| متابعة
*حوار: عبدالكريم بن رشيد العفنان
قرار اغتيال خالد مشعل عام 1997م في الاردن اتخذ من قبل رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق بنيامين نتنياهو شخصيا الذي استدعى داني ياتوم رئيس الموساد الاسرائيلي في ذلك الوقت وطلب منه القيام بهذه العملية وتقديمها كهدية الى الاسرائيليين بمناسبة رأس السنة العبرية واصيب بطلقة سامة من قبل الموساد كادت ان تودي بحياته مما دفع بالملك الحسين بن طلال الى التوسط لدى الاسرائيليين من اجل كشف سر السلاح الخطير الذي اصيب به خالد مشعل وفعلا نجحت وساطة الملك الاردني الراحل وتم احضار طبيب اسرائيلي على الفور بطائرة خاصة يحمل معه العلاج الذي تم تركيبه في اسرائيل وبحمد الله شفي خالد مشعل من الاصابة ولايزال قائماً على رأس عمله النضالي خارج الوطن الام,(الجزيرة) وحرصا منها على اطلاع قرائها على الواقع الذي تمر به القضية الفلسطينية التقت في دمشق خالد مشعل ابا الوليد بعد طول عناء وكان الحوار التالي:
* الاستاذ خالد مشعل اسمح لي ان ارحب بك ضيفا على صحيفتكم (الجزيرة) استعرض معكم آخر التطورات التي تمر بها الارض الفلسطينية وفق محاور اساسية نبدؤهاب:
* هناك من يقول ان ما حصل في الاقصى الشريف هو استفادة اسرائيلية من الوضع الفلسطيني فالسلطة تعيش حالة من العزلة والشلل وتحاول الغاء دور القوى الفلسطينية الاخرى,, ما تعليقكم على ذلك؟ وكيف يرتب البيت الفلسطيني من جديد لمواجهة الهمجية الصهيونية الجديدة؟
بداية نرحب بصحيفة الجزيرة,, واحب ان اوضح ان باراك اراد باعتماد سياسة القمع وتصعيد الارهاب ضد الشعب الفلسطيني اراد ان يكسر ارادة هذا الشعب وان يجبر الفلسطينيين على التنازل عن حقوقهم في القدس وفي العودة وفي الارض والتسليم بالحل الاسرائيلي الامريكي في قضية فلسطين الذي طرح في (كامب ديفيد 2) وكان باراك يظن انه في تصعيد العنف ضد هذا الشعب سيكسر ارادة الفلسطينيين ويجبرهم على القبول في هذا الحل لكن الذي جرى ان الشعب الفلسطيني واجه التحدي بالتحدي خصوصا ان العنوان هو مهم جدا وحساس وهو (القدس والاقصى) وبدا واضحا ان الصهاينة يريدون الاستحواذ على كل شيء وخصوصا القدس بل البلدة القديمة وما فيها من مقدسات اسلامية ومسيحية وبالذات المسجد الاقصى المبارك الذي اطلقوا عليه (جبل الهيكل) الشعب الفلسطيني ادرك ان هناك خطرا حقيقيا يمس القدس والاقصى ولذلك هب الشعب الفلسطيني دفاعا عن قدسه واقصاه مجاهدا ردا على زيارة شارون الاستفزازية انطلقت مسيراته الاحتجاجية الى منطقة 48 اهلنا هناك ثم الى الشتات وجرى بعد ذلك التفاعل العربي والاسلامي.
,لاشك ان باراك اراد استغلال حالة الضعف التي تعيشها السلطة الفلسطينية وانعزالها عن بقية الشعب الفلسطيني بسبب ممارساتها وبسبب نتائج اوسلو التي كنا نتوقعها منذ البداية والسلطة عزلت نفسها عن شعبها وعزلت نفسها عن الامة العربية والاسلامية ووضعت نفسها في زاوية ضيقة ولاشك ان الصهاينة استغلوا هذا الظرف وظنوا ان سنوات الترويض منذ مدريد ثم السنوات قد اتت فعلها في الشعب الفلسطيني وفي الامة العربية وان الشعب والامة جاهزون للتنازل عن القدس والقبول بما يملي به الصهاينة لكن ثبت ان شعبنا حي اصيل مجاهد وان امتنا العربية الاسلامية امة فيها خير متجذر وعميق لذلك عندما اصبح العنوان القدس والاقصى استشعرت الامة الخطر الذي يداهم مقدساتها وارضها المباركة فاعطت عطاء كبيرا لذلك كانت انتفاضة الاقصى المبارك وهي انتفاضة عظيمة مرشحة للاستمرار لانه لا مخرج من هذه الازمة الا عبر طريق المقاومة والانتفاضة وليس عبر العودة الى مفاوضات عقيمة ثبت فشلها وعجزها عن استعادة الحقوق الفلسطينية.
اما فيما يتعلق بترتيب البيت الفلسطيني: ثبت عمليا ان الانتفاضة هي التي توحد البيت الفلسطيني طريق الانتفاضة وطريق المقاومة هو الذي يوحد الشعب الفلسطيني والخيارات الاخرى خيارات خلافية يختلف عليها الناس بل أغلبية شعبنا ضدها وهي خيارات التسوية والمفاوضات ولذلك عندما انشغل الناس في اوسلو تفرق الشعب الفلسطيني وعندما عاد الى مربع المقاومة والصمود اختلف الوضع وتوحد الشعب الفلسطيني ونرى ان اجواء الانتفاضة تسمح بترتيب البيت الفلسطيني ونحن في حماس ندعو الى تنسيق الجهود لتعزيز الوحدة الفلسطينية على قاعدة الانتفاضة والمقاومة وحقوق كامل الفلسطينيين.
* وهل دعوتكم للمصالحة ولقاؤكم مع أبي عمار يأتي في هذا الاطار؟
نعم لقاؤنا مع ابي عمار يأتي في هذا السياق ونحن نعتبر ان هذه الانتفاضة المباركة جعلت مجمل القضية الفلسطينية تتخلى عن خيارات التسوية بالامر الواقع وتنخرط في خيار الانتفاضة المباركة, هذه نقلة مهمة ونحن نعززها ومستعدون لكل جهد وحدوي وتنسيقي مع كل القوى بما فيها فتح والسلطة ولكن على قاعدة واضحة هي ان تستمر في المقاومة وان تطلق خيار المقاومة وتحمي ظهور المجاهدين وان تستمر في الانتفاضة ونعزز جبهتنا الداخلية ونفرج عن كافة المعتقلين في سجون السلطة بمعنى ان ننتهج سياسة جديدة بكل استحقاقاتها ومتطلباتها.
* الى اي مدى تتوقعون استجابة ابي عمار للمصالحة على اساس المقاومة؟
نحن نسمع في لقاءاتنا كلاما ايجابيا ونتمنى ان ينعكس على ارض الواقع واعتقد ان ابا عمار لا يملك خيارات اخرى ومن مصلحته ان يلتقي مزاج الشعب الفلسطيني ومزاج الجماهير العربية الاسلامية التي اجتمعت على خيار المقاومة والانتفاضة فإذا انسجم معها اقترب من ذلك واذا لم ينسجم معها ابتعد عن ذلك وامل ان نجد التجاوب عمليا ونظريا في ذات الوقت.
* كان لكم شرف اول عملية استشهادية بعد بداية الانتفاضة الى اي مدى ستتمسكون بهذا الخيار؟
الشعب الفلسطيني متمسك بخيار المقاومة والمقاومة خيار مشروع فأي شعب يتعرض للاحتلال لا سبيل له الا مقاومة الاحتلال, والمحتلون عبر التاريخ لا يرحلون طواعية لا يرحلون الا اجبارا واكراها تحت ضغط المقاومة وضربات المجاهدين هذه سنة التاريخ ولذلك الشعب الفلسطيني متمسك بهذا الخيار وصحيح ان تبعته ثقيلة وطريقه وعرة ومحفوفة بالمخاطر والتحديات والضغوط الهائلة من القريب والبعيد لكن:
اذا لم يكن غير الاسنة مركبا
فما يمنع المضطر الا ركوبها
المقاومة خيارنا الحقيقي خيارنا المشروع واثبتت التجارب السابقة انها اللغة الوحيدة التي يخضع لها العدو انتفاضة عام 1987 هي التي دفعت بالصهاينة الى الاعتراف بوجود شعب اسمه شعب فلسطين والانتفاضة الحالية هي التي جعلت الصهاينة يعيدون بعض حساباتهم بالامس القريب كان هناك مظاهرات نسائية تدعو لالغاء المستوطنات من مناطق الضفة وقطاع غزة لان العدو لا يصبر على تبعات المواجهة وانا واثق ان استمرار الانتفاضة الحالية سيدفع العدو الصهيوني الى التراجع والى الركوع امام هذه الانتفاضة والدرس اللبناني قريب العهد انسحب الجيش الاسرائيلي ليس استجابة للضغوط الامريكية ولا للشرعية الدولية بل انهزم صاغرا ذليلا بسبب فعل المقاومة الاسلامية المظفرة في الجنوب اللبناني وبالتالي حماس تؤمن بخيار المقاومة وخيار الجهاد استجابة للامر الالهي من الله سبحانه وتعالى فالجهاد فريضة في حالة شعب يتعرض للعدوان والاحتلال وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم الجهاد ماضٍ الى يوم القيامة .
