| الاقتصادية
يلاحظ ان هناك زيادة في الاعلانات التي تجذب الرجال والشباب لارتداء الشماغ والغترة,, ومنها اعلان يعدد خصائص احد الانواع كالتالي:
اللون احمر ناصع، الخيوط غير قابلة للانسحاب، النعومة الفائقة، خفة الوزن، مضمون من الشطط,, الخ.
وفي الحقيقة ان مثل هذا الاعلان يختزل نصف النظرية الحديثة في طرق تدعيم الموقف التنافسي وذلك لما يتبين فيه من تركيز على عرض بعض الخصائص التي توضح مقدار الجودة في السلعة وتميزها عن السلع المنافسة, اما النصف الآخر من هذه النظرية فهو يركز على تنميط السلعة بمعنى تقديمها بشكلها الاساسي بدون كماليات وتخفيض تكلفة انتاجها ومن ثم بيعها بسعر تنافسي منخفض عن اسعار المنافسين.
لو تتبعنا تاريخ الشماغ والغترة معا لوجدنا ان هناك مسارين رئيسين فيما يتعلق بطريقة المنافسة وتقديم السلعة, فالمسار الاول تهتم فيه المنشأة او الوكيل بالارتقاء بجودة السلعة وتمييزها بمواصفات عديدة والاقلال قدر الامكان من العيوب ومن ثم تقديم السلعة بسعر مرتفع نوعاً ما, اما المسار الثاني فهو يهتم بتقليل تكاليف المنتج الى ادنى حد ممكن عن طريق التنميط والانتاج الكبير ومن ثم تقديم السلعة بسعر منخفض واستهداف المشترين الذين لا يريدون ان يدفعوا مبالغ مرتفعة ويرغبون في الحصول على هذه السلعة بخصائصها الاساسية حتى لو كانت ذات جودة منخفضة.
وهناك مثال آخر يبين كيف ان المنشآت تقع دائماً بين هذين الاختيارين, فنحن نلاحظ ان بعض التجار يحرصون على تمييز منتجهم من الرز بعبارات مثل طويل الحبة، عالي النقاوة، والطعم الجيد و النوعية الممتازة,, وغير ذلك في حين ان تجارا آخرين قد لا يكلفون انفسهم عناء الاعلانات والترويج وخلق اسم قوي ولكنهم يسوقون سلعهم ذات الجودة الاقل بأسعار منخفضة, اذن، حتى الرز يوجد له مساران لتحقيق التفوق على المنافسين: التنميط وتخفيض التكلفة ومن ثم البيع بسعر اقل او التمييز والحرص على خصائص ومواصفات ذات جودة عالية ومن ثم البيع بسعر عال.
ونعود الى الشماغ والغترة، رغم وجود المسارين اللذين تحدثنا عنهما الا انه يلاحظ ان مسيرة الشماغ تتجه بقوة نحو مسار التمييز على حساب التنميط اي ان المنشآت التي تتعامل بتجارة الشماغ تهتم بالجودة بشكل رئيس على حساب تخفيض التكاليف ولذلك عدة اسباب:
1 ارتفاع القوة الشرائية لقطاع كبير من مستخدمي الشماغ والغترة وهو ما يجعل لدى هؤلاء المستهلكين قابلية ورغبة لدفع مبالغ مرتفعة مقابل سلعة جيدة ذات جودة عالية .
2 ان الشماغ سلعة كمالية وليست استهلاكية وهذا يحتم الاهتمام بالجودة في المقام الاول لان المستهلكين لا يضطرون لاقتناء هذه السلعة ولكن شراؤها مسألة اختيارية تتأثر بجودة السلعة وشكلها وألوانها وغير ذلك.
3 ان للشماغ علاقة بالجمال والمظهر و التشخيص وهذا يجعل من التركيز على الجودة اختياراً اساسياً مقارنة مع المسار الآخر وهو تخفيض تكلفة المنتج وتقديمه بصورة هزيلة قد تتنافى مع ما يطلبه المشاهدون او المشترون .
4 ان تكاليف رفع جودة الشماغ ليست مرتفعة مقارنة مع تكاليف رفع جودة سلع اخرى كثيرة، وقد لا يحتاج تطويرها وتمييزها لمعامل وخبراء وفنيين وسنوات طويلة من البحث والدراسة والتجارب كما يحصل لسلع اخرى مثل السيارات او الحاسبات الآلية.
ويبدو لي ان السبب الرئيس هو كون الشماغ نفسه سلعة في خطر واي ترد في جودة هذه السلعة قد يقذف بها الى عالم النسيان ومهرجانات التراث ومتاحف الاشياء القديمة, فالانماط السلوكية والاذواق المتقلبة خاصة للاجيال الناشئة قد تجعل من الشماغ سلعة بانتظار رصاصة الرحمة!! ومن الملاحظات الجديرة بالاهتمام ان عمر الطفل الذي يرتدي هذه السلعة في الماضي كان صغيراً جداً معدل سبع سنوت تقريباً اما الآن فيتأخر ارتداء الشماغ الى سن الثامنة عشرة وقريب من ذلك, لذا فإن التركيز على رفع جودة الشماغ والدعاية له كسلعة شبابية وجمالية مطلب حاسم حتى لا تتركه الاجيال الجديدة او تنظر له كالتزام تقليدي من السهل التنازل عنه.
|
|
|
|
|