| الاخيــرة
من حق المرء أن يعيش بالطريقة التي يراها مناسبة، ومن حقه أن يقضي وقته بالأسلوب الذي يراه محققا لإشباعه طالما ان ذلك الاسلوب يتفق مع ما أمر به الشارع وشيخنا رحمه الله قد سن لنفسه نمطا ألفه وقصر على اتباعه، فقد ألف ان يقطف من الخمائل التي حوله حيث تتدلى منها الثمار اليانعة فقد نادته مناداة ابن زيدون لمحمد بن مسلم حيث قال:
اناديك عن مقه، عهدها كما وشت الأرض أيد الرهن واني لأصفيك محض الهوا واخفي لبعدك برح الألم |
لقد انفرد شيخنا بأليفه ليس لصبابة قيدته ولا لحرازة منعته بل انفرد به لانه لم يعهد غيره ولم تتق نفسه إلىالبحث عن سواه, لقد ألف شيخنا المطالعة وهي قلعة لمن روض نفسه على حبها، واشباعا لمن أراد الاشباع، ولذة تفوق سواها من اللذات، وفوق ذلك كله زاد للآخرة، ومتاع في الدنيا اذا أحسن الاختيار.
وشيخنا عرف عنه التواضع والوفاء ومحبة الناس، امتثالا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن من خلق حسن، وان الله تعالى يبغض الفاحش البذيء , كما ورد في الأثر عن الحسن انه قال تلقى أحدهم يتحرك في مشيته يسحب عظامه عظما عظما لا يمشي بطبيعته .
وكأني به من أقرانه ومحبيه قد وافق ما قاله الامام أحمد بن حزم في قصيدة قالها مخاطبا عبيد الله بن عبدالرحمن بن المغيرة بن أمير المؤمنين الناصر:
أودك ودا ليس فيه غضاضة وبعض مودات الرجال سراب وأمحضك النصح الصريح وفي الحشا لودك نقص ظاهر وكتاب ومالي غير الود منك ارادة ولا في سواه اليك خطاب |
ولا تجد اثنين متحابين الا بينهما مشاكلة واتفاق في الصفات الطبيعية، لابد من هذا وان قل، وكلما كثرت الأشباه زادت المجانسة وتأكدت المودة، فانظر هذا تراه عيانا بيانا، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف , رحم الله الشيخ حمد الجاسر وطيب مثواه.
|
|
|
|
|