وايضا انسجاما مع سنن التاريخ والشعوب وقوانين الصراع في العالم فليس هناك تحرير بدون مقاومة وبدون جهاد والحرية لها ثمن كبير والتحرير له ثمن كبير ولذلك هذا خيار حماس ونحن واثقون اننا في النتيجة سنطرد الاحتلال وسننتصر على الصهاينة ولن يكون هناك شيء اسمه اسرائيل في المنطقة باذن الله.
* الى متى تبقى الحركات الاسلامية اسيرة ردة الفعل المباشر على الممارسات الاسرائيلية ومتى ستأخذون زمام المبادرة؟ وهل لديكم استراتيجية عامة للتعامل مع الدموية الصهيونية؟
دعنا نكون واضحين وصريحين ان عدونا اقوى منا لاننا لسنا في مرحلة تكافؤ حتى يكون زمام المبادرة بيد المقاومة فالعدو اقوى منا وهو الذي احتل ارضنا وحاصر شعبنا وبالتالي ليس هناك جبهة اسناد ودعم للشعب الفلسطيني هناك معادلة مختلفة في الصراع وبالتالي من الطبيعي ان يكون صاحب المبادرة هو العدو بسبب مجمل هذه الظروف ومع ذلك فالمقاومة مستمرة تتغلب على المعوقات في لحظات ما وجرى ذلك في الماضي عندما كانت الظروف أكثر مواتاة, المقاومة كانت صاحبة المبادرة وهي التي كانت تضرب بالعمق الصهيوني وتدفع العدو الصهيوني لرد الفعل, لذلك اطلاق يد المقاومة هو الذي يجعل امتنا تمتلك زمام المبادرة وهذه دعوة للسلطة الفلسطينية ودعوة للدول العربية ان تحمي ظهر المقاومة وان تطلق يدها ولا تعطلها بل تدعمها , فهذا حق المقاومة على امتها اما عندما يعود الناس الى مربع التسوية فقطعا الذي يملك زمام المبادرة هو الكيان الصهيوني لانه يملك اوراق الضغط واوراق القوة والذي يفرض حلوله ومواقفه على الاخرين.
* ما تعليقكم على الظهور المفاجئ لحركة فتح (وحركة فتح حزب السلطة)؟
هناك جملة اسباب وظروف اولها ان التسوية وصلت الى مأزق حقيقي وكانت (كامب ديفيد 2) شاهداً على ذلك فالسلطة الفلسطينية وفتح التي هي حزب السلطة وجدت نفسها امام طريق مغلق وبالتالي لم يعد امامها خيارات وفي ضوء ان الذي بدأ العدوان هم الصهاينة في زيارة شارون الاستفزازية والدموية والارهابية من جنود العدو ومن المستوطنين الذين استهدفوا الشعب الفلسطيني كله لم يكن امام فتح الا ان تشارك في الانتفاضة ثم ان سنوات اوسلو جعلت فتح تخسر كثيرا على الصعيد الشعبي لانها تحملت كل مساوئ السلطة ولأنها حزب السلطة وهي مشاركة في السلطة من الرأس إلى القدم وبالتالي فتح مسؤولة عن كل ممارسات السلطة بحكم أنها تمثل معظم مواقع السلطة، وجاءت هذه الفرصة لتبادر فتح بحيث تكون مشاركتها استعادة لبعض الرصيد الذي خسرته ثم ان المعركة التي جرت في فلسطين استهدفت الجميع بلا استثناء وبالتالي من الطبيعي ان يرد الفلسطيني على هذا العدوان سواء كان من فتح او من حماس لكن الذي نطرحه بوضوح لا نريد ان تكون هذه المواقف انية او من اجل استثمار سياسي قصير الاجل كأن يطرح البعض العودة الى المفاوضات بشروط افضل او تسخين الجو لتسريع المفاوضات او تشكيل لجان تحقيق او غير ذلك وليس هذا هو هدف شعبنا الفلسطيني فشعبنا الفلسطيني لم يفجر هذه الانتفاضة من اجل المفاوضات انما فجرها من اجل تحرير فلسطين وطرد الاحتلال وانقاذ القدس والمقدسات.
وبالتالي نحن نطالب فتح ونطالب السلطة ان تنسجم مع هذا الهدف وان يكون هذا هو العنوان وبعيدا عن اي طروحات سياسية هي خارج تطلعات شعبنا وخارج سياق المرحلة.
