أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 25th July,2000العدد:10162الطبعةالاولـيالثلاثاء 23 ,ربيع الثاني 1421

الاقتصادية

شيء من المنطق
عقد وساعات العمل يامعالي وزير العمل
د, مفرج الحقباني *
اتصلت باحد الأصدقاء من ملاك المدارس الأهلية بغية حثه على توظيف الشباب السعودي بعد أن علمت أنه على استعداد للسفر إلى الخارج للتعاقد مع مدرسين من إحدى الدول العربية, ولقد حاولت من خلال الاتصال إبراز محاسن الشباب السعودي والآثار الأمنية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية المترتبة على توظيفهم خاصة في ظل الازدياد الكبير في أعداد الخريجين السعوديين الباحثين عن فرص عمل تكفل لهم الحصول على لقمة عيش كريمة على أرض هذه البلاد الطاهرة, إلا أنني فوجئت بهذا الصديق الحميم يدافع عن منهجه بالعديد من الحجج الوهمية التي لم يكن لها أن تكون لولا الفهم الخاطىء لمبدأ الحرية الاقتصادية الذي جعل من حق كل مستثمر أن يختار عنصر العمل الذي يتوافق مع أهدافه المادية دون اعتبار بالمصلحة العامة ودون اكتراث بما نص عليه نظام العمل والعمال حول أحقية المواطن السعودي المطلقة بالحصول على فرص العمل المتاحة في سوق العمل السعودي, ومع ذلك فقد أشار هذا المستثمر إلى قضية هامة جداً تحول دون توجهه إلى توظيف الشباب السعودي ألا وهي فقدان الإلزامية والاحترام لعقود العمل المبرمة حيث أشار إلى أن الشاب السعودي يستطيع أن يترك العمل في أي وقت يشاء دون اكتراث بالبرنامج الدراسي مما قد يعرض البرنامج للخلل العام, وعندما أجبته بأن عقد العمل ملزم للطرفين ضحك كثيراً وأشار بأن الواقع لايشهد بهذه الإلزامية وأن الشاب السعودي يتمتع بحرية الانتقال متى ما وجد فرصة عمل أفضل دون قيد أو شرط، وهنا وجدت نفسي في موقف حرج في الدفاع عن وجهة نظري خاصة وأن من غير المنطق تعريض مصالح المستثمرين للخطر وعدم الاستقرار تحت شعارات عاطفية ليس لها أي اعتبار في قرار المستثمر الرشيد, ولكن السؤال هنا هو هل يمكن اصلاح هذا الخلل الذي يشتكي منه الكثير من المستثمرين في القطاع الخاص؟ أعتقد أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بحكم مسؤوليتها المباشرة عن سوق العمل السعودي تستطيع أن تضع حداً لهذه العشوائية من خلال فرض الاحترام والإلزامية لعقود العمل المبرمة بين صاحب العمل وطالب العمل وبالشكل الذي يكفل حقوق الطرفين, ولقد جاء الفصل الرابع من نظام العمل والعمال مشتملاً على العديد من المواد التي لو تم تطبيقها والتقيد بها لما اشتكى البعض من عدم إلزامية العقد وقلة احترام أطرافه له, وبالتالي فإننا نناشد الوزارة الموقرة بضرورة تفعيل مواد هذا الفصل مع دعمه ببعض الاجراءات الأخرى كوسيلة لفرض الاحترام والإلزامية لعقد العمل وكوسيلة للقضاء على العشوائية التي سادت وأصبحت سمة ملازمة للعقود في سوق العمل السعودي، ومن الاجراءات الأخرى التي يمكن فرضها لدعم مواد الفصل الرابع من نظام العمل والعمال الآتي:
1- إصدار قرار يقضي بإلزامية وجود عقد عمل مكتوب باللغة العربية بين صاحب العمل وطالب العمل بغض النظر عن جنسية العامل وطبيعة العلاقة التي تربطه بصاحب العمل مالم يكن العامل أحد أبناء مالك المشروع مع النص على غرامة مالية عن كل مخالفة لهذا القرار.
2- إصدار قرار يقضي بضرورة موافقة مكاتب العمل على الصيغة النهائية للعقد المبرم قبل مباشرة العامل للعمل للتأكد من عدم وجود مانع نظامي يحول دون تعيينه على هذه الوظيفة أو غيرها, وهذا الإجراء يتطلب قيام مكاتب العمل بإعداد قاعدة معلومات تشتمل على السجل الوظيفي لكل عامل في القطاع الخاص وتساعد على مراقبة عقود العمل المبرمة.
3- ضرورة اشتمال عقد العمل على مدة محددة ملزمة للطرفين ما لم يرتكب أحدهما مخالفة أو أكثر، من المخالفات التي نص عليها نظام العمل والعمال في المادتين 83 و 84، وفي حالة إخلال صاحب العمل بالمادة المتفق عليها في عقد العمل يكلف بدفع غرامة مالية للعامل لايجب أن تقل عن راتب ستة أشهر، وإذا أخل العامل بالمدة المتفق عليها يحرم من الحصول على فرصة عمل أخرى في القطاعين العام والخاص ولمدة لايجب أن تقل عن ستة أشهر قادمة, وهنا نشير إلى أن في ذلك تجاوزاً لما نص عليه نظام العمل والعمال ولكن المرحلة الحالية تتطلب الحزم المنطقي الذي يكفل الإلزامية المنشودة لعقود العمل, وفي كل الأحوال يجوز إذا اتفق الطرفان إنهاء العقد قبل انتهاء المدة المحددة في العقد دون أن يكونا عرضة لتطبيق الغرامة المنصوص عليها.
4- ضرورة التنسيق مع وزارة الخدمة المدنية لتحقيق الضبط العام وذلك من خلال تزويدها بنسخة من عقد العمل بحيث يمنع من الحصول على فرصة عمل كل من في ذمته عقد عمل سابق مالم تنقضي المدة المتفق عليها أو مدة العقوبة المترتبة على إخلال العامل بمدة العقد.
أما ما يتعلق بساعات العمل فإن الفصل التاسع من نظام العمل والعمال قد نص صراحة على تحديد ساعات العمل اليومية ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في حجبها عن أرض الواقع التطبيقي, وعليه فإننا نحتاج فقط إلى تفعيل مواد هذا الفصل من خلال التأكيد على تحديد ساعات العمل اليومية في عقد العمل وإشعار العامل أياً كانت جنسيته بحقه في الحصول على أجر إضافي عن كل ساعة عمل إضافية, وهنا يجب التنويه إلى أن عدم التقيد بساعات العمل المحددة قد ساهم في زيادة تفضيل القطاع الخاص للعمالة الأجنبية التي ربما تكون على استعداد للعمل ساعات عمل أطول نتيجة لعدم وجود التزامات أسرية واجتماعية لديها مقارنة بالعامل السعودي, كما أن انتشار ظاهرة التستر وبشكل خاص في المشروعات الصغيرة قد ساهم في تمديد ساعات العمل اليومي للكثير من الأنشطة حيث نجد أن العامل الأجنبي الذي يسكن ويأكل وينام في محله التجاري على استعداد للعمل حتى الساعة التي لايرى فيها كائن حي يمكن أن يستفيد منه, وبالتالي فإن من الضروري القضاء على هذه العشوائية من خلال تحديد ساعات العمل اليومي مع الأخذ في الاعتبار طبيعة الأنشطة الاقتصادية المختلفة ودرجة أهميتها للمواطن, يجب أن نخلق البيئة المناسبة للشاب السعودي حتى لايجد نفسه في موقف يتطلب منه التضحية بكل هواياته والتزاماته الأسرية والاجتماعية حتى يستطيع الحصول على عمل, يجب علينا الاقتداء بتجارب الدول الأكثر تقدما التي راعت الطبيعة الاجتماعية لعنصر العمل لديها وحددت بناء على ذلك ساعات العمل.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved