| مقـالات
** كان رد رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود باراك وهو قادم مباشرة من باريس متخلفاً عن اجتماع شرم الشيخ واضحاً عند نزوله من سلم الطائرة فهو قد ارتدى (قلنسوته) اليهودية فوق رأسه في إشارة ذات بعد ومغزى,,,, كان رئيس الوزراء الاسرائيلي في ورطة كبرى قبل الأحداث الحالية مع الكنيست الذي واجه فيه باراك اقتراحات بحجب الثقة ومع الوضع المتأزم الذي وصلت إليه عملية التسوية بسبب الرفض الاسرائيلي للتنازل عن مدينة القدس وحرمها الشريف المحتلة عام 1967م ورغم ان الكنيست في إجازة الا ان الارهابي أريل شارون قام بحركة محسوبة بعناية ودقة جعلت باراك يتحول إلى موقع الهجوم عندما حاول هذا الإرهابي تدنيس الحرم القدسي الشريف,,,, كان هذا الفعل وفي هذا الوقت بالذات تجاوزاً لكافة الخطوط الحمراء على الشارع الإسلامي فالقدس وحرمها الشريف عبر ما يجرى حالياً أعطت للاسرائيليين وللأمريكيين ولكافة المتفرجين الدوليين علامة واضحة على معنى هذه القضية شعبياً وهي القضية التي أوقفت محادثات التسوية بعد أن استعصى الحل بسبب التعنت الاسرائيلي المعروف من رفض التنازل عن القدس.
** كانت القدس وحرمها الشريف هي الشرارة التي اشعلت الموقف عندما هبّ الفلسطينيون لحمايتهما من تدنيس مجرم الحرب أريل شارون غير أن القوات الاسرائيلية عبر قواتها النظامية أو عبر جحافل مايسمى بقوة (المستعربين) أطلقت عليهم الرصاص وهم عزل فأسقطت ولازالت تسقط قتلى نعدهم شهداء عند الله عز وجل وجرحى ندعو لهم بالشفاء العاجل,,,, كان رد الفعل الاسرائيلي مستغربا لمن لايعرف طبيعة الدولة اليهودية وكان عادياً تماماً لكل من عرف طبيعة الغدر الاسرائيلي وانتهاكها لكافة المواثيق والعهود التي تدخل طرفاً فيها.
** كل أنواع الأسلحة استعملها الجنود الاسرائيليون أمام مجاهدي الحجارة الفلسطينيين العزل من كل شيء إلا إرادة صلبة لاتلين فمن الأرض حاصرتهم الطلقات النارية المهووسة بحب القتل مستعملة في ذلك رصاص (الدمدم) المحرم دولياً الذي يخترق الجسم ثم ينفجر داخله متحولاً إلى شظايا صغيرة واستعملت قوات الاحتلال أيضاً صواريخ (لاو) المضادة للدروع والدبابات في قصف بعض المواقع الفلسطينية فيما تحولت المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية وغزة إلى ثكنات عسكرية ينطلق منها الجنود بالمدرعات إلى مختلف المدن والقرى الفلسطينية لافتعال القتل والارهاب وحصد الأرواح حيث كان يتم تزويد هذه المستعمرات بالجنود والمؤن عبر طائرات الهليوكبتر، في السماء واجه مجاهدو الشعب الفلسطيني قذفات صاروخية ونارية من طائرات (الاباتشي) و(الكوبرا) وهي طائرات تستخدم عادة في الحروب الامر الذي يعني ان اسرائيل اعلنت الحرب فعلياً على الشارع الفلسطيني.
** ايهود باراك الذي وصفه بعض العرب بالجنرال القادم بقوة لصنع السلام لم يكن يفكر لحظتها في ذلك فهو استمر في صلفه وتحديه وغروره مهدداً ومزبداً ومرعداً معلناً انه سيدخل في مشاورات مع الأحزاب اليهودية المتطرفة لتشكيل حكومة وحدة وطنية وهو المصطلح الاسرائيلي للفظ (حكومة حرب) وباراك في ذلك يمثل تفكير المؤسسة العسكرية الاسرائيلية التي تقود الدولة اليهودية منذ غرسها في قلب العالم العربي وهو لا يلام على هذا التصرف من وجهة النظر الاسرائيلية في ظل الحقيقة التي تقول انه اكثر ضابط في جيش الاحتلال حصل على أنواط وأوسمة خلال خدمته العسكرية.
** الأحزاب الاسرائيلية ووسائل الاعلام اليهودية كان رد فعلها متوقعاً في أزمة مثل هذه فهي ألقت باللوم على الفلسطينيين العزل مسؤولية اندلاع الأحداث متناسين زيارة الارهابي أريل شارون للقدس ورد الفعل الاسرائيلي غير المبرر في الرد على احتجاجات أبناء الشعب الفلسطيني بل ان احد الزعماء اليهود وهو شيمون بيريز الذي تحدث بعض العرب كثيراً عن نظرته المتطورة للسلام ولما يسمى بالشرق الأوسط الجديد قال في تعليق له على الأحداث (القوات الاسرائيلية لها حق الدفاع عن النفس ضد الهجمات التي ترتكب ضدها) في تصريح موجه للشارع الاسرائيلي الأكثر أهمية حالياً لدى الزعماء اليهود بل ان احدى الصحف الاسرائيلية التي ردد البعض كثيراً موقفها الواضح من عملية التسوية كانت مؤيدة للموقف اليهودي من الأحداث متناغمة في ذلك مع بقية وسائل الاعلام الاسرائيلية التي أيدت الموقف الاسرائيلي كتبت هذه الصحيفة الصادرة باللغة الانجليزية وهي (الجيروزليم بوست) في عددها الصادر اليوم التالي لاغتيال جيش الغدر الاسرائيلي لروح الشهيد محمد جمال الدرة في 30/9/2000م ان الحرب لها اخطاء وهذا الطفل الصغير ووالده وجدا في موقع خاطىء في توقيت خاطىء!
مقارنة بما قاله الصحفي المعروف (روبرت فيسك) تعليقاً على هذا الحدث في جريدة (الاندبندنت) البريطانية (حين سمعت بالنبأ عرفت من هو القاتل) في إشارة صريحة إلى الارهاب الاسرائيلي الدائم ضد مجاهدي الشعب الفلسطيني.
** الدولة اليهودية لاتقيم للعهود والمواثيق أو القرارات الدولية بالاً ولا تلقي لها اذنا صاغية فرغم انها الدولة الوحيدة في العالم التي قامت على أساس قرار من الأمم المتحدة وهو قرار التقسيم الصادر في عام 1947م الذي أعقبه إشارة البدء لاطلاق عصابات (الهاجاناه) على القرى الفلسطينية لإرغام سكانها على الهرب ثم تحول الهجمات إلى مذابح قامت بها عصابات (الأرجون) بقيادة الارهابي اليهودي مناجيم بيجن فأبادت سكان قرية دير ياسين في ابريل من عام 1948م والذي على أثره اندفع بعض الفلسطينيين إلى الالتجاء إلى الدول العربية فيما أصبح يسمى الآن بالهجرة الفلسطينية الأولى إلا أن اسرائيل تتحدى كل قرار ليس في صالحها وترفض تنفيذه ويلقى كل ذلك قبولاً من الولايات المتحدة الامريكية التي تخلصت من شركائها الروس والأوروبيين في مفاوضات عملية التسوية لتدير المفاوضات بروح انحياز أمريكية معروفة تتغاضى دائماً وأبداً عن التجاوزات الاسرائيلية.
** في الأرض المحتلة عام 1948م ثار الشعب الفلسطيني المسلم مطالباً بحقوقه التي سلبتها الدولة اليهودية التي تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية مؤيدين لإخوانهم في الضفة وغزة في دفاعهم عن الحرم القدسي الشريف ترى هل تقبل الولايات المتحدة الأمريكية التي تنادي دائماً بحق تقرير المصير للشعوب بحق مسلمي وعرب فلسطين المحتلة عام 1948م الذين يزيد عددهم على المليون مواطن في تقرير مصيرهم بعيداً عن دولة العصابات الصهيونية؟؟ وهل تقبل أمريكا ومواقفها معروفة في قضية جزر تيمور وفي قضية منطقة التيبت ؟؟ وغيرها من مناطق العالم بحق مسلمي الشيشان أو كشمير في تقرير مصيرهم بالطريقة التي يرون ملامتها لهم؟؟
** أقول ذلك وأنا وكل من يقرأ هذه السطور يعرف الإجابة التي تبين انحياز الولايات المتحدة الأمريكية الدائم عندما يتعلق الأمر بحقوق المسلمين أو حقوق العدالة الدولية أو حقوق الانسان التي يتشدقون بها كثيراً وأقول أيضاً ان الأحداث الحالية في فلسطين المحتلة أحرجت كل من سار على درب التطبيع وكل من هرول إلى فتح آفاق تعامل جديدة مع عدو صهيوني شرس لايعرف له أمانة أو ذمة أحرجت الأحداث الحالية كل من راهن على انطفاء شعلة الجهاد في فلسطين وكل من زعم ان الفلسطينيين رضوا بواقعهم الذي ارادته لهم دولة العصابات الصهيونية, لم يشهد التاريخ ان حقاً ضاع إذا كان وراءه مطالب يدفع له التضحيات واحدة بعد أخرى ولم يشهد التاريخ ارهاباً وتدميراً وغدراً ونقضاً للعهود والمواثيق مثل ذلك الذي تعرضه آلة الحرب الاسرائيلية بشكلها التلفزيوني الحي المباشر.
|
|
|
|
|