المحور الفلسطيني الإسرائيلي
* ألا ترى أن جريمة الارهابي شارون مدبرة وانها اختلقت المواجهة مع الفلسطينيين وذلك اذا ما لاحظنا الدموية الزائدة والاستعداد المسبق للصهاينة لمواجهة الغضب الفلسطيني ,, فهل ترى ان الامر يتعلق بأزمة داخلية تعاني منها الحكومة الاسرائيلية سيما وان حكومة باراك مهددة بالسقوط في اية لحظة وانه يدعو لحكومة طوارئ لمواجهة الفلسطينيين؟
بالطبع زيارة شارون الاستفزازية مدبرة ومتفق عليها بدليل انه وفرت لها حماية 3000 رجل امن كانوا في حماية شارون امام زيارته الاستفزازية وبموافقة الاجهزة الامنية وبعلم باراك لان باراك اراد ان يوظف التطرف في كسر ارادة الشعب الفلسطيني وان يوظف ايضا في تقاطع مصلحة بين شارون وباراك في قطع الطريق على نتنياهو الى رئاسة الليكود ومن ثم الى رئاسة الحكومة الصهيونية بأي انتخابات قادمة ذلك كله وظف في معركة داخلية بينهم من ناحية وبين معركتهم مع الشعب الفلسطيني من ناحية اخرى ومن اجل قهر وخرق امر واقع على الاراضي يجبر الفلسطينيين على التسليم له بشأن القدس والمقدسات ولكن هذا كما قلت انقلب السحر على الساحر,, الانتفاضة تجاوزت كل ما كان مرسوما في حسابات باراك واصبحت الانتفاضة امرا واقعا يقض مضاجع الكيان الصهيوني وهذا العنف المتصاعد أثر على شعبنا تأثيراً معاكساً بمعنى ان شعبنا يزداد ضراوة في المواجهة ومزيدا من الصمود والتحدي بعكس ما اراد باراك ولاشك ان باراك يعيش ازمة داخلية هو استطاع ان يأخذ موقفا من شاس باعطائه حزام امان لمدة شهر والان هناك مفاوضات يريد من شاس ان يعطيه 6 أشهر اخرى ليظل له اغلبية في الكنيست الاسرائيلي ومحاولاته في تأسيس حكومة وحدة وطنية لم تنجح حتى الان وهناك ازمة داخلية في الكيان الصهيوني وازمة داخلية في الادارة الامريكية ولذلك لا مستقبل للتسوية اصلا وليس امام شعبنا الا اختيار المقاومة.
* الا يعكس قرار الكونجرس (القاضي بادانة الانتفاضة) ضعفا في الموقف الاسرائيلي ويحاول التخفيف من العزلة الاسرائيلية ومنحها بعض الدعم؟
الموقف الامريكي موقف منحاز في تاريخه كله وعامة الشعب الفلسطيني لم يكن ينتظر من الموقف الامريكي خيرا وخصوصا في هذا العهد حيث تغول الصهاينة على الادارة الامريكية بكل مؤسساتها وهم المسيطرون في الخارجية الامريكية ومركز الامن القومي وسي اي اي ووزراء الدفاع ويمسكون بملف الشرق الاوسط وبات الامريكان صهاينة اكثر من الصهاينة انفسهم ورأينا كيف ازدواجية المعايير لديهم الدم الفلسطيني لا يثير الحمية الامريكية ومشاعر الانسانية ان كانت عندهم مشاعر بينما الجنود الصهاينة او المستوطنون او قوات المستعربين او اسرهم جنوب لبنان حيث يحتلون ارضاً عربية ذلك يقيم الامريكان ولا يقعدهم,, ومن هنا جاء موقف الكونجرس في ادانة الانتفاضة والانتصار للصهاينة وهو موقف مدان قطعا لأن هذا الموقف الذي يساوي بين الجلاد والضحية يعكس الصورة تماما وينتصر للجلاد على حساب الضحية,, معروف ان الصهاينة يمسكون بقبضة من حديد على الكونجرس الامريكي ولم نفاجأ بهذا الموقف وهذا القرار لا يدين الموقف الامريكي فقط بل يدين الحضارة الغربية بأكملها وهو في ذات الوقت يعكس خوف الامريكان على ربيبتهم اسرائيل ويشعرون ان هذه الانتفاضة وتفاعل الشارع الفلسطيني الكبير وتفاعل الشارع العربي والاسلامي معها يشكل خطرا على مستقبل الكيان الصهيوني ويؤسس لمرحلة جديدة تحتشد فيها الامة خلف الشعب الفلسطيني في معركة ازالة الكيان الصهيوني وكل ذلك لا يغير من الحقيقة شيئاً وهي ان اسرائيل كيان زائل لا مستقبل له في المنطقة والظلم لا يصنع دولة والاحتلال لا يدوم، اعتى قوى الدنيا لا تستطيع ان تقهر شعبا حيا يريد الحرية ويريد تحرير ارضه هذه سنة التاريخ فكيف اذا كان شعبا مؤمنا متمسكا بدينه متصلا بالله سبحانه وتعالى وكيف اذا كان منتميا الى امة عربية اصيلة تضعف احيانا ولكنها تهزم بعد ذلك كل الغزوات المعادية.
المحور الفلسطيني العربي
* في ردود الفعل العربية على الانتفاضة الجديدة والممارسات الارهابية الصهيونية يلاحظ ان هناك ثنائية في المواقف فالحكومات والدول العربية اكتفت بالاستنكار والتنديد وتعدت هذه الاستنكارات بعض الدول كقطع العلاقات مع اسرائيل اما ردود الفعل الشعبية فقد لاقت ارتياحاً نفسياً لدى الشعب الفلسطيني والسؤال: الى متى تبقى هذه الثنائية؟ وكيف تفسرها؟ وبالتالي هل ستتوجهون الى الشعب العربي ام الى الحكومات العربية؟
نحن في حركة حماس نعمل على كل المحاور ولا نستثني احدا من المسؤولية تجاه قضية فلسطين، الشعوب العربية لاشك انها متقدمة بأدائها ودائما هي سباقة ومبادرة وقدرنا نحن العرب والمسلمين في هذه المرحلة ان شعوبنا اسبق من قياداتنا لذلك نحن نقدر عاليا مواقف الشعوب العربية والاسلامية التي تفاعلت مع قضية فلسطين خصوصا وان القدس والاقصى هي ملك الامة جميعا والقدس والاقصى لهما موقع مؤثر عميق في ضمير الامة وفي وجدانها لكننا نطالب الشعوب العربية والاسلامية ان تواصل هذا التفاعل نحن نقدر ما مضى من تبرعات ونزول الى الشارع من تأييد ومناصرة ومواقف اعلامية وسياسية نحن الان نريد مواصلة هذا الجهد لان المعركة في فلسطين لم تتوقف لاننا لاحظنا في الاسابيع الاخيرة ان حركة الشارع العربي والاسلامي قد بردت وبدأت تهدأ كثيرا بينما الصراع في فلسطين مشتعل بل يتصاعد فعدد الشهداء الان تجاوز 275 شهيد تقريبا واكثر من 11000 جريح وحوالي 600 مقاتل فالمعركة تتصاعد تدمير البيوت قصف بالطائرات والدبابات متواصل ما يتعرض له شعبنا في فلسطين عدوان واسع النطاق وهجمة تدميرية وقصف لمدينة غزة من البر والبحر والجو ماذا يعني ذلك؟ كل ذلك يعني رسالة واضحة للعرب والمسلمين ان الصلف الصهيوني مستمر في عدوانه وبالتالي من واجب الشعوب العربية ان تواصل دورها.
أما الحكومات فلاشك ان موقفها مازال ضعيفا ومع ذلك نحن نحملها المسؤولية امام الله سبحانه وتعالى وامام الامة وامام الشعوب وامام القضية الفلسطينية,, الحكومات العربية طوال العقود الماضية استمدت كثيرا من شرعيتها بأنها تعمل لقضية فلسطين وبانها لم توجد الا من اجل فلسطين فعليها ان تنسجم مع هذا الشعار ومع هذه الدعوة نحن في حماس نشعر بان الموقف العربي الرسمي بدأ يتحسن لاننا لا نريد ان ننظر فقط الى الجزء الفارغ من الكأس ونأمل ان يرتقي الموقف العربي بشكل اسرع وما صدر من قرارات في القمة العربية والقمة الاسلامية خطوة ايجابية وان لم تبلغ المستوى المطلوب لكنها خطوة على الطريق نحن نطالب بتطور الموقف العربي والمملكة العربية السعودية بادرت مشكورة الى دعم كبير لشعبنا الفلسطيني وذلك في دعم انتفاضة القدس والاقصى عبرة 250 مليون دولار وطرح صندوق بمليار دولار لدعم نضال الفلسطينيين هذه خطوة ايجابية نحن نقدرها ونثمنها ونريد ان تصل هذه الاموال الى مستحقيها في فلسطين الى اسر الشهداء ومعالجة الجرحى وتوفير فرص العمل للعمال الذين انقطعت بهم السبل هذه خطوات جيدة بالاضافة الى الدول العربية التي قطعت علاقاتها مع الكيان الصهيوني مثل عمان تونس قطر والمغرب ثم الخطوة التي اقدمت عليها مصر مؤخرا باستدعاء سفيرها من الكيان الصهيوني نريد تطويرها الى المزيد لان قدر الانظمة والحكومات انها في معركة حتمية مع العدو الصهيوني , وحتى لو انسحبت الانظمة من هذه المعركة فان المعركة ستلاحقها والكيان الصهيوني يشكل خطرا على الانظمة كما يشكل خطرا على الشعوب فمن واجب هذه الحكومات ان تستعد للمعركة والمعركة ليست مع الشعب الفلسطيني وحده وانما مع الامة العربية والاسلامية جميعا.
