أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 23rd May,2000العدد:10099الطبعةالاولـيالثلاثاء 19 ,صفر 1421

مقـالات

لكي لا يصبح التأمين الطبي مجرد تجارة
يشهد مجال التأمين الطبي في المملكة نموا ملحوظا كان من أبرز تطوراته هذا الأسبوع توقيع مستشفى الملك فيصل التخصصي عقدا كبيرا مع الشركة السعودية الامريكية للتأمين (ساسر) يقدم المستشفى بموجبه خدمات العلاج للأمراض المستعصية للشركات والأفراد الراغبين في الانضمام لبرنامج الشركة.
والهدف من توقيع هذا العقد هو يجاد قنوات تقدم الخدمة الطبية الضرورية بصورة تعاونية لطالبي خدمة التأمين الصحي التعاوني الذي سيبدأ العمل به خلال العام الحالي.
لقد خطت بلادنا خطوات بعيدة في مجالات تأمين الخدمات الطبية للمواطن والمقيم، والمقيمون في المملكة يمثلون ثلث العدد الاجمالي لسكان المملكة، وأحرز ابناؤها من اطباء وطبيبات مراكز متقدمة على الصعيد الدولي في تأمين خدمات طبية ذات طابع متخصص مثل جراحة القلب والأعضاء، وبذلت الدولة جهودا هائلة وانفقت مبالغ ضخمة لجعل الخدمات الطبية المجانية والمتكاملة في متناول الجميع في شتى أنحاء المملكة, وظلت مسألة الكلفة الباهظة لتقديم الخدمات الطبية المجانية هما مستديما يؤرق الدولة التي تسعى بكل طاقاتها لإتاحته للجميع وكذلك للمواطن الذي تعود على ان يرى تقديم هذه الخدمة الضرورية وبالمجان تحصيل حاصل.
لكن منطق الكلفة الاقتصادية منطق صلب لا ينفع معه إلا المنطق العقلاني المبنى على أسس اقتصادية تأخذ في الاعتبار الكلفة الباهظة للعلاج بشتى انواعه ومستلزماته، وقد تعود المواطنون على اللجوء الى المستشفيات والمراكز الطبية والعيادات الخاصة التي شملها دعم وتشجيع ورعاية الدولة واصبح امر دفع كلفة الخدمة الطبية زائد ربح تلك الجهات الطبية الخاصة امرا مسلما به يدفعه الميسورون ويتحمل تكاليف جزء منه محبو الخير العديدون في المملكة، حيث عرف ابناء المملكة البلد المسلم الذي يؤمن ابناؤه بالتكافل والتعاضد بمد يد العون لإخوانهم في السراء والضراء.
غير ان الجميع من مواطنين ومقيمين يدركون ان الواقع تبدل، من ناحية تصاعد كلفة الخدمات الطبية التي تتطلب استثمارات رأسمالية هائلة وإمكانات بشرية من الصعب جذبها من دون إغراءات مالية كبيرة وبيئة عمل متكاملة ومناسبة، ويعرفون تمام المعرفة ان الخدمات الطبية في كافة بلدان العالم تقريبا لا تتاح إلا بمقابل تغطي تكاليفه أنظمة تأمين متعددة تبعا للتركيبة الاقتصادية لهذا البلد او ذالك, ونعرف جميعا ان بلدا من ارفع بلدان العالم في مستوى الرخاء الاقتصادي مثل الولايات المتحدة الامريكية لا تتاح فيها الخدمة الطبية، مهما كانت حالة الإنسان في خطر، ما لم تكن لديه وثيقة تأمين.
من ناحية اخرى، شركات التأمين الطبي هي شركات اقتصادية هدفها الربح فقط، ولم تنشأ بدافع الشفقة والإحسان، وتشكل هذه الشركات قوى اقتصادية عملاقة في الهياكل الاقتصادية لدولها، وبعضها شركات متعددة الجنسيات يعمل بها جيوش من المحامين والفنيين مهمتهم رفع نسبة الربحية والتقليل من مستوى الكلفة,وبما ان بلادنا مقبلة على تطور مهم في مجال التأمين الصحي في هذا العام، وهو مجال مطلوب في الفترة القادمة ويمس جميع سكان المملكة، فالمطلوب أيضا وبشكل ملح هو ان تستكمل الجهات المعنية في الدولة كافة اللوائح والأطر القانونية والتنظيمية والاجرائية والرقابية التي تكفل ادخال هذه الخدمة المدفوعة التكلفة بشكل كامل للجميع وتحول دون ان يصبح سوق التأمين الضخم في المملكة مستقبلا ساحة للربح المبالغ فيه على حساب من يحتاج الى العلاج والرعاية الطبية,ننتظر من الجهات المختصة والمؤسسات الطبية الوطنية ان تبذل كل جهودها لجعل مجال التأمين الطبي للجميع نشاطا خدميا واقتصاديا ناجحا لمصلحة الجميع، لا لمصلحة شركات التأمين في الدرجة الأولى، ويطمح الجميع الى ان تتجنب المملكة عثرات صناعة التأمين الموجودة في العديد من الدول النامية وبعض الدول المتقدمة، ونتطلع الى رؤية مؤسسات وطنية عملاقة في مجال التأمين تحد من تدفق سيول من الأموال السعودية الى خارج المملكة، إذ تدل تجربة الدول العربية وغيرها على ان شركات التأمين الوطنية فيها ليست عمليا إلا مجرد وكالات لشركات تأمين اجنبية تم تشكيلها من منظور تبعي محصلته استنزاف اكبر قدر من السيولة المالية لصالح الشركات الأم.
عبد العزيز بن صالح بن سلمة


أعلـىالصفحةرجوع






















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved