| مقـالات
وصلني بالبريد مجموعة من الكتب والمجلات العلمية الاجنبية, هذا وقد لفت نظري على وجه الخصوص كتاب غلافه أخضر تشوبه صفرة, إنه بالفعل كتاب جميل الغلاف ولكنه مؤلم (المحتوى!) حيث انه كتاب يتمحور حول مأساة حقول الألغام المنتشرة في العالم, الغريب أن هذا الكتاب قد وصلني في وقت لم تغب في ذهني بعد وقائع فيلم توثيقي عن مشكلة الألغام شاهدته على احدى القنوات الفضائية منذ اسبوع تقريبا! بعد تصفح وتأمل لهذا الكتاب، اتضح أنه اصدار جديد بعنوان: مائة وعشرون لغماً ارضياً مطمورة في كافة أرجاء العالم: حقيقة أم خيال؟ ، وقد قامت بتأليفه طالبة دكتوراه ايطالية في معهد الدراسات العالمية في سويسرا.
حسنا، ماذا تقول المؤلفة (ايلاريا بوتيقليرو) عن مأساة الألغام المطمورة في مقتطفات مختزلة:
هناك ما يقارب من مائة وعشرين لغماً مدفوناً في العالم تقدر تكلفة ازالتها بحوالي 30 بليون دولار أمريكي, بل ان عملية ازالتها هذه تتطلب من الوقت ما يناهز ألفاً ومائة سنة مما تعدون!
تقتل الألغام، أو كما أسمتها المؤلفة: (سلاح الجبناء!)، ما يفوق العشرة آلاف فرد سنويا، في الوقت الذي تعيق إعاقة تامة ما يقارب من ثلاثين ألف انسان سنويا!
تحتل دولة مصر المرتبة الاولى عالميا بالنسبة لعدد الألغام المطمورة باراضيها (23 مليون لغم)، تليها ايران (16 مليون لغم)، فالعراق وأفغانستان (10 ملايين لغم لكل منهما),.
كل لغم يتم نزعه بنجاح يزرع مقابله عشرون لغما! فعلى سبيل المثال، بينما تم التخلص من ما يقارب من 100 الف لغم في عام 1994، تم في نفس العام زراعة ما يقارب مليوني لغم.
إنها بالفعل كارثة وأيما كارثة نجح هذا الكتاب في الاحاطة بابعادها الانسانية المؤلمة، وإن كنت قد تمنيت على المؤلفة أخذها في الحسبان أن هذه الالغام بالفعل، وكما أسمتها، سلاح الجبناء، ولكن أليس من صنعها وواصل صناعتها هم الأجبن والأرذل والأحقر؟ بل ألا ترى أن احتلال دولتي مصر وايران للمرتبتين الاولى والثانية عالميا بالنسبة لعدد الألغام ليس إلا نتيجة لما زرعه الغربيون في ارضيهما من ألغام وذلك خلال حربيهما العالميتين القذرتين الأولى والثانية؟! بل ومع تفهمي لموقفها الحساس (كطالبة دراسات عليا) وخوفها (المبرر) من الصهيونية العالمية، فلماذا على الأقل لم تشر (ولو مجرد اشارة!) إلى ما خلفته وتخلفه الألغام الصيهونية/ الأمريكية من مآس لا إنسانية، سواء ما زرع منها على الحدود مع الأردن، أو في الأجزاء المحتلة من الجولان، أو ما خلفته حديثا بعد اندحارها (المشرف!) من جنوب لبنان، أو حتى ما زرعته في سيناء من ألغام تحصد أرواح بدو سيناء الأبرياء يوميا؟!!
هذا ومن وحي هذا الكتاب، فلدي التساؤلات التالية:
بما أن معظم ألغام العالم مطمورة في الأراضي الإسلامية، فلماذا لا تبادر المنظمات الإسلامية الإغاثية على المساهمة في التخلص من هذه المشكلة؟!
لماذا لا يتم الاتفاق على استراتيجية عربية/ إسلامية من شأنهاالتعامل سياسيا وتقنيا مع مشكلة الالغام هذه؟
بما ان المسألة أولويات,, وبما ان الضرر الأكبر يدفع بضرر أصغر منه,,, فلماذا لا تركن المنظمات الإسلامية إلى تقنين نشاطاتها الدعوية ولو مؤقتا وذلك حتى يتسنى لها توفير المال وتركيز الجهد للتعامل مع مشكلات أكثر إلحاحاً، كمشلكة الألغام هذه؟
,, أخيراً: بجانب ما تخلفه الألغام من مآس إنسانية مباشرة، هلا تخيلتم آثارها السلبية طويلة الأمد على التنمية بكافة قطاعاتها في العالم الإسلامي؟!
*هوامش:
Bottigliero, I. )2000(. "120 Million Landmines Deployed Worldwide: Fact or Fiction?
Geneve: Foundation Pro Victims.
|
|
|
|
|