* هل كنتم تتوقعون من القمة العربية اكثرمما قدمت ,, سيما وان الهجمة الصهيونية الاخيرة على الاقصى استفادت من التفكك والتناحر العربي العربي؟
نعم كنا نتوقع اكثر رغم معرفتنا بحالة الضعف العربي الراهن وذلك لان حجم المعركة في فلسطين كبير كنا نتوقع الكثير من امتنا لان شلال الدم الفلسطيني شلال متدفق والمعركة شرسة على ارض فلسطين ومتعلقة بالقدس والاقصى وهذا له رمزية متعلقة بالامة العربية والاسلامية وهذه المرحلة شهدت انعدام الخيارات، والعودة الى المفاوضات ليست مخرجا من هذه الازمة ولا سبيل الا الاستمرار في الانتفاضة والمقاومة كل هذه العوامل جعلتنا من الطبيعي ان نتوقع الكثير من القمة العربية ولكن جاءت القرارات اقل مما يطمح اليه شعبنا وجماهيرنا العربية في الشارع العربي ومع هذا نعتبر ما جرى هو في الاتجاه الصحيح ان تنعقد القمة بعد انقطاع دام 4 سنوات خطوة ايجابية وان يصدر عنها بعض القرارات الايجابية يعتبر خطوة ايجابية واعتقد ان كل قائد عربي مدرك لحقائق الاوضاع لن يصل الا الى قرار المزيد من الصمود والمزيد من الدعم والاستعداد لمواجهة المعركة مع العدو الصهيوني.
* ما هو تقييمكم لمبادرة المملكة في القمة العربية التي جاءت في كلمة سيدي ولي العهد الامير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله,, وذلك في مساعدة الاخوة في فلسطين والحفاظ على قدسية القدس؟
بعيدا عن المجاملات الموقف السعودي هو من اكثر المواقف العربية والاسلامية تميزا ونقدره ان يكون له دوره في تجميع الموقف العربي والاسلامي وبحكم ما لدى المملكة من وزن عربي اسلامي وسياسي واقتصادي ولا ننسى ان موقف المملكة العربية السعودية في قضية القدس كان موقفا قويا وواضحا وتجسد ذلك في قمة (كامب ديفيد 2) والجميع يعلم ان الامريكان مارسوا ضغوطا على السعودية ودول عربية اخرى كسوريا وهذا موقف مقدر لدينا كذلك كلمة الامير عبدالله في القمة كانت كلمة قوية حملت الامريكان المسؤولية بشكل صريح فضلا عن مقترح المملكة الذي بادرت اليه باسم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود في انشاء صندوق لدعم الانتفاضة وصندوق لدعم القدس وتبرعت المملكة بربع ميزانية هذا الصندوق هذا موقف مقدر لدى الفلسطينيين ووضوح خطابه في كلمته بالقمة العربية اننا اذا لم ننصر انفسا فلن ينصرنا احد ودعوته الى دعم الشعب الفلسطيني وحقيقة المملكة العربية السعودية موقفها جيد ومتميز ويلقى تقديرا لدينا في حركة حماس ولدى شعبنا الفلسطيني ودائما انا مستبشر بالمستقبل والخير في امتنا عميق واتصالاتنا مع كثير من الزعماء العرب ومنهم اخواننا في المملكة العربية السعودية تعزز لدينا هذه القناعة ونعتقد ان الامة تسير في الاتجاه الصحيح ,, صحيح ان خطواتها بطيئة لكن المستقبل مبشر.
المحور الفلسطيني الدولي
* في يوم 21 آب أغسطس 1969م أشعل أحد الصهاينة حريقاً في المسجد الأقصى واستنكر العالم كله هذه الجريمة, وفي 28 أيلول 2000م دنس الارهابي شارون المسجد الأقصى وأشعل غضباً فلسطينياً لم يهدأ واستنكر العالم كله هذه الجريمة وبين هاتين الجريمتين هناك سلسلة من الجرائم والاستنكارات, ترى الى متى يبقى العالم يستنكر؟ وما دوركم باعتبارك رئيس مكتب سياسي في العمل على تفعيل ردة فعل العالم تجاه الممارسات الصهيونية الهمجية؟.
الاستهدافات الصهيونية للمسجد الأقصى ولمجمل مقدسات القدس تاريخها طويل بدأت في ضم القدس في 28 حزيران 1967م أي بعد الاحتلال مباشرة ثم جاء حريق المسجد الأقصى المبارك في 21/8/1969م ثم تواصلت بعد ذلك الاستفزازات ومنها محاولة الارهابي مائير كيهانا تدمير المسجد الأقصى عام 1980م حيث اكتشف 1000 كغ من المتفجرات وضعت في المسجد واكتشفت في آخر لحظة ثم تشكلت بعد ذلك لجنة أمناء الهيكل برئاسة الارهابي غارشون سلامون الذين حاولوا عام 1989م وضع حجر الأساس الذي يزن 3,5 طن كغ وأحضروا جزءاً من الحجارة من ولاية أنديانا الأمريكية, ومحاولاتهم للصلاة في حرم الأقصى المبارك وتدنيسه مرات عديدة والقاء رؤوس الخنازير واعتداؤهم على المصحف، هذا الأمر استمر سنوات طويلة ولايزال هذا الاعتداء الصهيوني مستمراً ومجزرة الأقصى في أكتوبر عام 1990م وغيرها من الاستفزازات.
كنا نقول في الماضي ان هذه المحاولات المتكررة يحاول الصهيانة من خلالها ترويض الموقف العربي لتعويد الدول العربية والاسلامية ان تسمع مثل هذه الاستفزازات وبالتالي عند هدم الأقصى لا سمح الله وبناء الهيكل مكانه فان ردة الفعل الاسلامي تكون ضعيفة وهذا هو التخطيط الصهيوني ولكن انتفاضة الأقصى أثبتت ان أمتنا لا يمكن ترويضها، لأن أمتنا الخير فيها عميق جداً وأصالتها راسخة وأن هذه الأمة مهما بذل من أجل تجهيلها أو ترويضها أو أبعادها عن الصراع واشغالها بمسائل جانبية فانها في لحظة الحقيقة تعي جيداً ما يجري على الأرض وتنتصر من أجل الشعب ومن أجل القدس والمقدسات وفي سبيل الله تعالى فلسنا خائفين من هذا الأمر، ونحن واثقون ان أمتنا ستؤدي واجبها على أكمل وجه من أجل المقدسات.
نحن لا نكتفي بالبيانات والتنديدات نريد من الأمة فعل الحقيقة، وهي تبني شعار خيار المقاومة الشعبية اذا كانت الأمة عاجزة عن الدخول في حرب رسمية مع العدو من أجل انقاذ القدس والمقدسات بسبب اختلال ميزان القوى وحالة الضعف العربي، فان الأمة قادرة على ان تخوض الحرب الشعبية بأن تتبنى خيار المقاومة الشعبية ومعركة فلسطين هي المعركة الحقيقية للعرب والمسلمين فهي المعركة الأشرف لأنها متعلقة بأرض مباركة حيث القدس قبلة المسلمين الأولى وثالث المساجد التي يشد اليها الرحال نحن في المكتب السياسي في حركة حماس نبذل جهداً من أجل رفع حالة الوعي واستشعار المسؤولية عند العرب جميعاً على مستوى الشعوب وعلى مستوى القادة, ونأمل ان الأحداث في فلسطين تقود إلى هذا الاتجاه لأن الأحداث في فلسطين لا تدفع الى التخدير أو الترويض كما كان يهدف الأعداء أو الى كسر ارادة الأمة وتركيعها لأن المعركة وقد أصبحت سافرة واضحة المعالم والقدس والأقصى هما العنوان فان الأمة ترد على عدوان الصهاينة واستفزازاتهم بمنطق آخر هو الصمود ومقابلة التحدي بالتحدي وهذا جزء من مكر الله تعالى الذي يحبط مكائد الأعداء ويبعث الروح في الأمة ويوحد صفها ويحشد طاقتها ويؤلف بينها بصورة لا يتوقعها الأعداء لأنها أمة متصلة بالله تعالى تستحضر مسؤولياتها وقادرة على أن تفعل الكثير ان شاء الله.
* تعالت الأصوات التي تطالب برفع الوصاية الأمريكية على عملية السلام واعادتها الى حضن الأمم المتحدة حيث تبين عدم نزاهة الشريك الأمريكي في مواقف عديدة كان آخرها قرار الكونغرس الذي يحمل الفلسطينيين مسؤولية ما يحصل من سفك للدماء ما رؤيتكم لما طرح؟
أصحاب منطق التسوية وأصحاب برنامج التسوية وخيار ما يسمى بالسلام سواء على الصعيد الفلسطيني أو العربي يحاولون في ضوء تجربة السنوات الماضية ومن خلال هذه الانتفاضة المباركة يحاولون تحسين شروط التفاوض وهذا تقزيم لأهداف الانتفاضة من ناحية وعودة الى خيارات العبثية ولكن بوجه آخر من ناحية ثانية, المخرج ليس بتحسين شروط التفاوض أو بتغيير المرجعية بدل أن تكون قرارات أوسلو الشرعية الدولية أو بتغيير ما يسمى بالراعي الأمريكي الى ما يسمى بالأمم المتحدة, هذا لن يغير كثيراً في المعادلة صحيح ان أوسلو والارتهان للرعاية الأمريكية هو سقف أدنى من مدريد أو ما يسمى بالشرعية الدولية لكن حتى هذه الشرعية لن تحقق لشعبنا الفلسطيني حقوقه لأنه لا تتوافر فيها شروط العدل أو تحقيق.
