أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 1st May,2000العدد:10077الطبعة الأولىالأثنين 26 ,محرم 1421

الاقتصادية

ترشيد استهلاك المياه,, مسؤولية الجميع
د, عبدالله بن سعيد أبوراس*
يعتبر الماء وفي جميع العصور والأزمنة سر الحياة وأصلها وأساس وجودها واستمرارها، وقد ورد في القرآن الكريم وجعلنا من الماء كل شيء حي وكما ان الماء هو سر الحياة وأساس وجودها فهو عامل أساسي في عمليات التنمية والبناء، وتحقيق التقدم للشعوب,, لأن الماء هو عصب كل نشاط انساني وبدون توفره لا يمكن التفكير في التخطيط لأي مشاريع أو برامج تنموية.
وتشير بعض الدراسات الاستراتيجية الى ان حروب المستقبل قد لا تكون حول المشاكل التقليدية المعروفة من حدود أو أراض أو نزاعات عرقية، وانما ستكون حول المياه ومصادرها لأنها العنصر الأساسي في العملية الاقتصادية والصناعية، وستكون من العوامل الحاسمة في تقرير أوضاع السلام والحرب، ولذا أصبحت المياه قضية مهمة في الصراع السياسي والاقتصادي في هذا العصر.
كما تشير الدراسات الى أن عامل المياه صار أحد العوامل المهمة التي تهدد حسن الجوار والتعاون الاقليمي بين الدول الواقعة حول أحواض الأنهار الدولية، وستزداد حدة التنافس من أجل الاستحواذ على أكبر قدر من هذا المورد الحيوي خلال المستقبل المنظور وربما على نحو قد يفوق الى حد بعيد الصراع أو التنافس الذي شهده العالم حول النفط منذ أوائل القرن الحالي.
وقد أجمعت الدراسات على التأكيد بأن المياه في الشرق الأوسط ستصبح اعتبارا من عام 2000م سلعة استراتيجية، وانها ستمثل دورا مهما في هذه المنطقة، ففي العالم العربي تظهر مشكلة المياه بسبب الارتفاع المستمر في أعداد السكان، وازدياد الحاجة للمياه للقيام بالمشروعات التنموية، مما يشكل أعباء على الموارد المائية الأمر الذي دعا خبراء المياه الى التحذير من حدوث عجز مائي قد يتسبب عنه حدوث صراع في المنطقة لمواجهة هذا العجز.
ويورد الكاتب الانجليزي (جون بلاك) في كتابه حرب المياه ان المياه وليس البترول هي التي ستسبب تهديدا كبيرا في منطقة الشرق الأوسط، وان احتمال نشوب حرب في المنطقة بسبب المياه أمر وارد.
هذه الصورة تختلف في كثير من تفاصيلها في منطقة الخليج، التي تعاني ندرة في المصادر المائية الطبيعية بسبب الظروف الجغرافية والمناخية، ووقوع بلادنا في أشد مناطق العالم جفافا، الأمر الذي جعل الدولة تبحث عن مصادر بديلة لتوفير المياه وبالكميات الكافية التي تلبي كافة الاحتياجات، دون الاعتماد كليا على المياه الجوفية أو مياه الامطار، فكان التوجه لتحلية مياه البحر، حيث اعتبرت المملكة ان تنفيذ مشاريع تحلية مياه البحر هو خيار استراتيجي لتأمين مصدر امداد دائم للمياه الصالحة للشرب، حيث تعد المملكة، وحسبما أعلن مؤخرا، أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وتم تنفيذ مشاريع تحلية المياه من خلال 28 محطة على ساحلي المملكة الشرقي والغربي وتقدر تكلفة تنفيذ هذه المشاريع بحوالي 56 مليار ريال.
ومن المؤسف ان هذه الجهود التي تبذلها الدولة لتوفير المياه لمواطنيها,,لا يقابلها احساس من المواطن أو المقيم بأهمية الماء الذي نهدره ونسرف في استخدامه,, ولا ادراك لمدى الصعوبات أو المبالغ الضخمة التي تنفق في سبيل توفيره,, ولذلك فقد اثلج صدري ما أعلن عنه مؤخرا من التفكير في إنشاء وزارة متخصصة أو هيئة مستقلة أو مؤسسة عامة لإدارة شؤون المياه، بعد ان قامت لجنة وزارية بدراسة الحلول الممكنة لايجاد تنظيمات جديدة تعطي الأولوية للمحافظة على الثروة المائية ومعالجة أوضاع ترشيد استخدامات المياه وتنمية مصادرها، اضافة الى ما تتخذه المملكة من اجراءات من شأنها خفض السحب الجائر على المياه الجوفية وتقليل الاستخدام غير المبرر للمياه المنقاة والمخصصة للشرب في أغراض الري والأغراض الأخرى، وفي هذا الاطار فان مصالح المياه في مناطق المملكة المختلفة أوقفت استخدام المياه المنقاة ومياه التحلية في مغاسل السيارات في محطات الوقود وغيرها, لقد عملت الدولة على توفير المياه للمواطن في كافة أرجاء المملكة وما زالت تقيم العديد من المشاريع لتوفيرها، لكن الحفاظ على هذه الثروة الغالية وترشيد استخدامها والتعامل معها بروح المسؤولية الكاملة هي مسؤولية المواطن والمقيم على أرض المملكة,, اذ انه بدون هذا الوعي لن نكون قادرين على مواجهة العديد من التحديات المرتبطة بتحقيق النهضة والتقدم والرخاء لهذا الوطن, والله من وراء القصد.
* الخبير بمكتب التربية العربي لدول الخليج .

أعلـىالصفحةرجوع






















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved