| الثقافية
(1)
أذكر نهار سرت إلى بيتهم المهيب بحثاً عمن يلعب مع حضرتي الزائرة التي لم تدخل حجر (بتسكين الجيم) المدارس الصباحية للآن,, مددت ساقاً تذكرني بنصل جريد يمتد إلى داخل البيت بهدوء بعد سحب الخيط الذي سحب المزلاج الداخلي دون إفلاته؛ كيلا يعود إلى مكانه بسرعة تحدث صوتاً يكشف دخول أحد ما!
أذكر وأنا على شاطئ البحر الذي لم أسكنه قط لمعان الزجاج الصامت على استواء التراب الخارجي المنطرح أمامي، وأنا على عتبات البيت وحيدة أنتظر جرس المدارس أن يدق دون أن أسمعه إلا في صياح رفقتي الذي يشدهم إلي منهالين، أكثر شيء، هرباً من قيد أمثال درس العلوم الصعب الذي يرددونه، والعصا أو اللوح، تماماً، على نصل نهايات الشعور المتطايرة:
التنكة تتمدد
بالحرارة، وتتقلص بالبرودة !
حيث تحيرهم مفردات: الحرارة المرتبطة ب /المنتجة ل التمدد والتقلص الناتج عن البرودة ، وهم يعرفون حقيقة فيزيائية أجمل بكثير، وأصدق، وأقرب لمعقولية الفهم؛ يعرفون أن ازدياد الحرارة أو البرودة مع الجري في ظلهما على التراب بأقدام عارية من الواقيات، المصنوعة من جلد الخنزير، يبني طبقة سميكة ومتينة الحماية لإحساس أقدامهم, إنها طبقة تخلق حذاء طبيعياً مرتجا بتخطيطات وتشققات الحرية التي لاتتقلص من أجسادهم وأفكارهم سوى أوقات النوم؛ لتسكن عالم الأحلام المنعش قصة في الفجريات المتحفزة بأوامر خرف التمر، وإطعام البهم ، وري السواقي و أشربة الزرع من ألسنة الوايتات الحلقية.
فوضى تسكن رأسي تحت هذه الأجهزة المملة، فضلاً عن بلادة ألمها, لكن، مازلت أرى أول مرة رأيت فيها الحلزون في شرب البرسيم ذي الأزهار البنفسجية اللذيذة!
عفواً، يا أنا، لكن لماذا لا تؤلم قوائم السرطان الذي يحمل قوقعة على ظهره كقوقعة الحلزون؟ ألأنها تخيف، فقط؟ أم أنها مجرد تمويه لما هو أكثر ألما وإضراراً داخلها؟,, أذكر أنني صرخت بشدة غريبة لما لامستني أطراف أحدها متحسسة أصابعي، وقوقعتها في يدي؛ فهي لم تكن جارحة مميتة كما يقال، بل كانت ناعمة، رطبة، بريئة، دغدغتني؟
هل أسأل هذا الدكتور الذي أرهق نفسه وكفيه، وهو يصفع هنا، ويقرس هناك، ويغرس إبرة حيثما اتفق؛ ليتأكد من حجم الإحساس المتبقي في جلدي؛ ليقيس بناء عليه كمية الروح المتبقية في هيكلي، وكذلك عدد الأيام التي تسعها؟
أتمنى أن أفاجئه بانتقاد سخافة ما يفعله وما يطمح إليه، وهو هكذا: يزعجني ويزعج استراقي السمع لما يحدث داخلي، في خلاياي المئة,,,! لكني أخاف أن ينزلق به رعبه على الارض، على وجهه على الأرض؛ ذلك أنه لم يظهر لي أي براعة فكاهية أو فكرية حينما كان يراكم نفسه أمامي ليعلمني لا بلغته ولغتي الأصل بلغة تبطّئ صدمتي وفهمي كما يظن لحقيقة تشريح حالتي المرمية عنده منذ أشهر؛ فيقول أخيراً بعد تفاصيل معاناة هبوط الضغط، والنبض، والأكسدة المكذوبة:
"You have a..ca...cancer..."
وأعاجله بابتسامة مرهقة الحدود، تتدلى من رأسي لتقول:
"Yes, I can answer. I'm a dead, in your eyes?!"
منقذة سوء فهمي الأول لعبارته بأنه يبحث عن إجابة مظنونة لي عما أتوقعه أن يقول، مادام الأطباء يكتبون بلغة سانحة الأحرف، لايستبعد أن تسيح على ألسنتهم العجلة في مثل هذه المواقف؛ ومنقذة الأخطاء التي يقع فيها مثل غيره الكثيرين من الأطباء الكبار الذين أتعبوني عليهم نظراً لسوء فهمه للرياضيات والجبر في علم الطب، وبخاصة في علم السرطان أو كما قالها مموها: Cancer، لأنني باختصار قد وقفت عمري المديد كله، ثلاثاً وعشرين سنة، على اكتشاف نظرية رياضية جديدة وخاصة، تحل مشاكل النسبية والحتمية على مستواي الخاص بي وحدي، وبمرضي الحميم وحده!
|
|
|
|
|