أما شروط العدل فالشرعية الدولية لا تعطينا حقوقنا نحن متمسكون بحقوقنا في فلسطين وبمقدساتنا والشرعية الدولية لا توافر هذا الحق هي تكرس الاحتلال وأما من حيث امكانية التطبيق فالأمم المتحدة أعجز من أن تمارس ضغطاً على الصهاينة, القرارات الدولية مكدسة في أدراجها ولا تجد مجالها في التطبيق ولا سكرتير الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن قادر على أن يفرض موقفه على الصهاينة ولا جدوى الى الارتهان الى مثل هذه الخيارات، خيارنا الحقيقي والوحيد هو ان نعتمد على أنفسنا بعد الله تعالى واذا لم ننصر أنفسنا فلن ينصرنا الأمريكان ولا ينصرنا الروس ولا الأوروبيون ولا الأمم المتحدة, هؤلاء يبحثون عن مصالحهم وليسوا مستعدين للتفريط بمصالحهم من أجل عيوننا, وكما يقول أحد الحكماء:
ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك |
هذا هو خيارنا وبدون هذا الخيار سنبقى نبحث عن السراب وعن الفتات وننتقل من وهم الى وهم.
* أفهم من كلامك أن القضية الفلسطينية أصبحت فلسطينية فلسطينية؟
لا، ولكن السنوات الماضية بسبب ممارسات خاطئة من بعض الفلسطينيين ومن بعض العرب وفي ظل مشاريع التسوية للاسف تقوقعت القضية الفلسطينية لتصبح قضية فلسطينية مجردة وكأن المعركة بين الفلسطينيين وحدهم مع العدو الصهيوني بينما القضية ليست كذلك القضية في حقيقتها فلسطينية عربية اسلامية لمواجهة الخطر الصهيوني,
ومن بركات هذه الانتفاضة انها أعادت القضية الفلسطينية الى عمقها العربي والاسلامي أعطتها هويتها الحقيقية وأعطت جرعة كبيرة من هذا الاتجاه، وخلال اتصالات هاتفية اجريتها مع بعض الزعماء لمست هذا المعنى عندهم إنه عندما يتعلق الأمر بالقدس والأقصى فالمسؤولية جماعية وهذه خطوة ايجابية نأمل ان تتطور.
* هل كان حال قرارات القمة الاسلامية أفضل من القمة العربية؟
من الصعب المقارنة لكن أقول ما زالت قرارات القمة العربية والاسلامية أدنى من الطموح لكنها في ذات الوقت خطوات ايجابية نأمل أن تتطور وتتحول الى برنامج جاد لدى الأمة في تعاملها مع قضية فلسطين هذا هو تقييمي بشكل عام.
* كلمة أخيرة تود أن توجهها من خلال الجزيرة .
أحمد الله سبحانه وتعالى الذي هيأ هذه الظروف المباركة وأفسد مخططات الأعداء ووحد صف شعبنا الفلسطيني وحقوق أمتنا العربية والاسلامية, وهذا فضل كبير من الله عز وجل ومن بعد ذلك أتوجه بشكرنا الجزيل لكل جماهيرنا العربية والاسلامية التي بذلت جهداً كبيراً في التفاعل مع انتفاضة الأقصى ودعم صمود الشعب الفلسطيني بكل أشكال الدعم بالتبرعات والدعاء والدعم السياسي وشعبنا العزيز في المملكة العربية السعودية له السبق في الدعم على الصعيد السياسي والمالي والاعلامي وأطالب القادة العرب والمسلمين بتحمل مسؤولياتهم بشكل كامل أمام هذه المرحلة التاريخية التي هي مسؤولة أمام الله وأمام الأمة وأمام التاريخ فنحن نعيش مرحلة تاريخية مصيرية من تاريخ الأمة وهي من أيام الله المباركة وأؤكد في الختام للجميع ان شعبنا الفلسطيني لن يفرط بأرضه ومقدساته وحقوقه وسيبقى يواصل انتفاضته المباركة، صابراً وصامداً وثابتاً على الحق متطلعاً الى نصر الله أولاً ثم دعم أمته ونصرته ثانياً.
.
|
|
|
|
|