| مقـالات
ما من شك ان الصحة هي أساس التنمية والازدهار والرقي والتقدم وان معدلات الصحة في المملكة قد تطورت كثيراً ويتضح ذلك مما هو جارٍ في تحسين الأساليب الصحية في علاج العديد من الأمراض، الا انه ما زال هناك بعض من الصعوبات تعترض سبيل سلامة المواطنين, وهذه الصعوبات هي بمثابة تحدٍ للتطور، نظراً لتأثيرها الفاعل والمباشر على الحياة المعيشية عامة، وعلى مجالات التعليم والانتاج والتنمية والبيئة خاصة.
فالصحة تعد عنصراً مهماً في تشكيل الوجود الانساني، ومن المحتم في السياسة التنموية لمجتمعنا أن نكرس مساحة واسعة للعناية بها، مع التنوع في فعالياتها المصاحبة لها مما يعطيها أهمية مجالية، والحقيقة انه عن طريق الصحة اما أن نكون أو لا نكون.
فاذا كانت منظمة اليونسكو قد استجابت في أن تكون الرياض عاصمة ثقافية للوطن العربي لعام 2000م، فلعله قريباً تعلن منظمة الصحة العالمية أن السعودية موئلاً للعافية الصحية حيث يقضى فيها على كافة الأمراض الخبيثة والمستعصية.
وهو أمر ليس ببعيد أو غريب نظراً لذلك الاسلوب الحضاري الذي تجرى به الأمور على اتساع أنساق البناء الاجتماعي ومنظماته وهو مردود طبيعي للجهد المتواصل الذي تضطلع به حكومة خادم الحرمين الشريفين أيده الله التي تتولى أمانة المسؤولية وتتعهد مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتنمية الشاملة والمستدامة بالرعاية، وهي أكثر صموداً أمام أية صعوبات تكتنف المسيرة التنموية، وتؤثر في سلوك الانجاز.
وفي هذا يكفينا فخراً أن قيادتنا الحكيمة تبعث فينا أجواء رحبة من الأمل والتفاؤل بلا حدود، وتذكي في نفوس كافة المواطنين الرغبة في العمل الدؤوب، والجهد المتواصل، والمشاركة الايجابية والعطاء المثمر، فجميع المواطنين يتحركون وهم على قلب رجل واحد، كلهم ايمان عميق وعزم واصرار على رفع شأن هذا الوطن العزيز علينا جميعاً.
ونعود الى طرح موضوع الصحة فنقول: ان من حق المواطن أن يعيش حياة صحية آمنة ومستقرة، تعتمد على الانجاز الهادف والكفاءة العالية والاخلاص غير المحدود، ولن يتأتى هذا الا بإسهام كبير من قبل المسؤولين عن مجال الصحة الذين يحققون انتصارات مشهودة في مجال مقاومة الأمراض المعدية، والحد من انتشارها بين المواطنين، أو الانتقال المحدود من موطن الى آخر.
ومنذ ظهور مرض حمى الوادي المتصدع في منطقتي جيزان وعسير وتطالعنا ادارة الاعلام الصحي والنشر بوزارة الصحة ببيانات يومية توضح امكانية السيطرة الكاملة على المرض خشية تفشيه في مناطق يرتادها المعتمرون وزوار بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف، أو في المناطق الأخرى الآهلة بالسكان.
فالحمد لله، تقلص حجم الوباء ولم ينتشر في أرجاء المملكة الشاسعة، فالسيطرة محكمة على مصادره، وعلى نواقله, ويعلق المسؤولون عن قطاع الصحة بين فينة وأخرى أن الأوضاع الصحية في بلدنا يغلب عليها الشعور بالاطمئنان.
وأصبح الموقف واضحاً وعقلياً ومتوازناً حيث تم البحث والتحري والكشف عن الأسباب الواقعية في ظهور هذا الوباء، ومصدر العدوى، وكيفية انتقالها من فرد لآخر، انها البعوضة الخبيثة حاملة المرض في خطوط اتصال أفقية من مرسل للعدوى لمستقبل لها عن طريق ما تحمله البعوضة من مضامين مخاطر المرض, وازاء ذلك فقد فهم المغزى ورسمت المخططات التنفيذية الاجرائية للسيطرة على الحالات المصابة، وتقديم الوصفات العلاجية المناسبة، ووضع برامج الوقاية من الانتشار والتعميم للوباء لدى أفراد آخرين في مناطق أخرى.
لقد عرف ان هذا الوباء متوطن في قارة أفريقيا، ومع ان هذا المرض لم يظهر في بلادنا من قبل الا انه ليس بمستغرب وصوله الينا عن طريق الحراك الانساني حيث تستقبل المملكة أعداداً غفيرة من القادمين اليها بقصد السياحة الدينية واقامة شعائر الحج والعمرة أو من أجل العمل، هذا من جانب، وعن طريق استيراد قطعان الماشية حاملة للمرض من بلاد موبوءة هذا من جانب آخر, المهم الآن سرعة التحرك الفعال وذلك قبل حلول شهر رمضان المعظم حيث يكثر عدد القادمين للمملكة، باتخاذ اجراءات تطعيمهم من العدوى وبخاصة بعد أن تم التعرف على الفيروس المسبب للمرض, فبعد أن تم التعرف على مصدر العدوى يلزم أن يتم التحسب له, وبعد أن تم الالمام بطرق انتقال العدوى فيتوجب إذاً التصدي لها مع ضرورة تفعيل آلية الوقاية والعلاج التي خططت لها وزارة الصحة فضلا عن ذلك صار من المناسب أن يتم تحرك سريع مقابل لردم البرك والمستنقعات، ومحاربة البعوض باستخدام التقنية الحديثة، واختزال دواعي انتشاره بقدر الامكان وأن يزيد الاهتمام بفحص الماشية قبل ذبحها واستخدامها الآدمي.
حقيقة اننا نستشعر مدى الجهد المبذول في نواحي الاجراءات العلاجية المختلفة، وأنشطة الوقاية والمكافحة، وسلامة التعامل مع هذا الموقف الطارئ ومعالجته مما يجعلنا نثني على الأجهزة الصحية المسؤولة عن هذا العطاء الجاد، ولكن كل هذه الايجابيات لا تثنينا عن السؤال: أليست الوقاية خيرا من العلاج؟ فما سبل الوقاية التي كانت متبعة قبل انتقال هذا الوباء؟ وأين دور وزارة الزراعة؟ وما دور وزارة الشؤون البلدية والقروية ازاء دينامية التوقي وآلية الحرص في سلامة اجراءات التنبوء بحدوث الوباء؟ نحن لا نتهم أحداً فنقول من المسؤول لكننا نقول ما الدور حتى نقيّم الدور في ذاته، ولا نقيم الأشخاص أنفسهم، فهل كان دور أجهزة هذه الوزارات فعالاً وايجابياً؟ اننا نستنطق الواقع، والله المستعان.
|
|
|
|
|