أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 1st May,2000العدد:10077الطبعة الأولىالأثنين 26 ,محرم 1421

الاخيــرة

الرئة الثالثة
التدريب هو القضية!
عبدالرحمن بن محمد السدحان
كنت قد نشرت قبل حين عبر هذه الزاوية حديثاً طويلاً، بعنوان (رؤية ورأي حول السعودة)، حاولت من خلاله طرح موقف متوازن حول (السعودة)، وهو الموضوع الذي كان وما برح الشغلَ الشاغلَ للمواطن والمسؤول على حد سواء، وقد اجتهدت عبر ذلك الطرح في (تنقية) مناخ الجدل حول (السعودة) من بعض عناصر التلوّث الفكري الذي تُكالُ في ضوئه التُّهم أصواعاً، وتكوّن المواقف انطباعاً، وتُصَاغ الأحكامُ ارتجالاً، وأكثرها لا يقوم على حجّةٍ ولا حكمةٍ ولا دليل!
***
* فهناك من يتّهم ربَّ العمل بممارسة التمييز الصُّرَاح ضدّ المواطن الراغب في العمل مرجِّحاً بذلك كفّة الوافد، لأسباب متفرقة.
* وهناك من يتّهم المواطنَ طالب العمل بأنه لا يملك المقوّماتِ الأساسية التي تؤهّله لشغل وظيفةِ القطاع الأهلي، قدرةً وتحملاً وأداء، وسلوكاً!
* وهناك من يتّهم جهات الاختصاص المعنيّة بموضوع العمالة، رسميةً وأهليةً، بشيءٍ من التقصير فبقي الباب مفتوحاً للقطاع الأهلي لممارسة اجتهادات ومبادرات ينتهي أغلبُها في خانة لا تخدم المواطنَ في شيءٍ، ولتبقى يدُ الوافد، وظيفياً، هي العُليا!
***
* أعود اليوم لأطرحَ مجموعةً من الفرضّيات والقناعات، بعضُها جديد، حول الموضوع، أهمُّها ما يلي:
أولاً : ان هناك قدراً من الحق، ومثله من الباطل في كثير مّما ذُكر أعلاه، فلا يملك أحد من أصحاب الأدوار المتعلقة بالقضية إدّعاءَ الكمال فيما يقول ويفعل في هذا السبيل, كلُّهم يجتهدون في تلمّس الحلول، وكلهم يجدُّون في التوفيق بين المصالح المتضاربة حيناً، والمتشابكة أغلب الأحيان!
***
ثانياً: في تقديري أن ربَّ العمل يبحث عن العمالة الجادّة الفاعلة المؤهّلة التي تقرّبه من واحة الربح، وتجنبه شَفَا الخسَارة، وهذا حقٌّ شرعي ومنطقي في آن, وإذا كان المواطن يملك هذه المعادلة، فما أحسبُ ربَّ العمل رافضاً له ولا رادعاً لصالح الوافد, أمّا المزايدة على (وطنية) رب العمل أو التشكيك في ولائه وانتمائه، أو الادّعاء بأنه يناصبُ المواطنَ العداءَ ترجيحاً للوافد، فقول مرفُوض.
***
ثالثاً : ويستوي، مع ما سبق، القولُ غيرُ الحقّ بأن المواطنَ لا يملكُ المقوِّماتِ والحيثياتِ التي تتطلبها بيئةُ العمل في القطاع الأهلي، لأن تربيتَه في البيت والمدرسة والجامعة لا تؤهّلُه لذلك.
وأزعم أنّ في هذا القول قدراً من الجَور والتعميم غير السويّ، لأن الأخذَ به على إطلاقه من لدن أيّ فئة، بغض النظر عن هُويّتها ومرجعيّتِها، يقيمُ الحجةَ على المواطن، ويعيدُنا جميعاً إلى (المربّع رقم واحد)، لنبدأ منه حواراً يائساً بائساً لا يُثري فكراً ولا يرضي لُبَّاَ!
***
رابعاً : بتُّ الآن أكثرَ اقتناعأً بأن (مشوار الألف ميل) في التعامل مع موضوع (السعودة) يبدأ وينتهي بخطوة واحدة: هي التدريبُ تدريباً يؤهِّل المواطن للعمل، مهنياً وسلوكياً وخلقياً، وبدُون التدريب المؤهِّل والجادّ والمتطّور عُدة وآليّةً ومضموناً، ستظل (السعودة) معلقةً على شمّاعة الاتهامات والاعتذارات والاسقاطات,, بلا حل! ويستوي مع (التدريب، أهميةً ملحةً، إعادة التأهيل لمن ترفضه آلية سوق العمل!
***
وأدينُ بالفضل في نشُوء هذه القناعة لمداخلةٍ عاقلةٍ وجميلةٍ بعث بها إلىّ مكتوبةً سمو الصديق الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود، وهو من الرموز الثقافية الشابة المشرقة في ذاكرة هذا الوطن، استفّزه حديثي السابقُ ذكره، فعلّق عليه تعليقاً جميلاً تعلَمتُ منه الكثيرَ، وانتفعتُ به، بل واقتبَستُ من خلاله عنوانَ حديث اليوم، فالتدريب في نظر سموه (وفي نظري معه) هو القضية، و(السعودة) هي المتأثِّرة به، لا المؤثِّرة فيه!
***
ولعل من الملائم أن أختم حَديثَ اليوم باقتطافِ أجزاءَ من مداخلةِ سمو الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود، حيث قال بعد ديباجة ثناءٍ سخيٍ فاضَ به وجدانُ سموه الكريم على كاتب هذه السطور:
لقد أشرت إلى نقاط كثيرة لو أُخِذت في الاعتبار بجديّة في السابق لكان الوضعُ أفضلَ مما نحن فيه الآن على أنه بحمد الله قد تحقق الكثير إلى الآن, فالأمر,, ليس وليد اليوم بل هو قديم, وكلّ قديم مستمر له تراكماتُه، والأمر,, (يحتاج) إلى وقفة جدٍّ ومصارحةٍ لنلتمسَ الطريق خلال هذه التراكمات,,, وإلى جهد جماعي في شراكة, وإيجادُ الحلول يتطلب المعلوماتِ في زمن لا حياة فيه تذكر لمن لا يقدر ثمن المعلومات,, .
ويختم سموه مداخلته قائلاً:
وأنا أرى (والحديث لسموه) أنّ نعتَ هذه القضية بالسعودة هو أمر وصفي أثرُه في جذب الاهتمام أكبر من التركيز على موطن العلة، فالسعودة متأثّرة بالسبب وليست هي السبب, القضية في نظري قضية تدريب اكثرُ منها سعودة، فلو أن قضية التدريب حُلّت لكانت حدّة السعودة الآن من القضايا الثانوية, ودعني ابرهن لك ذلك.
عد إلى مقالاتك ومقالات أخرى من المقالات الجادة التي تطرقت إلى هذا الأمر, وأدخل هذه في أحد برامج معالج الكلمات في جهاز الحاسوب,, ثم بالبساطة التي يمنحُنا إيّاها هذا الجهازُ نحن أبناءَ هذا الزمان استبدل كلمة (سعودة) بكلمة تدريب, ستجد بعد هذا أنّ تسلسل قراءتك لهذه المقالات سيكون متماسكا, وأهمّ من ذلك ستجد أنك وضعتَ النقاط على الحروف بدقّة أكثر, والأهم من كل ذلك، سترى أنك بدأت تركز على مسببات القضية وليس أعراضها وابتعدت عن مظاهر الخلاف والاتهام !
نعم,, التدريب ومثله، إعادة التأهيل، هو القضية! وهو المشكلة,, وهو الحلّ!
فاكس: الرياض 4939533
أعلـىالصفحةرجوع






















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved