|
| متابعة
* متابعة: منى الذكير
مع إطلالة الألفية الثالثة بكل متغيراتها وتحدياتها وضرورة الاستعداد لمواجهة متطلبات واحتياجات الوضع الصحي في القرن الجديد، فقد وضعت وزارة الصحة بدولة البحرين خطة واستراتيجية شاملة لتطوير خدماتها في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين وذلك استمرارا لجهود الدولة في هذا المجال، والتي بدأت في مرحلة مبكرة من القرن الحالي وتحديدا منذ عام 1902م.
فقد شهدت البحرين على مدى الأعوام السبعة والتسعين الماضية تطورات هامة على الصعيد الصحي لكن أبرز هذه التطورات تلاحقت في أعقاب الاستقلال عام 1971م، وبلغت ذروتها في الثمانينيات والتسعينات بانتشار المراكز الصحية في مختلف أنحاء البلاد، بحيث أصبح هناك مركز صحي بقرب كل تجمع سكني، وخدمات الرعاية الصحية الأولية التي شملت جميع السكان فضلاً عن تطوير المستشفيات المتخصصة، وفي مقدمتها مجمع السلمانية الطبي الذي أصبح اليوم صرحا طبيا متميزاً ليس في البحرين فقط، وإنما في منطقة الخليج بما يوفره من خدمات تشخيصية متقدمة.
ويقول معالي الدكتور فيصل رضى الموسوي وزير الصحة البحريني أن هذه الرعاية الشاملة أدت إلى ارتفاع متوسط العمر المتوقع بإذن الله عند الميلاد إلى 72,4 عاماً، وانخفاض معدل وفيات المواليد الرضع إلى 8,4 لكل ألف مولود حي، فضلا عن ارتفاع معدلات التحصين ضد أمراض الأطفال المعدية إلى أكثر من 985.
وقال معاليه أن خطة وزارة الصحة في مطلع القرن القادم تركز على مواصلة العمل لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية وهي الحفاظ على ما تحقق من مكاسب صحية, ودعمها وزيادتها، والاستمرار في تحسين الوضع الصحي للسكان، فضلاً عن تقديم خدمات صحية أساسية ذات نوعية جيدة وبتكلفة معقولة.
وفي هذا الإطار ومن خلال المتابعة المستمرة فإن وزارة الصحة البحرينية توالي تنفيذ الخطة الصحية المقرر أن تنتهي في العام القادم 2000 والتي تشمل أحد عشر برنامجا صحيا تستهدف مكافحة واحتواء المشاكل الرئيسية في البحرين.
وواصل الموسوي أن هذه البرامج تشمل: الزيادة المستمرة والمتزايدة في الوفيات الناتجة عن أمراض الدورة الدموية والقلب، وارتفاع معدلات الوفيات من أمراض السرطان، وإصابات ووفيات الحوادث وخاصة حوادث الطرق فضلا عن البرامج الصحية التي تهدف إلى الحفاظ على صحة الأم والطفل وتنميتها، واكتشاف وعلاج الأمراض الوراثية كمرض الخلية المنجلية، وأمراض التمثيل الغذائي كالسكر، وأمراض الجهاز التنفسي بالإضافة إلى الاهتمام بصحة الفم والأسنان، ومكافحة وتأهيل الإعاقة الجسدية والتعليمية، وتضع استراتيجية وزارة الصحة للقرن القادم في اعتبارها المواجهة والتعامل مع ثلاثة تحديات رئيسية هي: رعاية المسنين, والموارد المالية البديلة للخدمات الصحية، وتطوير برامج الصحة للجميع لمرحلة ما بعد عام 2000.
