الخُلعُ

لعله لا يُعذر اليوم أحد يجهل ما يتعلق بالزواج شرطه وركنه وسننه وآدابه، وكذا: الطلاق، والفسخ والخلع، لعله لا يُعذر احد بهذا للحاجة الى هذا كله من باب فقه النص اللازم حتى يكون المرءُ من ذلك كله على بينة.
وقد ألوم كثيراً أناساً بلغوا درجةً جيدة من المعرفة والثقافة ثم إن كثيراً منهم لا يُدرك بعض أمور ما كان يجب أن يجهلها، ولعلي انحو باللائمة على الكثير فهم لا يقرؤون مثل هذا وكذا حال الاعلام فهو مطالب ببيانه بين حين وحين، ولعل التعليم من الكفاءة حتى الثالثة ثانوي يحتاج اليه ابداً فاذا ما ذهب الى الجامعة ،الكليات العلمية فاذا فيها من هذا أوفر النصيب، ومثله علم الفرائض قسمة المواريث .
وان الاهتمام بمسائل: الطلاق، وقبله: الزواج، والفسخ، والخلع، والنشوز وصور كل حالة وضابطها وحقيقتها والمضارة والخبب كل هذا ولا حرج مما يحتاجه المسلم ليكون منه على بينة.
ولي في: العلماء، والاعلام، والمعارف وخطباء المساجد التوعية الحكيمة نحو هذا خاصة: الخطباء اذا ما طرحوه بوعي وفهم ودليل وتعليل، وتناولوه بعيداً عن مجرد: الوعظ، والخطاب المباشر فطرح هذه المسائل بدقة علمية واعية فاهمة وبهدوء وعقل وحكمة حري بالمسلم المستمع أن يظهر بعد صلاة الجمعة وقد ادرك اموراً لازمة له في حياته، وبين يدي: رسائل عدة تتجاوز الحصر دع عنك الهاتف كلها تدور حول: الطلاق، والفسخ، والخلع من رجال ونساء يجهلون كثيراً من هذا مما يدعو الى ركنية البيان على كل حال.
فما هو الخلع,, وكيف يكون,, وماهي صفته,, وضابطه، وماهو الحكم الشرعي المترتب عليه.
ابدا بيان هذا حسب جهدي وعلمي ليكون مدخلاً للمداخلة حوله وحول ما يشابهه.
الخلع بظم الخاء وتسكين اللام وضم العين اصله من الثلاثي خلع على وزن فعل بضم الفاء .
وورد بفتح: الخاء، والقراءتان صحيحتان، لكن باختلاف المعنى المراد.
واصله الشرعي انه: فراق الزوجة زوجها بعوض تعطيه اياه كمهر دفعه اليها، او هي تدفع اليه: مالاً غير مجحف فتخلع نفسها منه.
وهو بهذا يُفارق الطلاق، فمن هو الذي يمكنه الخلع ويترتب عليه حكمه هو:
1 البالغ
2 العاقل.
3 المميز.
4 غير المكره.
5 العالم بحقيقته.
6 من زواج صحيح.
7 عدم الحجر على الزوجة.
8 أن تكون حرة غير امة .
9 ان لا تكون الزوجة في حال خبب .
10 ان يكون المال معقولاً.
11 الا تقصد الاضرار بالزوج.
12 الا تكون منشزة من قبل اهلها.
13 ان يكون: الخلع في مجلس القضاء .
14 عدتها كعدة المطلقة، وقيل: حيضة واحدة لانها لا تعود اليه بعد: الخلع.
والخلع لايكون هكذا، وهناك امران خطيران:
الاو: تقبل الاسرة شكوى الزوجة وتصديقها دائماً والحقد على الزوج مما يترتب معه خلعها او تطليقها وقد يدخل في مثل هذه: الحالات، حاسد او حاقد.
فالضحية هنا الزوجة وان تزوجت ولا ينبئك مثل خبير
والضحية: الاولاد
والثالثة قطيعة الرحم وهي من اكبر الكبائر.
الثانية: الخبب، وهو افساد الزوجة على زوجها بصورة ما لكي تخالع او تطلق منه بدعوى ما صحيحه مبالغ فيها او كاذبة، وذلك حتى يتزوجها آخر قد تمت معرفته قبلاً.
فلابد من التنبه لهذين الامرين الخطيرين جداً على: الدين,, والاخلاق.
والورع والتقوى والامانة امور واجبة جداً فكم قرع سن الندم كثيرون وكثيرون لما عاينوا من الآثار المترتبة على مثل هذين الامرين ما كانوا يخالون انها تكون، لكنها عزة النفس والجهل والعجلة والحقد ودوافعه.
والخلع له اسباب اذكر منها:
1 اذا كرهت دينه لقصور بين فيه وهو: النقص.
2 اذا كرهت خلقه بضم الخاء كشدته وسوء معاملته دون سبب.
3 اذا لم يوفها حقها.
4 اذا ضيق عليها واساء وضرب دون سبب.
5 اذا هجرها جسداً: دون سبب
6 اذا تبين لها عدم: المودة وترتب على هذا سوء ظاهر.
قال تعالى: فان خفتم ان لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به .
وهذه اصل في الخلع وموجبه قد علل بقوله سبحانه: ان لا يقيما حدود الله .
والخلع يكون بألفاظ منها:
1 قد ابرأتك.
2 قد ابنتك.
3 قد خلعتك.
4 انت: بريئة.
ولا يقال لها هذا و: الزوجة في حال:
1 مكرهة على الخلع اذا علم الزوج.
2 ولا بمعتدة من خلع طلاق.
واذا تم الخلع فلا رجعة هنا بعده ولهذا فتعتد بحيضة واحدة بخلاف المطلقة وهذا مذهب: عثمان بن عفان، وعبدالله بن عمر، والربيع بن معوذ.
وقد جاء عند ابي داود، والترمذي، وقال هو حديث حسن: ان امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدتها حيضة .
واصل ما ورد في السنة ما رواه الامام ابو عبدالله البخاري: عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان امرأة ثابت بن قيس اتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما اعيب عليه في خلقه ولا دينه, ولكني اكره الكفر في الاسلام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتردين عليه حديقته .
فقالت: نعم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة.
وجاء في رواية له: وامره بطلاقها .
ولست اذهب الى دفع اكثر مما دفعه لها، وهذا قد فهمته من قوله تعالى: فيما افتدت به يعني نفسها، وفسره اتردين عليه حديقته , ولا يصح لزوج عاقل امين ان يضيق على: زوجته حتى تدفع له مطلبه وهذا فيه مضارة وحرج شديد، وفيه ريح ظلم يقع على الزوجة، وقد لايوفق الزوج اذا ظلم وضار، وعدم التوفيق له صور منها:
زواجه وكثرة ولده وهمه وغمه والتسلط عليه.
ومنها:
ضياعه فكرياً، ومنها:
تذبذب حياته
ومنها:
عدم بر الولد به باطناً