| مقـالات
ان جهاز الادارة الحكومية يمثل آلية الدولة في تحقيق أهداف التنمية وذلك بعناية بالغة، ويقظة عملية، وبحماسة ايجابية، وفي دأب واخلاص شديد من خلال قدرته على احداث حراك اجتماعي يساعد على مشاركة وفعاليات الأجهزة الرسمية المختلفة كل في مدار اختصاصه وأغراضه ومخططاته.
هذا الى جانب التوافق مع الاتجاه العلمي لتنظيم دور الأجهزة الحكومية الداعي الى تقريب السياسات العامة من المواطنين، وتجزئة هذه السياسة الى مجموعة من الاختصاصات النوعية بما يجعلها أقرب لاستراتيجيات التنمية بما توفر هذه الأجهزة من فرص للانتاج والابداع تعظم من قيم التنمية الاقتصادية والبشرية التي تعنى بالانسان على نحو شمولي باعتباره أداة وغاية التنمية مع التأكيد على قيم التمكين والانصاف والاستدامة والمشاركة، والتماسك الاجتماعي وتأمين الفرص الجيدة والمتاحة للعمل المثمر الخلاق.
وبالتأكيد فان العمل الحكومي دعامة أساسية في تطوير وتنمية المجتمع وتنفيذ البرامج والمشروعات ومواجهة كافة الاحتياجات المستجدة على صعيد التنمية الانسانية خاصة تلك التي تحتاج لاستجابات سريعة في ضوء النظم التي تنظم الحياة الاقتصادية والاجتماعية واستهداف تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة.
ان نجاح هذه الأجهزة يحتاج الى ان تتم ادارتها بطريقة علمية سليمة ومن أهم ما تحتاجه في هذه الآونة هو ضغط الانفاق وترشيد الاستهلاك حيث ان كل تصرف يتم فيها له وجه مالي بشكل أو بآخر يتمثل في أبواب وبنود قائمة الايرادات والمصروفات.
فإذا كانت الايرادات تتمثل في نصيب الأجهزة من الموازنة العامة بينما المصروفات حسب أنواعها: رواتب، مهمات، مصروفات عامة وبنود فهي حسب تبويبها تشمل: الخدمات الأساسية التي تنفق على الأنشطة الرئيسية للمشروعات المقامة، والخدمات العامة تشمل المصروفات الادارية والمصروفات المالية حسب فروعها في الميزانية.
وقد لوحظ في الغالبية العظمى من الجهات الحكومية التي تم التعرف عليها ما يشير الى جنوح بعض الأجهزة بها على مزيد من المصروفات والاهلاكات المالية، وباجهاد الميزانية في أوجه للصرف كان يتوجب تحجيمها اذ لم يكن انكماش عملية الصرف غير الجائز لترشيد الانفاق، ومن الأمثلة الصارخة التي يئن منها الجهاز المالي هو ما ينفق على أشياء عقيمة مثل الذي ينفق على ديكور المكاتب وتأثيثها وفرشها بأغلى الأصناف والأسعار المبالغ فيها دون مراعاة للأهمية النسبية لكل نوع منها, وذلك يتم عند نقل الموظف من هيئة لأخرى أو من ادارة لأخرى أو ترقية من درجة لأخرى ولم يكن ذلك وفقا لما هو مقرر له بل أكثر تجاوزا من ذلك مما يدعو للتكلفة الباهظة وارهاق الجهة المالية, وهذه العملية تعتبر إحدى سلبيات الادارة التي يجب علاجها ورقابتها وقياس معدل أدائها واجراءات فحص النظام الذي بموجبه تفقد الأصناف وفحصها وتقرير مدى صلاحيتها وهو أمر ضروري لما تلعبه هذه المراقبة من دور اقتصادي واجتماعي هام يتمثل في التحقق من كفاية استخدام الميزانية المتاحة، وتحقيق فاعليتها، وذلك باستخدام بنود الميزانية وأوجه الصرف بطريقة سليمة ومتوازنة والسعي الحثيث نحو تحقيق الأهداف المحدودة والمرسومة لها, وهي بهذه الرقابة: رقابة الالتزام النظامي وفقا للتعليمات التي تحتوي على النظم واللوائح المنظمة للعمل, ورقابة الأداء للتأكد من سلامة ممارسة الأعمال من حيث ترشيد التكاليف ومدى تحقيق الأغراض في حدود ما تنظمه التعليمات السابق التنويه عنها.
واذا كنا استعرضنا المغالاة في تأثيث المكاتب وبهرجتها نعرض لشكل آخر أكثر سلبية وهو ما يتم في أجهزة الحكومة فيما يتعلق باجراءات تكهين المهمات واتخاذ اجراءات بيعها جزافا لا يراعى فيها النسب النظامية للاستهلاك ومعدلاته مما يؤدي الى تكهين أصناف ما زالت تخدم وتصلح للعمل فترة أخرى اذا أجري لها قليل من الصيانة والاصلاحات البسيطة ونخص بذلك أجهزة التكييف والتبريد والسيارات بأنواعها مما يؤدي الى ان نسعى نحو أمرين: الأول: الاهتمام بأقسام الصيانة والورش ومراكز الاصلاح، وان يتوافر عليها الخبراء والمختصون الذين يتفهمون جيدا أهداف ترشيد الاستهلاك وتشكيل اللجان الفنية ذات الخبرة والتفكير الناضج التي لها حق المراجعات وتقرير امكانات التكهين والتصرف بالبيع للأصناف التالفة والسيئة حقا، واضعة في اعتبارها عنصر خفض التكاليف مما ينعكس على حسن استخدام الموارد وتحقيق أفضل مستوى للتشغيل بما يكفل تحقيق الأهداف المبتغاة للنشاط الذي تحدده الكفاية والفاعلية معا.
ومن الملاحظ انه تباع بعض الأصول الرأسمالية لجهات ومنها سيارات صالحة للاستعمال ويمكن استمرارها في الخدمة اذا أجريت لها عملية صيانة بسيطة، والأدهى من ذلك انها تباع بأرخص الأثمان نظرا لأن لجان فحص وبيع السيارات ليست لجاناً فنية ولا تتبع جهات متخصصة وذلك يبخس بقيمة الأشياء المباعة مما يسهم في شراء البديل الذي يلقي بالعبء ثقيلا على الانفاق العام لأن اجمالي الانفاق على بعض المصروفات يهلك معظم الايرادات المخصصة بالميزانية, فليست العبرة لدى الادارة في الاستجابة لمطالب الجهات على عواهنها ولكن العبرة ببرامج وأنشطة المصروفات والاهلاكات لمواجهة احتياجات المجتمع الاداري.
وعلينا أن نقف الى جانب الخبرة والمعرفة وضغط الانفاق وترشيد الاستهلاك ولنبحث عن الحلول الواجبة وذلك بدلا من التسليم بالأمر الواقع ولسان حالنا يقول ليس في الامكان أبدع مما كان, فهذه مقولة ليست صحيحة لأن الصحيح هو أن يكون ثمة توازن في المسائل كلها بغاية من الدقة والمهارة والاتقان من أجل تحقيق صحوة ادارية كبرى.
مندل بن عبدالله القباع
|
|
|
|
|