Tuesday 19th September,2000 | العدد 10218 | جريدة الجزيرة - الطبعة الأولى - مدارات شعبية | الثلاثاء 21 ,جمادى الثانية 1421 |
نصف القمر عندما يرحل الكبار خالد محمد الخليفة |
هناك أسماء لامعة اجتماعيا تشغل الساحة الثقافية على تعدد مجالاتها بصخبها وضجيجها ومشاكساتها التي لا تخلو من ادعاء وتعال في حياتها، لكنها بعد ان تودع الحياة بعد عمر قصير او طويل سرعان ما يضعها الناس في غياهب التجاهل والنسيان مهما كانت طبقاتهم ومشاربهم وتوجهاتهم,, ولو بحثنا عن السبب لوجدنا ان هذه الفئة من مدعي الثقافة لم تكن في يوم من الايام ذات رسالة ثقافية سامية ولا مبدأ واضح او موهبة ابداعية حقيقية تستحق الاحتفاء او على اقل تقدير التعاطف! غير إن الامر يختلف عندما يأفل نجم ذو مكانة كبيرة في النفوس قدرا وعلما وخلقا وتواضعا وإدراكا مما جعل بصماته واضحة على مسيرتنا العلمية والثقافية والاجتماعية على كافة المستويات حيث الحزن العميق والشعور بالخسارة الفادحة والفقد المؤلم والغياب الذي لا يعوض! وهذا ما شعر به الجميع وهم يودعون علامتنا الكبير ورمزنا الثقافي الذي قلما يجود الزمن بمثله الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ذلك العلم الذي لم تغره انجازاته ولم يلهه ما يلقاه من تقدير وتكريم عن مواصلة مشواره الابداعي حتى آخر لحظة من حياته! إننا وإن كنا محظوظين بمعاصرته والاستفادة من اعماله الجليلة وفق امكاناتنا وقدراتنا ومشاربنا سنظل بحاجة لكل حرف خطته انامله الكريمة اليوم وغداً وإلى ما يشاء الله، شأنه شأن الاعلام البارزين الذين لا تزال ابداعاتهم نابضة هنا وهناك وهو مع كل ذلك مدرسة حري بنا ان ننهل من معينها الذي لا ينضب حيث الصبر والمثابرة والإخلاص وصدق النية والتواضع والاحتفاء بالرأي الآخر والوعي السابق لعصره ناهيك عن دقته وتنظيمه وبحثه المضني واتساع صدره للجميع صغاراً وكباراً! ولعل في تعامله الواعي مع النصوص الشعبية رغم مكانته الكبيرة بين علماء اللغة العربية خير دليل على بعد نظره وحكمته وترفعه عن المهاترات وهذا ما جعل رأيه محل احترام الآخرين. ولاشك ان وفاته كانت حدثا مراً لولا إيماننا بقضاء الله وقدره فلكل اجل كتاب وما تبادل التعازي بفقده إلا صورة من صور التقدير والاعزاز له حياً وميتاً! فوداعاً علامة الجزيرة,. ووداعاً أيها الراحل الكبير,. فلك منا الوفاء والدعاء ولذويك ومحبيك وتلاميذك وساحتنا الثقافية خالص العزاء! |