تحقيق سليمان الحريص
في ذلك الوادي,, الممتد ما بين القريات وطبرجل هناك أكثر من واحة,, اكثر من تجمع,, تحيط ببصرك شمال الطريق الدولي العابر باتجاه الغرب حيث سهول البلقاء او اتجه شرقاً صوب الجوف وواحات النخيل,, حيث تغفو قرى,, تتوسد الصفاء وترخي ذوائب الحلم عند موقد نار يحتضن وجوهاً تستمد الامل من ضحكة بيادر القمح لتباشير الصبح ومصافحة بلابل النماء لسنابل الحنطة وأغصان أورقت فطاب تَفَيُّؤ الظلال,تنبسط امام ناظرك,, فياض صديع,, العيساوية قليّب خضر، جماجم، الرديفة، الناصفة، غطي,,وغيرها حيث الحلم يتجدد والفرح يشيد خيام الترحيب, والمواقد لا تمل المعاميل .
للقرى في هذا الوادي الغافي على أروقة من الذكريات,, من الصور,, من الأحداث,, موعد يستمد قدسيته من ذلك الاصرار,, ألذي لا يَعبأ بكل تناقضات الأزمنة فطوت أسفارها,, وافردت للحاضر كل بياض,, لتكتب,, الآمالُ تتعاظم والغد سحابة,, ستمطر نماءً,, ستغسل كل الارهاصات والتحولات,.
قرى تعشق الحياة,, تعشق الخضرة,, ووجوه ديدنها الكرم,, الجود,, سواعد لا تكل من الحرث والغرس,, ترفض أن تمنح الجبهة خدراً من وهج الشمس,.
** قرى تنبض بالحياة,, مارست مع الخصب الغرس,, فكان الطلع يغفو على مشارف الحدود,, مزنّراً خاصرة الحقول,.
* تعبت كثيراً مع المواعيد,, وأتعبها الارتحال عبر دهاليز المدينة التي لم تأتها,, قطعت الدروب فعاندها تقاطعاتها, رغم ان المسافات غير بعيدة .
* اسماء تعشق الهدوء,, تعشق طلعة البدر واطلالته بين الاغصان والسنابل,.
* تعشق السمر ومطارحة الليل بفنجان قهوة.
وجوه ارتبطت بالارض ولم تخط باتجاه المدينة المترفة حافظت على الصفاء وحرصت ان تكون سكناً للنقاء.
* تبحث عن الدفء حين يزورها النوم فيكون الليل هو الحلم و السامر عشق الرجال,, لايرتحلون لايكترثون له,.
* في احدى القرى,, ترمقك نظرات الترحاب, وكل نظرة تطلب منك تشريف المكان,, القهوة زاهبة ,, حين تعبر الأزقة,, تطالع,, تتمعن تتساءل بينك وبين نفسك,, هل انفاس الامس ما زالت تسكن هنا؟؟ تغفو في كل زاوية تشرف على اختها؟؟.
* بين شجرة معمرة,, وجدار طيني تقف على عتبات الاسى,, الصورة توحي بدفء المكان,, دفء الامس وأريحيته,, ترابط السكان وموثوقية العلاقات الأسرية والألفة المعجونة بثرى الارض.
* ما اجمل الريف,, حين تطوح بكل هموم العصر,, تتوسد انفاس الليل,, تستلقي,, تتهامس مع النجوم,,وتلاطفك نسائم الحقل,, تعثر على نفسك وقد خرجت من رتابة الايام,.
* قرى تأسرك بهدوئها,, لكنك تحزن كونها تفتقد أمورا في غاية الاهمية مثل الوحدات الزراعية ومراكز الدفاع المدني والهلال الاحمر وتعميم الهاتف على الكل والخدمات البلدية اولاً,.
* قرى عبرت السنين,, وقوافل اناخت على موارد مائها,, وعابرون مروا من هنا,, والامس ما زال يسكن بيوت الطين والطيبة باقية في انفاس هؤلاء الرجال الذين يصرون على أن يجعلوا من قراهم بساتين تنبسط خضرتها باتجاه المستقبل,, ومن سواعدهم معاول تبني وتزرع وتفلح وتشيد اليوم على إرث الامس وصدقيته.
|