| مقـالات
** لم نعد نعرف شيئا,,!
ماعدنا نعرف ما إذا كان هارون الرشيد فاسقاً أم تقياً.
فاجراً,, أم نقياً.
لاهياً,, أم جاداً.
ثمّة أمية تاريخية تعترينا,, كلما حاولنا أن نزرع في القلب بهجة، وكلما أردنا أن نتفيأ ظلال الماضي المشرق,, هربا من تعبنا العربي الحاضر!
** الخليفة العباسي الأشهر,, والأكثر صخباً، وديمومة في تاريخنا الطويل,, هل كان مظلوماً حقاً مما تنسبه إليه كتب الأدب,, والتاريخ؟
هل هو بريء من حالة الفجور والتهتك والمجون,, التي تعج بها أكثر كتبنا التراثية حضوراً,, وتداولاً؟!
لم نعد نعرف ما إذا كان الخليفة الذي يحج سنة,, ويجاهد أخرى,, هو نفسه الخليفة الذي تتبارى في حضرته الغواني والقيان,, وتدار في مجلسه الكؤوس، وتدق الطبول ويرتفع الصوت:
من الثلاث الآنسات عناني وحللن من قلبي بكل مكاني مالي تطاوعني البريّة كلها وأطيعهن وهن في عصياني |
** تراثنا يا سادة, مليء بالمغالطات,, والأكاذيب,, وإن شئتم والظلم, هارون الرشيد أحد ضحايا هذا التراث.
نعم,, فلم يظلم التاريخ أحداً كما ظلم هذا الرجل العملاق الذي بلغت الدولة العربية في عهده أوج مجدها وعزها وعنفوانها.
ولم يتعرض تاريخ خليفة للتشويه,, كما تعرض تاريخه.
ينبغي أن ننصف هذا الخليفة العظيم من الظلم الذي وقع عليه.
أن نبرئه من كل التهم الملفقة التي سُدّدت إلى تاريخه المضيء,, عبر كتب التراث المتداولة.
** الشعوبيون هم ظَلَمة هارون الرشيد حين بدأوا في العصر العباسي المتأخر بتصفية حساباتهم مع كل من حاول المساس بهم أو بزعمائهم، فملأوا التاريخ بالكثير من الأوحال والطعنات النُجل,, التي نفذ من خلالها كل من أراد أن يشكك في حضارة العرب، وعظمتهم.
تراثنا أيها الأصدقاء,, ليس كتاباً مقدساً يحرّم إعادة صياغته، وتهذيبه بل هو كتاب مفتوح,, لا يحتاج إلا إلى رجال عظماء يعيدون كتابته، فيقتصون من الظالم، ويعيدون للمظلوم حقه وكرامته.
هارون الرشيد ,, ضحية من ضحايا تراثنا المتداول,, ولكنه ليس الضحية الوحيدة, هناك ضحايا كثر شُوّهت صورهم، وغُمِط حقهم.
** لنعد أولاً ل(هارون الرشيد) حقه.
لننصفه من هؤلاء الظَلَمة الذين ما تركوا للعرب وجها أبيض إلا وهالوا عليه التراب و,, الوحل!!
بيشة ص,ب 34
|
|
|