وتراحم أبنائها وتعاونهم فهو بحق ربيع المؤمنين وغنيمة الصالحين وفرصة العصاة والمذنبين.
وأكد فضيلة الشيخ الدكتور السديس في حديث لالجزيرة أن شهر رمضان به تتذكر أمة الإسلام مجدها الخالد وعزها التالد وماضيها المشرق وانتصاراتها الباهرة فيحفز ذلك الهمم ويصقل المشاعر والأحاسيس ليقف كل مسلم موقف جد محاسبا لنفسه: هل تنبه في هذا الشهر الكريم من غفلته، واستيقظ من رقدته؟ أم ان حاله في هذا الشهر كحاله في غيره، تأسره المعاصي، وتلهيه سكرة الهوى وطول الأمل؟.
وقال فضيلته: إنه ليجب على المسلمين ان يعرفوا ان شهر رمضان هو شهر الجد والاجتهاد والقوة والجهاد وشهر الانتصارات القاهرة، والفتوحات الباهرة، وانه كلما أحلولك الظلام وعمت غيوم الكوارث والحوادث ديار الإسلام ليقين الله مطلوب والأمل موجود وبوارق النصر توشك ان تعلو بحمد الله تعالى يجسد ذلك صحوة إسلامية مباركة عمت جميع أصقاع الدنيا بفضل الله.
وأبان فضيلته في حديثه بمناسبة شهر رمضان المبارك ان الاخطاء المتفشية التي توجد في واقع الصائمين لجديرة بالمعالجة وتشخيص اسبابها التي يجمعها: قلة البصيرة في دين الله، وضعف الارتباط بفقه حكمه وأحكامه، وانه لينبغي على كل صائم يرجو قبول صيامه ان يعرض ويبادر إلى عرض حاله في هذه الفريضة العظيمة على ميزان الشرع ومعيار السنة المطهرة فسوء فهم بعض المسلمين لهذه الشعيرة العظيمة جعل لهذه الظواهر رواجا في واقع المسلمين، مشيرا إلى ان من لم يستفد من عبادة الصوم دروسا وعبرا وآثارا وفكرا فمتى يستفيد؟ ومن لم يقوّم نفسه في رمضان؟ فمتى يقوّمها.
وتساءل فضيلة الدكتور السديس ان لم تعد أمة الإسلام إلى تحكيم شرع الله، والاقبال على كتابه في هذا الموسم فمتى تعود؟ وان لم يتحرك علماؤها ودعاتها ومفكروها للقيام بواجبهم تعليما وحسبة واصلاحا وقربة فمتى عساهم ان يتحركوا؟ ان لم تجتمع كلمة المسلمين وقد اجتمعوا على هذه الشعيرة صياما وعبادة وقياما؟ فمتى تتوحد صفوفهم، وتجتمع كلمتهم وتتطهر قلوبهم من الغل والحقد، والحسد والضغينة؟ إن لم تعف ألسنتهم عن الكذب والغيبة والنميمة والبهتان فمتى تصلح؟ إن لم يتحرروا من الشهوات والأهواء ويعودوا إلى ساحات الاهتداء والاقتداء فمتى يفعلون ذلك؟.
وأوصى فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس بالاقبال على الله وعدم الانشغال بالدنيا عن الدين، كما أوصى الشباب المسلمين بالاستفادة من هذه المواسم العظيمة صلاحا واصلاحا مشددا على أهمية عودة نساء المسلمين في هذا الشهر الفضيل إلى اجواء الإيمان والعفاف والاحتشام والحجاب، كما دعا الاثرياء الموسرين إلى بذل المال في سبيل الله تعالى مبينا في هذا الصدد ان هذا الشهر المبارك الذي يجد فيه المسلمون فسحة للعبادة والاقبال يجب ان يكون منطلقا لرجعة ثابتة وعودة صادقة إلى الله جل وعلا.
وحذر فضيلته المسلم من استكثار عمله على ربه، من صيام وقيام وصدقة واعتكاف وتلاوة فكل عمله مهما كثر قليل في جانب نعم المولى عز وجل، مؤكدا انه لمن الحرمان والغبن والخسارة ان تمر أيام وليالي هذا الشهر الفضيل وفيه من المسلمين من لم يرفع رأسه لاغتنام هذه الاوقات فيقطعون النهار بالنوم والكسل، والليل بالسهر واللهو والمحرمات، والتفنن في المشتهيات والملذات، واطلاق الجوارح أسماعا وأبصارا وألسنة إلى ما حرم الله عز وجل.
وتحدث فضيلته عن أفضال شهر رمضان المبارك وأفضال العشر الأواخر منه داعيا المسلمين إلى وقفة لمحاسبة النفس وفتح صفحة جديدة من الأعمال الصالحة، والقيام في هذه الأيام واستغلالها أيما استغلال في أعمال الخير، لأن لا عز للمسلمين ولا قوة إلا بتمسكهم بدينهم، واقبالهم على ربهم واهب النصر والقوة، مطالبا فضيلته من أمة الإسلام ان تأخذ من ماضيها المجيد الدروس والعبر، فأمة لا ماضي لها لا حاضر لها، ونحن أمة لها حضارة وأصالة وتاريخ ولها ماض تليد، ومضارع عتيد، ومستقبل مشرق بإذن الله سعيد.
وطالب فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أمة الإسلام تقوى الله وتعظيم شعائره وحرماته وتقدير هذا الشهر الفضيل واستغلال ساعاته وأيامه ولياليه وصيانة صومه عن كل ما ينقص وينقضه، داعيا فضيلته الفرد المسلم إلى ان لا يكون حظه من صيامه الجوع والعطش، بل يجب ان يستغل هذا الشهر في العمل والعبادة لله وحده، وليكن له في النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، فقد كان أجود الناس عليه الصلاة والسلام كما كان أجود ما يكون في رمضان وكان كالريح المرسلة مُسارعة في الخير مسابقة إلى البر والاحسان.
وذكَّر فضيلة الشيخ الدكتور السديس أمة الإسلام بأن الله افترض عليها زكاة الأموال، وجعلها ثالث أركان الإسلام فلتحرص على اخراجها طيبة بها نفوسها والجودة بما أفاء الله عليهم بمساعدة المسلمين المساكين المحتاجين المجاهدين والمتضررين في كل مكان، والدعاء الصالح لهم في هذا الشهر المبارك والأخذ بالعهد على النفس بالسير على طريق الصلاح والاستقامة والتوبة والانابة في كل الأمور، ولعل الإنسان يحظى بالرحمة والمغفرة والعتق من النار في هذا الشهر الكريم.
|
|
|
|
|