رعاية المسنين
وفيما يتعلق برعاية المسنين قال الدكتور الموسوي إن توقعات وزارة الصحة تشير إلى أن نسبة كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاما، ستتضاعف بإذن الله ثلاث مرات عما هي عليه الآن بنهاية العقد الثاني من القرن القادم، مما سيؤدي إلى ضغوط كبيرة على الموارد المالية المتاحة في تلك الفترة، وهو ما دفع الوزارة إلى البحث مبكراً عن وسائل لتوفير خدمات صحية خاصة وضرورية للمسنين الذين تكمن خطورة مشكلتهم، كما هو معروف، في أنهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب وأمراض الدورة الدماغية ومضاعفات مرض السكر، فضلا عن أن المسن المريض يحتاج إلى رعاية سريرية لفترات زمنية طويلة بالإضافة إلى نوع خاص من الرعاية الأسرية والاجتماعية.
تطوير الموارد
وتحدث الموسوي عن تطوير الموارد المالية البديلة للخدمات الصحية قائلاً إنها مشكلة لا توجد دولة في العالم لا تعاني منها، إذ لا يمكن لأي دولة مهما بلغت إمكاناتها الاقتصادية وقدراتها المالية، أن تستمر في تقديم جميع الخدمات الصحية بمستوياتها المختلفة مجانا وإلى ما لا نهاية.
وهذا هو التحدي الثاني والكبير الذي تواجهه وزارة الصحة في البحرين، وتسعى لمواجهته بحلول تكفل الحفاظ على ما تحقق من إنجازات صحية، وفي الوقت نفسه توفر مصادر تمويل لسد الفجوة بين زيادة الطلب على الخدمات الصحية وبين الموارد الحكومية المتاحة للإنفاق على هذه الخدمات.
وعن الخطط والمقترحات التي تركز عليها الوزارة حاليا في هذا المجال أشار الموسوي إلى أنها تتمثل في تشجيع القطاع الخاص على زيادة استثماراته في القطاع الصحي، وتطبيق نظام التأمين الصحي على غير البحرينيين، يضمن استعادة جزء من التكلفة الصحية المقدمة لهذه الفئة، بالإضافة إلى عدد من الوسائل البديلة الأخرى لتمويل الخدمات الصحية.
أما التحديث الثالث من تحديات القرن القادم فيقول الموسوي عنه إنه يرتبط بتطوير برامج الصحة للجميع لما بعد عام 2000م، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية هدفا جديدا وهو توفير الصحة للجميع بحلول عام 2020، وقد شاركت البحرين في وضع اللمسات النهائية للسياسات الخاصة بهذا الهدف.
وتضع الوزارة في استراتيجيتها للمرحلة القادمة الخطوط العريضة لتوفير الصحة للجميع بحلول عام 2020 وفي مقدمتها التركيز على الإنسان كمحور للتنمية وتلبية الاحتياجات الصحية الأساسية للسكان وتنمية الموارد البشرية بالاستثمار في قطاعات التعليم المستمر والتدريب وايجاد المناخ المناسب للاستثمار ونقل التكنولوجيا بين الدول لتعزيز المكاسب الصحية، فضلاً عن الاهتمام بدور القطاع الخاص في التنمية الصحية.
الأهداف الصحية
وأشار معالي وزير الصحة البحريني إلى أنه يمكن القول إجمالاً بأن الأهداف الصحية التي تسعى وزارة الصحة البحرينية لتحقيقها والوصول إليها خلال العقد الأول من القرن الجديد تشمل، توفير الرعاية الصحية الجيدة طول العمر، والوقاية من الأمراض ومكافحتها وحماية الصحة، وتعزيز التشريعات والقوانين والنظم التي تدعم التنمية الصحية.
كما تشمل ضمان التمويل المستمر والمضمون والمناسب للخدمات الصحية، وتطوير نظم المعلومات الصحية، وضمان الترصد للأمراض والظواهر والمشاكل الصحية، وتشجيع استخدام العلوم والتكنولوجيا والابتكار من أجل الصحة، وتنمية الموارد البشرية وتدريبها والحفاظ عليها بالإضافة إلى الاهتمام ببرامج التقييم والترصد.
مجمع السلمانية الطبي
وتطرق معالي وزير الصحة البحريني إلى مجمع السلمانية الطبي الصرح الطبي الكبير الذي يشهد على مدى تقدم الخدمات الطبية بدولة البحرين, وقال إن هذا المجمع أنشىء عام 1957م وأعيد بناؤه في السبيعينيات وافتتح مجدداً عام 1978م، وفي عام 1984م أصبح مركزا تعليميا متطورا لخدمة كلية الطب بجامعة الخليج العربي ثم جاء عام 1997م ليشهد المجمع أكبر عملية تطوير لخدماته، حيث افتتح صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس وزراء البحرين الملحق الجديد للمجمع والذي يحتوي على آخر وأحدث ما توصل إليه العلم في فروع الطب الحديثة، مثل أقسام رعاية وعلاج الأورام بما فيها العلاج بالأشعة العميقة والنظائر، ومركز أنظمة المعلومات الصحية وأقسام العناية المركزة لأمراض القلب وأقسام أمراض النساء والتوليد الحديثة, وتبلغ السعة التشغيلية القصوى للمجمع ألف سرير.
ويقدم مجمع السلمانية الطبي كما يقول الموسوي مختلف الخدمات الطبية التخصصية بما فيها عمليات نقل الأعضاء، وعمليات الأعضاء التعويضية بقسم جراحة العظام، وعلاج السرطان الكيميائي وبالأشعة العميقة والاستخدمات المختلفة لأشعة الليزر بالإضافة إلى الأجهزة التشخيصية مثل الفحص المقطعي الحلزوني والرنين المغناطيسي والتصوير بكاميرات جاما.
كما يشمل برنامج تطوير مجمع السلمانية الطبي، توسعة قسم الحوادث والطوارىء وتطوير وحدة العناية المركزة لمرضى القلب.
وأكد الوزير البحريني أن تكاليف تطوير المجمع بلغت أكثر من 50 مليون دينار بحريني بما يجعله أكبر استثمار صحي في تاريخ البحرين, ومع تطوير العيادات الخارجية وتوسعتها وصل عدد هذه العيادات في مجمع السلمانية الطبي إلى 18 عيادة للامراض الباطنية و14 عيادة للجراحة و6 عيادات للعظام والكسور ويجري العمل حالياً لافتتاح عيادة متخصصة في أمراض الثدي.
مرضى الأورام
ونتيجة للخدمات المتطورة ومن بينها العلاج بالأشعة العميقة في مركز الأورام يقول د, الموسوي إن عدد المرضى المستفيدين من هذه الخدمة يصل حاليا إلى نحو 370 مريضا ومريضة هذا العام بعد توقف ابتعاث المرضى إلى الخارج لتلقي هذا النوع من العلاج الذي أصبح متوفراً في البلاد.
وأكد الموسوي أن وزارة الصحة البحرينية تنفذ خطتها لتزويد مجمع السلمانية الطبي بكافة احتياجاته من الأجهزة المتطورة سواء كانت علاجية أو تشخيصية أو تأهيلية حيث تم وضع برامج زمني لاستبدال كافة الأجهزة القديمة ومواكبة التطور في هذا المجال، وقال إن الاحصائيات تشير إلى أن عدد المترددين على العيادات الخارجية في مجمع السلمانية الطبي سيتجاوز 200 ألف مريض، بينما سيصل عدد المرضى الذين استقبلتهم دائرة الحوادث والطوارىء هذا العام إلى 250 ألف مريض، ويتوقع أن يصل عدد المرضى الداخلين إلى 40 الف مريض وعدد العمليات الجراحية بالمجمع إلى 18 ألف عملية جراحية, وقد نجحت جهود لجنة مراجعة استخدام الأسرة بمجمع السلمانية الطبي في تقليص معدل الإقامة بالمجمع إلى خمسة أيام فقط بدلا من ثمانية أيام في السابق.
|
|
|
|
|
