| عزيزتـي الجزيرة
اقترنت الزكاة بالصلاة في العديد من المواضع في القرآن الكريم، ولا غرابة في ذلك فالصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام تليها بالترتيب الزكاة في الركن الثالث، وهذا دليل على ان الإسلام يعنى بالفقراء والمساكين اذ أوجب على الاغنياء زكاة تخرج من كرائم أموالهم لترد على فقرائهم,, وهذا من أروع الأمثلة على أن الاسلام يحث على التكافل والبذل,, وحينئذ فنجد كل من بلغ عنده نصاب الزكاة يحرص على اخراج الزكاة وعلى ايصالها إلى المستحقين سواء قام بالتحري بنفسه او اعطاها للجمعيات الخيرية والمنتشرة بحمد الله في بلد الخير المملكة العربية السعودية ثم بما تقوم به حكومتنا حفظها الله من رعاية وتشجيع ودعم للجمعيات الخيرية.
ولكن من الملاحظ في هذا الأمر ان جل اولئك المزكين يقتصرون على اخراج زكاة أموالهم في رمضان بالتحديد، ويقل من تجده يخرجها في غيرهم من الأوقات وذلك اغتناماً لفضيلة الوقت، وادراكاً لشرف الزمان.
وصاحب الحاجة من فقراء ومساكين لا تتوقف حاجته على شهر رمضان فحسب، بل قد تزيد حاجتهم للمال في غيره,, فأوقات تتكالب الخطوب ويتأزم الموقف فينكسر أمام الحاجة الملحة لا يستطيع حراكاً لقلة ذات اليد.
فبداية العام الدراسي يتطلب الكثير والكثير من المتطلبات الضرورية التي يحتاجها الفقير وأبناؤه من ملابس وأدوات مدرسية وووو,,, غيرها.
وتحول فصول السنة، فالشتاء تكون الحاجة إلى المأكل أكثر من غيره كما ان ملابس الشتاء تختلف عن ملابس الصيف، وملابس الصيف تختلف عن ملابس الشتاء، ونمو الأبناء مستمر مع تغير الجنس فالحاجة حينئذ تزداد والطلب على الضروريات يظهر والمال شحيح فمن أين يصرف الفقير أو المسكين، وما يأتيه من المحسنين قد اقتصر على شهر واحد في السنة هو رمضان فقط.
أيضاً ما يلتزم به كل شهر من صرف لفواتير الخدمات الضرورية، والتي لا غنى لفرد في الوقت المعاصر عنها: كالماء والكهرباء والهاتف,, فكيف سيستمر متمتعاً بها وقد قطعت عنه بسبب عدم السداد لقلة ذات اليد ولأن الزكاة لا تأتي إلا بشهر واحد بالسنة تتزاحم فيه الأموال بين يديه لتصرف في كل موضع ضرورياً كان أو كمالياً لا يهم فالمال وفير في هذا الشهر,,؟,! فإذا ما أخرج الناس الزكاة في شهر رمضان وتكاثرت الأموال بيد من وصلت إليه أخذ يصرفها على كل شيء المهم والأهم وما دون وأقل بل وأقل من الأقل فتذهب في وقت محدود ويظل طوال العام يتجرع ويلات وويلات فتجبر الزكاة حاجة الفقير في رمضان ويبقى يندب ما جنت يداه بقية العام حيث صرفت على كماليات وضروريات أمامه واقفة له بالمرصاد.
ونحن في هذه الحالة نسعى لكسب شرف الزمان وتركنا بل اهملنا شرف الأحوال مع أن شرف الأحوال افضل من شرف الزمان وهذه مسألة مهمة علينا أن ننتبه لها وخاصة الأثرياء والأغنياء وأصحاب الأموال,, وقد ذكر فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين متعه الله بالصحة ونفع به وبعلمه قاعدة في هذه المسألة في كتاب الزكاة من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع المجلد السادس صفحة 275 قال: الفضل اذا كان يتعلق بذات العبادة كانت مراعاته أولى من الفضل الذي يتعلق بزمانها أو مكانها , واختم هذه القضية بفتوى فضيلة الشيخ حفظه الله وقد سئل هذا السؤال: هل الصدقات والزكوات مختصة برمضان فكان جوابه حفظه الله : الناس يختارون ان تكون صدقاتهم وزكاتهم في رمضان، لأنه وقت فاضل، وقت الجود والكرم,, ولكنه يجب أن نعرف ان فضيلة الزكاة أو الصدقة في رمضان فضيلة تتعلق بالوقت، فإذا لم يكن هناك فضيلة أخرى تربو عليها ففي هذا الزمان أفضل من غيره، أما اذا كان هناك فضيلة أخرى تربو على فضيلة الوقت، مثل ان يكون الفقراء أشد حاجة في وقت آخر أي غير رمضان فإنه لا ينبغي ان يؤخرها إلى رمضان بل الذي ينبغي ان ينظر إلى الوقت والزمن الذي يكون فيه أنفع للفقراء فيخرج الصدقة في ذلك الزمن، والغالب ان الفقراء في غير رمضان أحوج منهم في رمضان، لأن رمضان تكثر فيه الصدقات والزكوات فتجد الفقراء فيه مكتفين مستغنين بما يعطون، لكنهم يفتقرون افتقاراً شديداً في بقية أيام السنة، فهذه المسألة ينبغي ان يلاحظها المرء، وأن لا يجعل فضل الزمن مقدماً على كل فضل الصفحة 444 445 من فتاوي أركان الإسلام لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين , جمع وترتيب فهد بن ناصر السليمان الطبعة الأولى عام 1421ه.
عبدالمحسن بن سليمان المنيع الزلفي
|
|
|
|
|