| محليــات
تعاني قارة أفريقيا من معضلات مزمنة، فهي القارة الأقل نمواً في العالم، ومعدلات الفقر فيها مرتفعة لدرجة يصعب تخيّلها في عصر من سماته النمو الاقتصادي المزدهر، والكوارث متنوعة، هناك مجاعات، وكوارث طبيعية، وحروب أهلية، وأوبئة وأمراض وفيروسات، وبالمقابل فان أفريقيا دولة غنية بمصادرها الطبيعية، ولديها كل إمكانات النهوض الاقتصادي والتفوق، ولكن ما يعوق ذلك إشكالات ذات طبيعة ثقافية وسياسية وعرقية أثنية، وغير ذلك من تراكمات تاريخية عانى منها الأفريقي عبر قرون.
إن على العالم والعالم الصناعي بالذات مسئولية أخلاقية للوقوف مع أفريقيا ومساعدتها للتعامل مع بعض المعضلات التي تعاني منها، فأوروبا وأمريكا واليابان لها مصالح في أفريقيا، ولها أيضا علاقات تاريخية معها، وهي علاقات ليست نبيلة، فالغرب استعمر أفريقيا لقرون واستفاد من خيراتها وثرواتها، والغرب في عصر العولمة يسعى كما يقول الى إحداث توازن في خريطة النمو الاقتصادي العالمي، والغرب ايضا يخسر في اضطرابات تحدث في قارة مهمة كأفريقيا, والغرب يتعرض مواطنوه قبل غيرهم من انتشار فيروسات مصدرها أفريقيا.
إن العالم بمؤسساته الحكومية والدولية والأهلية يستطيع أن يقدم الكثير لأفريقيا، ويعينها على الخروج من النفق المظلم، إذا ما توفرت الارادة الجادة في العمل، والادراك الحقيقي لخطورة الوضع في أفريقيا وانعكاسه على العالم ككل, وصحيح أن الأمم المتحدة مثلا لا تستطيع أن تغير عقلية بعض الساسة الأفارقة، وصحيح أيضا أن العالم لايمكن له ان يشطب الانتماء الأثني او العرقي المتعصب، وبنفس القدر من الصحة لايمكن لاحد من خارج دول افريقيا ان يحوّل مواطناً أفريقياً من شخص غير منتج الى عضو فعال، او من ادارة متخلفة الى ادارة تتمتع بكفاءة، وهكذا.
ولكن يمكن للعالم ان يقدّم برنامج مساعدات، ويطوِّر أبحاثاً، وينشىء مختبرات، بحيث يتم اكتشاف الاوبئة ومحاصرتها قبل أن تنتشر في العالم، كما يمكن للدول ن تشطب ديوناً او تقدم قروضاً ميسرة، او تساعد في برامج تعليمية او طبية، او اغاثة للكوارث، كما يمكن توفير اجواء لحوار سياسي نشط بين المجموعات الأثنية او الاقليمية داخل أفريقيا، اي باختصار يمكن للعالم مع توفر الارادة الدولية اعادة تأهيل افريقيا من خلال خطوات تمكنها من تجاوز معضلات او الاستجابة لتحديات.
حمى الوادي المتصدع فيروس قادم من القرن الافريقي عبر الاغنام، تعامل معه الفريق الطبي السعودي بكفاءة واقتدار، ليس فقط بسرعة التشخيص ومعرفة طبيعته، وليس فقط بالاجراءات الوقائية مثل إتلاف الاغنام والبعوض، ولكن ايضا بتصور مايمكن ان يحدث من مضاعفات لاسمح الله بالمستقبل.
ومن هنا فان علينا المزيد من اليقظة والحذر وتمكين منطقة جيزان من النهوض باعتبارها خط الدفاع الاول بحكم التصاقها بالقرن الافريقي.
الجزيرة
|
|
|
|
|