أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 16th September,2000العدد:10215الطبعةالاولـيالسبت 18 ,جمادى الثانية 1421

الثقافية

الشيخ حمد الجاسر والجهيمان,, وصداقة أكثر من سبعين عاماً
عبد الكريم الجهيمان
فاجأني الصديق الأستاذ محمد القشعمي بخبر وفاة صديق العمر الشيخ حمد الجاسر الذي توفي في أمريكا,, وهو يكافح أمراض الشيخوخة,, بعد ان التقيت به في منزله قبل أن يسافر فأخبرني أنه سوف يسافر غداً الى ألمانيا فتمنيت له الشفاء والعودة إلينا بسلامة وعافية,,.
وهكذا صار هذا اليوم الذي لقيته فيه هو آخر يوم لهذه الصداقة والزمالة في كثير من مراحل حياتنا التي كانت كلها ولله الحمد لطلب العلم ثم لبثّه وتعليمه,.
وكان أول تعرفي على الشيخ حمد في الرياض في مطلع شبابنا ثم تزاملنا في طلب العلم في المعهد السعودي بمكة المكرمة ثم صارت الأيام تجمعنا تارة وتفرقنا تارات,.
وقد صحبت الشيخ حمد في السفر والحضر فكان نعم الصديق في الحضر ونعم الرفيق في السفر,, إنه كريم اليد واللسان,, لا أذكر أنني اختلفت معه في شيء من الأمور التي تعرض للإنسان في حالات الأسفار,, وكنت في بعض الأحيان أتعصب لرأيي,, فيعاملني بالتسامح والموافقة,, فأعتبر هذا منه بعضاً من مكارم أخلاقه.
وكان من أكثر نعم الله على صديقي الشيخ حمد أن رزقه الله زوجة صالحة مدبرة ومن أرومة عريقة كريمة,, أنجبت له أولاداً وبنات ربتهم أحسن تربية فأهلت بناتها لأكرم الأزواج وأهلت أولادها لجلائل الأعمال.
وقد تحملت هذه الزوجة المدبرة عن زوجها الشيخ حمد جميع أعباء المنزل من خدم وحشم وأولاد,, وجعلته يتفرغ لمؤلفاته وبحوثه ومقابلاته الثقافية,, فصار في هذا الجو المريح يطالع ويكتب ويناقش,, ويختلط بالكثير من المثقفين والعلماء داخل بلادنا وخارجها,.
فكان عضواً عاملاً في جميع الملتقيات العلمية,, والمجامع الثقافية في حواضر الأمة العربية,,.
لأن الشيخ حمد رحمه الله كان لديه معرفة واسعة في الكثير من الجوانب العلمية.
فكان مرجعاً في التأريخ قديمه وحديثه
وكان مرجعاً في الأنساب
وكان مرجعاً في الجغرافيا
وقد منحته جامعة الملك سعود أخيراً درجة الدكتوراه في أي علم لا أدري,.
ولكنني أرى أن الشيخ حمد يستحق الدكتوراه في جميع الجوانب التي ذكرتها آنفا,, فيستحق أن يدعى الدكاترة حمد الجاسر,, كما كان يدعى زكي مبارك الذي كان يحمل عدة ألقاب من الدكتوراه في عدة علوم من المعارف المشهورة.
* * *
ويجب ألا ننسى مفخرة للشيخ حمد هي أنه أول من أنشأ مطبعة وأصدر صحيفة في المنطقة الوسطى,, إنها مفخرة يجب أن تذكر فتشكر,, فقد كانت هذه المطبعة ومؤسسها ملتقى المثقفين والكتاب في جميع الأيام والليالي وكان الشيخ حمد يستقبلهم بصدر رحب وينمي فيهم حب الكتابة والاطلاع,.
* * *
ولا أنسى أنه كان في بعض الأيام إذا سافر يعهد إليّ برئاسة التحرير,, ثم يعطيني ورقة يكتب فيها رؤوس الأقلام من السياسة التي يجب أن تسير عليها الصحيفة,, وهذه السياسة في مجملها تهدف إلى خدمة الوطن والمواطنين,, وتنمية الثقافة والوعي بين شباب هذه المنطقة التي لاتزال بكراً ذات صحيفة بيضاء قابلة لكل ما يكتب منها,.
وللشيخ حمد مفخرة أخرى لا تقل عن سابقتها في المنافع الجمة وهي تأسيس المدارس في قرى نجد.
فقد كان الشيخ حمد معتمداً للمعارف في المنطقة الوسطى,, فدعاه ولي العهد سعود رحمه الله الذي كان يدير جميع شئون البلاد في أواخر حياة الملك عبدالعزيز, وأمره أن يتجول في قرى نجد وان ينشىء في كل قرية مدرسة,.
يقول الشيخ حمد فقلت لولي العهد سعود,,: ومن أين آتي بالموظفين والمدرسين,, فقال سعود اجعل إمام القرية مديراً للمدرسة واجعل المؤذن استاذاً اذا كان يقرأ أو فراشاً إذا كان أميا,, وهذا الإجراء يعتبر نواة للمدرسة تنمو مع الزمن,.
يقول الشيخ حمد: فتجولت وفتحت المدارس في القرى كما أشار ولي العهد فرحم الله سعوداً ورحم الله الشيخ حمد على جهده الذي يذكر فيشكر,,!!
* * *
وبقي أن أشير إلى تلك المشادة أو المناقشة الحادة بين الشيخ حمد وبيني حول كتابي: رسائل لها تأريخ
فقد نشر في جملة هذه الرسائل رسالة من الصديق عبد الله المغربي,, وكان في هذه الرسالة ذكر للشيخ في أيام الشباب وتلميح لبعض العادات التي كان الشيخ في شبابه يمارسها بطريقة عفوية,, وظن الشيخ حمد أن فيها غمزا ولمزا قد قصد به,.
فثار على الكتاب وكاتبه وجميع ما فيه وكتب عدة مقالات تحط من قيمة هذا الكتاب,.
ولم يكن مني إلا أن أرد التحية بمثلها,.
وقد ظن كثير من الإخوان أن هذه المناقشة الحادة ستكون نهاية لصداقة سبعين عاما.
ولكننا: الشيخ حمد وأنا خيبنا ظن الظانين واعتبرنا أن تلك الزوبعة ما هي إلا وسيلة أخرجنا بواسطتها ما في نفوسنا من رواسب الانفعالات التي تكوّنت في نفوسنا مدى سبعين عاما ثم عادت نفوسنا صافية بيضاء من تلك الرواسب,,.
فغفر الله للشيخ حمد الجاسر وأسكنه فسيح جناته وألهم عائلته الصبر والسلوان وأخص منهم المجاهدة المكافحة أم محمد وفقها الله لكل خير كما أخص بالتعزية ولدها معن هذا الشاب المكافح الذي أعتبره شابا بلا صبوة.
كما لا أنسى بنات الشيخ مي وأخواتها اللاتي أعزيهن وأتمنى لهن حياة طيبة تكسب عملا صالحا,,وإنا لله وإنا إليه راجعون ,.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved