أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 14th October,2000العدد:10243الطبعةالاولـيالسبت 17 ,رجب 1421

مقـالات

كل سبت
تكريم المرأة بين الماضي والحاضر 2 2
عبدالله الصالح الرشيد
يحضرني في هذا المقام قول أو حكمة أو مثل فحواه ومختصره يقول: لو خليت لخربت والقصد من ذلك وجود فئة صالحة حكيمة تقوم الأخطاء وترفع الصوت عالياً لإحقاق الحق وهذه الفئة ولله الحمد موجودة في كل زمان ومكان كصمام أمان,, ولقد أسعدني الحظ والتوفيق ذات يوم وأنا استمع إلى شريط حافل لأحد علمائنا الأخيار يعدد حقوق المرأة وواجباتها ويندد بكل صراحة بما تلاقيه من ضعاف النفوس والعقول من عقوق وجحود ونكران,, فقد أجاد وأفاد وأفاض بحكمة وروية واتزان وانصاف,, بخلاف أو على النقيض من حديث اذاعي سمعته قبل مدة في احدى الاذاعات وسمعت أحدهم يزمجر وبصوت أجش يعدد مثالب المرأة ويطنب في ذكر عجزها وقصورها متناسياً جهودها وجهادها في الحياة أماً وزوجة ولم يتطرق بسطر واحد على الأقل إلى الواجبات والحقوق التي فرضها الإسلام لها مع البر بها والعطف عليها كما جاء ذلك في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأين ذلك وأمثاله عن حديث الرسول الذي لا ينطق عن الهوى في قوله خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي فتباً للحمق والتسرع عندما يسلبان الإنسان رشده ويبعدانه عن جادة الحق والصواب .
ولا يقف الأمر عند هذا الحد من النيل من حقوق المرأة بل نرى ونسمع من يحاول التدخل في خصوصيات المرأة في العلم والعمل والمناداة بتهميشها والتحجير على إرادتها ورغباتها وهناك نغمات نشاز ودعوات عرجاء تريد أن تسلب المرأة ليس بعض بل كل مكتسباتها وحقوقها التي منها مصدر رزقها وسد حاجاتها وتأمين مستقبلها المادي على الأقل.
لقد سمعت من أحدهم وقرأت للآخر وهما يسوقان مبررات عقيمة سقيمة تصب في تحقير وتهميش عمل المرأة في خدمة مجتمعها ووطنها وبنات جنسها,, أحدهم يقول انظروا إلى الطبيبات في مجتمعنا فقد أصبحن عوانس بسبب حذر الشباب من الاقتران بهن، والآخر يقول انظروا إلى المعلمات فقد أخذتهن الوظيفة عن التفكير في مستقبلهن,, وغير ذلك من التبريرات الساذجة، ويلتقيان في تفكيرهما إلى أن التعليم قد جنى عليهن وأن الجهل للمرأة في نظرهم أفضل من العلم وأن الخمول والكسل والتقوقع أحسن من العمل والانطلاق لطلب الرزق ويظهر لي ان هؤلاء وأمثالهم قد عزلوا أنفسهم عن المجتمع والحياة وأصبحوا أسرى أوهامهم وتخرصاتهم العمياء ولم يعلموا ان نسبة الطبيبات والممرضات المواطنات في المجتمع - الذي يعيشون على هامشه - لا تصل إلى عشرة في المائة 10% بالنسبة للوافدات المتعاقدات في هذا التخصص الضروري المهم اللاتي يشكلن 90% منه,ونخلص في ذلك إلى حقيقة مؤلمة مفزعة ومخجلة وهي لا تعدو أن تكون حلقة في مسلسل تهميش المرأة والنيل منها وتحطيم آمالها وطموحاتها في مستقبل الحياة الفاضلة الكريمة والعودة بها إلى الوراء إلى سنين الضعف والهوان التي كانت تعتبر المرأة من سقط المتاع وانسانة من الدرجة الثالثة أي بعد الرجال والأطفال وتجدهم يبررون صدق أوهامهم بحجج متهالكة.
ولقد استخلصت من برنامجهم وأهدافهم البعيدة من واقع ما أقرأ عنهم وأسمع وأرى بنفسي من تصرفاتهم أنهم يتوقون ويتطلعون إلى تحقيق التالي:
1 تهميش المرأة في المجتمع وبمعنى أوضح ان تعيش على هامش الحياة.
2 هضم حقوقها بمعنى ان تبقى طيلة حياتها مسلوبة الحقوق بما يتعلق بارادتها وانسانيتها.
3 تحقير مشاعرها أو بصورة أخرى تحطيم مشاعرها كمخلوق سوي له ما لغيره من الحقوق والواجبات والمشاعر والطموحات,.
4 الاستهانة بكرامتها إلى درجة الحكم عليها بأنها قاصرة وغير قادرة على أن ترفع صوتها أو تفاخر بانسانيتها على الأقل.
5 تحطيم آمالها إلى مستوى ان تظل دائماً رهينة واقعها وأن تبقى متقوقعة ومحاصرة دائماً دون التطلع إلى المستقبل أو إلى الأمام أو تبصر طريقها حسب ارادتها.
6 وضع العراقيل الشائكة أمامها ومن حولها والسهر على حراسة هذه العراقيل وتطويرها إلى درجة الانغلاق والاغلاق.
7 نزع الثقة منها تماماً والتشكيك بجميع تصرفاتها,, ومعاملتها في محيط هذه الدائرة الضيقة مهما وصلت إليه من مستوى العلم والفهم ومهما تقدم بها العمر وكسبت من تجارب الحياة,وكأني في ختام هذا الحديث الطويل أجد من ينبري بالقول متسائلاً هل للمرأة نفسها دور فيما وصلت إليه حالها وأمورها في بعض المجتمعات ونحن على مشارف القرن الواحد والعشرين عصر العلم والنور والوعي، فأقول ربما ولكن نظراً لما عانته المرأة وجابهته أصبحت محطمة الارادة مثخنة الجراح نفسياً بل وتردد رغماً عنها ما قاله الشاعر المتنبي من قبل:


من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام

ويتساءل البعض هل من نخبة واعية تناصرها وتطالب بانصافها في عصر العدل والانصاف واليقظة الإسلامية المباركة ومبدأ حقوق الإنسان، والإنسانة أيضاً فأقول مجيباً نعم هناك من يريد مناصرتها والوقوف بجانبها لنيل حقوقها كاملة غير منقوصة ولا مهمشة ولا مبتورة ولكن هؤلاء في مثل هذه المجتمعات ينقسمون إلى قسمين,, أحدهما يساندها بالرأي ومعايشة همومها وربما تؤرقه هذه الهموم أكثر منها وهؤلاء لا يملكون أكثر من الرأي,, وموقفهم هذا هو ما عناه الشاعر في قوله:


لا خيل عندك تهديها ولا مال
فليسعد النطق إن لم تسعد الحال

وهناك قسم أو فئة تعي معاناتها حقاً وتملك زمام انصافها وتحقيق الكثير من مطالبها ولكن بسبب أو بآخر يعوزها الاقدام وأحياناً يهيمن على خطواتها التردد والاحجام وكأني بالشاعر الحكيم يخاطبهم ويعنيهم ويستحثهم في قوله:


إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي ان تترددا

هذا وللحديث والموضوع اضافات وهوامش سنتطرق إليها بالتفصيل والافاضة في حديث آخر,, وما نريد الا الإصلاح,, والله من وراء القصد.
للتواصل فاكس 4786864
أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved