أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 26th April,2000العدد:10072الطبعة الأولىالاربعاء 21 ,محرم 1421

مقـالات

بين فصلين,,!
إبراهيم عبدالرحمن التركي
(1)


ما الناس إلا آلة معتملة
للخير والشر جميعاً فَعَله

أبو العتاهية
***


إنا لفي زمنٍ تركُ القبيح به
من أكثر الناسِ إحسانٌ واجمالُ

المتنبي
***
** سأبني لكم فوق سقف الصهيل ثلاثين نافذةً للكناية، فلتخرجوا من رحيلٍ لكي تدخلوا في رحيل، تضيق بنا الأرض أو لا تضيق، سنقطع هذا الطريق الطويل,.
محمود درويش
***
2/1
** قد قيل ما قيل,.
فلا تيأس
ولا تبأس,.
فلون الليل في الفجرِ,.
وطعم الماء في النهرِ,.
ونحن خلاصة السيرِ,.
***
2/2
** بياض في سواد الصبح
يحملُ منطق الضجر,.
وموج في صحارى الوجد
يرسمُ صورة الحجر
فلا تيأس
ولا تبأس
فذي منظومةُ البشرِ
***
3
** دنا الصيف ,.
* وفيه إلفةٌ لمن شاء,.
* وفرقةٌ كما لا نشاء,.
* وهروبٌ من الذات,.
* ورجوعٌ إليها,.
** هكذا نحن ,.
* نرتحل في زمن القعود ،
* ونقعد في زمن الرحيل ,.
** ثم نتأمل,.
* في بياتنا الشتوي
كشفَ حسابِ الصيف ,.
* وندرك كم يكون قاسياً الحاسبُ والمحاسبة والحسابُ ,.
** ولعلنا قبل أن ندخل في لغو الصيف ، ونودع جدَّ الشتاء كما تصورهما بوصفيهما طه حُسين 1889 1973 متوقفون في المسافات الفاصلة بين التيه والشاطئ ، أو بين الحركة والسكون ,, أو بين الصيف والشتاء ,,!
***
4
** الحديثُ عن الفصل الفلكي المتصل بحركة الأرض قراءة أخرى للفصل الإنساني المتكئ على حركة البشر ، فبين الطبيعة والناس حدود تسدُّ أو تقيد أو تربط ,, وربما تماثلا، وربما تضادا، وعلماءُ البيئة أجدرُ بالحديث عن المؤتلف والمختلف فلهم ما أرادوا، ولنا ما تسعفنا به سطور الأربعاوية .
***
5
** الحديَّة الفاصلة بين الحرّ والقرّ خارجنا هي ذاتها الواصلة بين الدفء والصقيع في دواخلنا ، مما يجعل المسافة صفراً ، وإن ظنناها أرقاماً ,, وثَمّ سؤال:
** لماذا تُجزعنا رؤيةُ الخنادق الحاجزة بين اليمين والشمال ، والأبيض والأسود ، والكبير والصغير ,,؟
** ربما لأننا نحب التوسط ، وربما لأننا نقترفُ التميّع ، وربما لأننا نود أن نتعايش ولا نعيش، ونتوقف دون موقف ، ونبدو بأكثر من شكل وشخصية ، ومظهر ومخبر ,,!
6/1
** أشار الدكتور محمد جابر الأنصاري، في حوار أجرته معه البحرين الثقافية يناير 2000م الى الفوارق الفاصلة بين شخصية المفكر/ المثقف/ الإعلامي وشخصية الإداري ، واستغرب من تحول عدد من كبار مثقفي بلاده، ومّمن تخصصوا في الطب والهندسة والعلوم الاجتماعية الى كائنات إدارية ، وتساءل مثلما يتساءل كثيرون عن قيمة الدراسة والاختصاص,,!
** حوار مشروع رأى فيه الأنصاري أن الأميَّ يمكن أن يكون إدارياً ، وأن المعضلة عربية تتمثل في الكرسي والمظاهر والرسميات والسلطة.
ومن يفقدها في نظره يفقد الحياة,,!
6/2
** تبدو هذه الظاهرة محتكرة لدول العالم الثالث وحتى الثلاثين ، إذ يبدو وهج الأشياء الخارجية طاغياً على إضاءات الذات الداخلية فأن تكون مديراً ، وأن تركب فارهاً ، وأن تعيش ثرياً بكل ما يُحيط بهذه المعيشة من مظاهر أو ظواهر يعني دون تردد أنك ذو مكانة ، وإمكانات ، وسوف يتسابق العامة على نيل شرف معرفتك والاقتراب منك,.
** هكذا يتحولُ الوهم إلى حقيقة ، ويحسب مَن تكفيه البهرجة أنه قد أصبح شيئاً مذكوراً، وأنه مِمّن يُحسنون صُنعاً,,!
** له ولمن يتابعه الحق في مثل هذه الرؤية، إذ يحكم الناسُ غالباً على الشكل بدءاً، ويظل بعضُهم مؤمنين بالحكم عليه منتهى ، وهنا نفترقُ ، وهنا كذلك نفرق,,!
6/3
** في الولايات المتحدة مثلاً لا يُساومُ باحث على موقعه المنزوي المتواضع ، مفضلاً كتبه، وأوراقه على أكبر منصب,,!
** وفيها كذلك والحكم من واقع المشاهدة ترى مدير الجامعة أو عميد الكلية أو رئيس القسم قادماً بدراجته الهوائية ، ومرتدياً ملابسه العادية Casual ، وجالساً مع طلابه وموظفيه واحداً منهم، ينادونه دون لقب ، ويحاورونه دون تردد ، ويدلعُ بعضهم بعضاً بأسمائهم المختصرة فريتشارد: ديك ، وديفيد: ديف ، وتوماس: بيل وبرنارد: بيرني ,, وهكذا,.
** لا نحتاج إلى درس منهم ولكنها من أجل المقارنة بين طرفين لا يلتقيان كما الصيف والشتاء,,!
6/4
** لماذا نهرب إلى الإدارة وندع التخصص ,, هل الباحث أقل من المدير ,,؟,, وهل الأستاذ أدنى من العميد ,,؟,, وهل الطبيب أو المهندس أو الجيولوجي أو الكيميائي أو الفيزيائي في مرتبة دنيا في مقابل من يزيد مكتبه مترين ، ودونه سكرتير وحاجب ، وإجراءات وثلة من البيروقراطيين ,.
** يُقضى على الفهم في أيام انقلابه فيبدو حسناً ما ليس بالحسن ,.
** شكراً لشاعرنا العربي، فاستعارة بيته قد تغني عن كثير من القول,.
***
7
** تلك حديّة بشرية تضاف إلى الحديات التي يفرضها المنطق الآيديولوجي ، فكما يجيء المدى الحراري متسعاً بين فصلي الصيف والشتاء، ودرجات الليل والنهار ، فإن أمداءنا الذهنية والسلوكية تتأثر بالمناحي البيئية، فتجدنا بين حب وكره ، وسعادة وشقاء ، ورغبة ورهبة ، وصدر وقبر، إذ لا توسط عندنا,, فقد يهمي المطر أو نصاب بالتصحر ، وربما درّ الزرع أو جف الضرع ، وجزعنا من شدة الحر أو البرد .
** هكذا أرضنا وهكذا كذلك ناسها ,, فلا عجب بعد,.
***
8/1
** في كتابه أين الطريق طرح شكلاً مشابهاً لهذه الحديّة حين أجاب عن سؤال لأحدهم:
* لماذا تتسم كتاباتك بكونها جداً لاذعاً، أو هزلاً لاذعاً، ولا نرى فيها وسطاً,,؟
** ورد (أبو سهيل: أستاذنا عبدالكريم الجهيمان،) بأنه أخذ هذه الطريقة من وصية لأحد الأدباء خاطب فيها شاعراً، وقال له:
* ليكن شعرك إما في غاية الجد والصرامة، أو في غاية السخرية والهزل، ولا يكون من النوع الفاتر الذي لا يثير عواطف الجادين ولا يثير عواطف الهازلين,.
ص138/ دار الكنوز / طبعة 2000
** وهذه رؤية أخرى لتضاد الجد مع الهزل ، والصرامة مع الميوعة ، والكتابة مع عدم الكتابة ,.
8/2
** راجعوا كتَّابكم، واعبروا على كتاباتهم، وسجّلوا,, كم هم الذين يُبدلون آراءهم من النقيض إلى النقيض بين ضحية وعشاها، ولا يختلفون في ذلك عن محرري الكرة وذوي الأقلام الرياضية ، ولو قدّر لراصد أن يتأمل لرأى عجباً، فالقبيح يتحول إلى جميل والممنوع إلى متبوع ، والعكس، وكل ذلك خلال فترة محدودة تعيها ذاكرة الإنسان,,!
** لم لا نتوسط قليلاً في قضية المصلحة ,, أم أنها وحدها التي لا تجد حداً مقابلاً لها,,؟!
** العالم يتكلم الهوى ,,!
***
E- MAIL: IBRTURKI @ HOTMAIL. COM

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved