أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 2nd September,2000العدد:10201الطبعةالاولـيالسبت 3 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

4 - حدث الناس بما يعقلون:
أ الألف المهموزة بعد حرف ساكن:
أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
من قواعد الرسم الإملائي التعليمي: أن تكتب الهمزة، وتحذف الألف,, إذا كانت الألف آخر الكلمة، وكان ما قبلها ساكناً,, وقيَّد أبو محمد ابن قتيبة ]213276ه[ قاعدتهم: بأن لا تكون الكلمة منصوبة منونة؛ فإنه يُلحق بها ألفٌ بعدها,, هكذا قال نصاً، وفي التمثيل جعل الهمزة على نبرة في بعض الأمثلة مع إلحاق الألف، وهذا هو نص عبارته باب الهمزة تكون آخر الكلمة وما قبلها ساكن: إذا كانت كذلك حذفت في الرفع والخفض نحو قول الله عز وجل (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه) ]سورة النبأ/40[ و(ولكم فيها دفء) ] سورة النحل/5[ و(مِلءُ الأرض ذهباً) ]سورة آل عمران/91[، وكذلك إن كانت في موضع نصبٍ غير منونٍ نحو قوله عز وجل: (يُخرجُ الخبءَ) ]سورة النمل/25[,, فإذا كانت في موضع نصب منونٍ ألحقتها ألفاً نحو قولك: أخرجت خَبئاً وأخذت دِفئاً وبَرَأتُ بُرءاً وقرأتُ جزءاً (1) ,, قال أبو عبدالرحمن: لم يبرهن رحمه الله على هذه القاعدة، وإنما قررها بالوصف.
وقال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي ] 335[: فإذا سكن ما قبل الهمز، فإن أكثر ما جاأ عن العرب إسقاطها من الكتاب إلا أن يكون أثر جاأ فيه,, من ذلك قول الله عز وجل: (ولكم فيها دفءٌ ومنافع) ]سورة النحل/5[ و(يُخرجُ الخبءَ) ]سورة النمل/ 25[ و(يحول بين المرء وقلبه) ]سورة الأنفال/ 24[,, كتبوا بغير ألف هذه كلها,, ومن العرب من يكتبها على لفظها إذا سُكِّن ما قبلها، فإن كانت مضمومة كتبها بالواو، وإذا كانت مفتوحة كتبها بالألف، وإذا كانت مكسورة كتبها بالياإ,, كتبوا هن نساؤ صدق بالواو، ورأيت نسآء صدق بالألف، ومررت بنسائي صدق بالياإ.
فإذا كانت الهمزة آخر الحروف والحرف ممدودا كتب بألف واحدة في النصب والخفض والرفع كقولك: رأيت عطاأً,, ومررت بعطاإ، وهذا عطاأٌ,, فأما في الخفض والرفع فلم تثبت الواو ولا الياأُ؛ لأنهم يستثقلونها طرفاً، واما في النصب فلأنهم يكرهون اجتماع شبهين؛ فإذا اجتمعت في الحرف ألفان كتبوه بألف واحدة كقولك: شربت ماأً ألا ترى أن ها هنا ثلاث ألِفات: الألف الأولى، والهمزة المفتوحة، وألِف الإعراب,, وكل ممدود منصوب فالصواب أن يكتب بألفين؛ لأن فيه ثلاث ألفات (2) .
قال أبو عبدالرحمن: يعني الصوليُّ بقوله فإن أكثر ما جاأ عن العرب إسقاطها يعني إسقاط الألف؛ لأن أمثلته أسقطت الألف وأثبتت الهمزة، ولأنه قال بعد ذلك: كتبوا بغير ألف هذه كلها .
والواو والياأُ نائبة عن الألف عند الصولي، وسوغ ذلك بحركة الألف المهموزة ذاتها (3) ضماً وكسراً، وأبقاها في الفتح على صورتها حسب نصه، ولكن مثاله خلاف ذلك؛ لأنه كتب المنصوبة هكذا: رأيت نسآء صدق ؛ فجعل على الألف علامة المد ( ~ )، ولا داعي لذلك في ألف المد الساكنة، وإنما توضع عند مد الهمزات,, وكتب الهمزة وسط السطر، والمقتضى حسب قاعدة الرسم هكذا (نساأ)؛ فلا أدري أهذا التغيير في الأصل المخطوط أم حدث عند الطبع؟.
وأما أمثلته لما بعد المد في النصب والجر والرفع فلم يقل: إنها تكتب على ألف,, وإنما قال: إن الألف واحدة وهي ألف المد ؛ فهذا يعني رسم الهمزة وسط السطر.
ولما كان الأصل عنده أن الواو والياأ صورتان للألف في حالتي الضم والكسر: فقد سوَّغ إسقاط الواو والياء في مثل مررت بعطاإٍ، وهذا عطاأٌ: باستثقالهما طرفاً,, وسوغ إسقاط الألف نصبا في مثل عطاإٍ بكراهية اجتماع شبيهين، وهو مايُعبَّر عنه بكراهية توالي ألفين.
أما حكم الصولي رحمه الله بأن في ماإٍ ثلاث ألفات فذلك مبني على اصطلاح قديم انتهى بعلامة المد المغنية عن تكرار الألف، وتأتي مناقشته إن شاأ الله.
وقال أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس ] 338ه[: نلمي هذا الباب عن أبي الحسن بن كيسان على نص كلامه؛ إذا كان جوَّده وأتقنه,, قال أبو الحسن بن كيسان: الهمز حرف من الحلق مثل العين إلا أنها أبعد منه مخرجاً ولا صورة لها في الخط إلا أن تُستَعَارَ لها صورة الياإ والواو والألف؛ لأنها تُخَفَّفُ وتُبدَلُ منهن فكُتِبَت بصورتهن,, وربما لم يثبتوا لها في الخط صورة، وأنا مبين لك ذلك بقول مُجتمعٌ عليه, (4) .
وقال: فإن كان ما قبلها سكاناً لم يكتب لها في الخط صورة وذلك قولك: المرء والخبء والهزء والحزء والعبء والدفء والملء؛ فهذا المختار,, ومنهم من يكتب الهمزة التي قبلها حرف ساكن على حركة ما قبلها بالكسر والضم ولا يكتبها على الفتح؛ فيكتب الخبء والمرء على ما ذكرنا، ويكتب الجزؤ والهزؤ بالواو، والدفىء والعبىء بالياإ,, ومنهم من يكتبها بالضم والكسر على حركتها ولا يلتفت إلى ما قبلها؛ فيكتب هذا عبؤ بالواو، وجئته بالجزئي بالياإ,, فإذا نصبوا هذه الحروف ونونوها كتبوها بألف تكون بدلاً من التنوين، ولم يثبتوا للهمزة صورة نحو أعطيته جزءاً وخبأته خبئاً وحملته عبئاً,, لا اختلاف في هذا.
قال أبو جعفر: غلط البصريون,, يكتبون هذا بألفين، وكذا ذكر محمد بن يزيد؛ لأن الهمزة متوسطة فصورتها ألف؛ لأنها مفتوحة وبعدها ألف عوضاً عن التنوين، فإن لم يُنَوِّن حُمِل على ما قدمنا (5) .
قال أبو عبدالرحمن: أضاف النحاس رحمه الله وجهاً ثالثاً، وهو مراعاة حركة ما قبل الساكن، وأمام هذه النصوص أقف الوقفات التالية:
الوقفة الأولى: أن ابن قتيبة رحمه الله فرَّق بين الهمزة والألف؛ إذ قال: تكتب الهمزة، وتحذف الألف ,, وقد أسلفت التحقيق بأن الهمزة علامة للألف المحققة بالهمز، وليست حرفاً مستقلاً؛ ولهذا فمن الشذوذ الصارخ أن تكتب علامة الحرف في وسط السطر مستقلة، ثم تكون نائبة عنه!!.
الوقفة الثانية: في استثناإ ابن قتيبة أن الألف المهموزة إذا كانت منونة ألحقت ألفاً مثل: دِفئاً، وبرءاً.
قال أبو عبدالرحمن: يلاحظ ها هنا أن الهمزة عُدَّت نائبة عن الحرف مفصولة وسط السطر في جزءاً ، وعلى نبرة نائبة عن الألف في دفئاً ؛ ففي الأولى ما أسلفته في الوقفة الأولى من التشويه السيِّإ لصورة الحرف، وفي الثانية إلغاأُ حرف الألف بلا مانع وإنابة النبرة عنه بلا مسوغ,, ولم يكتف الأمر بهذا التشويه، بل أضاف زيادة ألف بعد الهمزة النائبة عن الألف المهموزة من أجل التنوين!!,, ثم أضاف إلى الألف التنوين؛ فاجتماع الإخلال برسم ما ينطق مع زيادة في الرسم لا داعي له؛ فأين هذا عن الرسم هكذاً: جزأً ودفأً ,, إننا ها هنا رسمنا الألف المهموزة على صورتها بلا تشويه، ولم نضف غير علامة التنوين؛ فلم نحتج إلى فضول ألف بعد النبرة أو بعد الهمزة وسط السطر.
الوقفة الثالثة: إن صح وذلك لا يصح، ولا يرجح رسم الهمزة (علامة الألف المهموزة) وحدها وسط السطر في مثل دفء وجزء في الرفع والخفض، وفي النصب غير المنون: فلا يُعلم مسوغٌ لإضافة النبرة والألف في دفئاً ، والألف وحدها في جزءاً حالة النصب والتنوين؛ أفلا يسعها ما وسع جزءٌ ودفء حال الضم والتنوين، والجر والتنوين؟!.
الوقفة الرابعة: أسلفت أن الهمزة علامة لتحقيق حرف الألف المهموزة، وليست حرفاً مستقلاً، وأن الهمزة تطلق على الألف المهموزة تجوزاً، وأنه عند التقعيد لابد أن نفرق,, ومن باب أولى إذا ذكرت الهمزة والألف معاً أن المراد الهمزة العلامة، والألف الحرف المحذوفة همزتها (العلامة).
الوقفة الخامسة: ذكر الصولي رحمه الله: أن بعضهم يثبت الهمزة ويثبت الألف أيضاً، ولكنه يكتبها على صورتها!!.
قال أبو عبدالرحمن: صورتها معروفة، وهي الألف العمودية، وإنما يريد الصولي بصورتها الواو ضماً، والنبرة كسراً,, وهذا سوأُ تعبير، والصواب صورة حركتها لا صورتها هي,, وصورة حركتها في الواقع أن ترسم الألف المهموزة بهمزة فوقها، والفوقية تغني عن حركة الإعراب؛ فإن كانت مفتوحة منونة وضعت علامة تنوين الفتح، وإن كانت مضمومة وضعت الهمزة فوق الألف وكتبت علامة الضم أو الضم والتنوين، وإن كانت مكسورة غير منونة كتبت الهمزة تحت الألف وأغنت التحتية عن علامة الكسر، فإن كانت منونة وضعت علامة تنوين الحرف المخفوض.
* * *
* الحواشي:
(1) أدب الكاتب ص 266 267 تحقيق محمد الدالي ط م الرسالة سنة 1417ه,, قال أبو عبدالرحمن: على الطرة الطبعة الثانية فلا أدري أهي الطبعة الثانية لمؤسسة الرسالة، أم هي طبعتهم الأولى، وكانت ثانية بالنسبة للطبعة التي حققها محمد محيي الدين رحمه الله,, وبما أن الناشر قد لا يحصي الطبعات السابقة فالمفترض أن يقال: ط مؤسسة الرسالة طبعتها الأولى أو الثانية.
(2) أدب الكتاب ص 261 شرح وتعليق أحمد حسن لسبج ط دار الكتب العلمية ببيروت طبعتهم الأولى عام 1415ه.
(3) يرى بعض الفضلاإ في مشافهة لي: أنه لم يُسمع عن العرب التأكيد بذات,, قال أبو عبدالرحمن: التأكيد بما يدل على جميع الشيإ الذي تم تأكيده؛ فأنت مثلاً لا تقول جاأ زيد أنفه,, لأن الأنف لا تساوي زيداً في لغة العرب,, ولكنك تقول: جاأ زيد نفسه وعينه، لأن هذين اللفظين في لغة العرب يعنيان زيداً بكل هويته غير ملتبسة بغيره,, والذات تستعمل في هذا المعنى كما تستعمل عين ونفس؛ فهذا هو المطلوب نقله عن العرب,, أما تركيب الكلام من طرفي التأكيد فلا يُحتاج فيه إلى لغة العرب إلا من جهة النحو والبلاغة,, وقد قرر حذاق العلماإ في أصول الفقه في المداخل اللغوية، وفي كتب أصول الفقه : أن تركيب الكلام عمل عقلي لا نقلي,, قال أبو عبدالرحمن: إذا ترجم لنا المترجم عن بودلير وصف الحب بالشمس الحمراإ ، فلا تحتاج إلى سماع الحب شمس حمراإ عن العرب؛ بل نحاسب التركيب نحواً وبلاغة، والله المستعان.
(4) صناعة الكتاب ص 151 تحقيق الدكتور بدر أحمد ضيف ط دار العلوم العربية ببيروت/ طبعتهم الأولى عام 1410ه.
(5) صناعة الكتاب ص 152.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved