عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد:
لبيك اللهم لبيك,, بهذه الكلمات بدأ الحجاج نسكهم وازداد اشتياقهم للوقوف بعرفات والمبيت بمزدلفة ورجم الجمار ونحر الهدي والطواف والتقصير وحل الاحرام ,, كل هذه الاعمال قام بها حجاج بيت الله ابتداء من صباح يوم عرفة وحتى اليوم الثالث من ايام التشريق في بلد واحد في زمن واحد,, في ظل امكانات وترتيبات واستعدادات يعجز الإنسان عن وصفها.
ولقد كان لنجاح موسم هذا العام عدد من المقومات التي اسهمت في انجاحه بعد توفيق الله ,, ولعل من خلال هذه الوقفات أشير الى بعض هذه العوامل ليس من باب الاشادة فحسب ولكن من اجل التذكير فما كان من الله دعوناه في استمراره وما كان من الرجال المخلصين فيلحافظوا على ادائه وتحديثه وتطويره.
* الوقفة الاولى:
كان لعامل الجو اللطيف الذي ساد مكة المكرمة والمشاعر المقدسة خلال ايام الحج الدور العظيم في التسهيل على حجاج بيت الله الحرام في التنقل واداء عباداتهم ومناسكهم بيسر وسهولة ولم يكن هناك ارتفاع في درجة الحرارة المسببة لضربات الشمس وحالات الاغماء,, ولم يكن هناك برد قارس يحد من تحركات الحجيج، وهذه افضال الله على عباده ان خص تلك الايام بأجواء لطيفة ساهمت في انجاح هذاالموسم.
* الوقفة الثانية:
تلك المشاريع الجبارة التي سخرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لجميع البقاع المقدسة دون استثناء ابتداء بتوسعة الحرمين الشريفين وفتح الطرق الفسيحة بين المشاعر وشق الجبال ونصب الخيام المضادة للحريق وتوفير الماء ودورات المياه والكهرباء ووسائل الاتصال ووسائل النقل المريح وماذا اقول عن الصحة وتوفير العلاج والوقاية؟ واقف كثيرا امام المواد التموينية وما انعم الله به على هذه البلاد من الرزق الوفير ورغد العيش الذي يأتيها من كل مكان حتى اصبح السبيل اكثر من المباع ولله الحمد والمنة ولدولتنا وحكومتنا ومليكنا الشكر والعرفان.
* الوقفة الثالثة:
الدعوة والارشاد وايجاد المرشدين والدعاة واصحاب الفكر والافتاء الذين سهلوا على الحجاج اداء مناسكهم وصححوا كثيرا من مفاهيم بعض الحجاج وايضاح الغموض الذي يكتنف اداء النسك عند كثير من الحجاج حتى اصبح الحاج على بصيرة من امره فليس هناك طريق الا ونجد للدعوة والارشاد مركزا واضحا ودعاة قائمين ومرشدين وموجهين.
* الوقفة الرابعة:
تنظيمات وزارة الحج ومتابعة مؤسسات الطوافة وتفويج الحجاج الى الجمرات وسرعة حل الاشكالات التي تحدث نتيجة تأخير المطوف لأي سبب او عدم توفر وسائل النقل وما بذلته من جهود هذا العام كان له دور ايجابي في ذلك النجاح.
* الوقفة الخامسة:
لعل هذه الوقفة تخص جانبا مهما في نجاح الحج وهو ما تضطلع به وزارة الداخلية من مهام اساسية في اعمال الحج ابتداء من امارة منطقة مكة المكرمة ولجنة الحج المركزية وجهاز المباحث العامة والامن العام والدفاع المدني وقوات الامن الخاصة وكلية الملك فهد الامنية والجوازات والادارة العامة للمجاهدين,, كل هذه الاجهزة الامنية بقيادة الرجل الحكيم والموجه الرشيد صاحب السمو الملكي وزير الداخلية وسمو نائبه ومساعده للشؤون الامنية الذين يباشرون اعمال الحج منذ الوهلة الاولى من انتهاء الموسم السابق يتابعون ويوجهون بل يشاركون في وضع الخطط التفصيلية المتعلقة بأمن الحج مع هذه الاجهزة الامنية المتخصصة فعاش الحجيج تحت مظلة وارفة من الامن والامان,, منذ وصولهم الى هذه البلاد الطاهرة واثناء تنقلاتهم الى مكة المكرمة وبين المشاعر المقدسة وحتى مغادرتهم آخر شبر في حدود بلادنا الشاسعة لم يعكر صفوهم خوف او ذعر او جوع جاؤوا من بلادهم إلى بلد الامن جاؤوا من ديارهم الى الديار المقدسة ليؤدوا مناسك الحج وليشهدوا منافع لهم.
لقد عاشوا اياما في الديار المقدسة يقضون اوقاتهم في عبادات متعددة بين طائف وراكع وساجد وذاكر لله في طمأنينة تامة ثم قضوا ايام الحج في منى وعرفات ومزدلفة في حركة سير انسيابية وفي امن منقطع النظير وبين خيرات كثيرة، المياه تتدفق من كل جانب ورجال الامن يقفون في كل مكان يقدمون الخدمات ويحافظون على امن الحجيج وامن ممتلكاته ومواقعه الخاصة في غدوه ورواحه حتى قضوا ايام حجهم وألسنتهم تلهث بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين ولك من ساهم في تقديم الخدمة لهم وان كان هذا لم يتحقق الا بفضل من الله ثم بالدعم والتوجيه السديد من ولاة امر هذه البلاد ثم بجهود الرجال المخلصين الذين عكفوا على وضع الخطط الامنية المشهودة ووقفوا على تنفيذها بكل اقتدار وبعامل نفسي مريح وبمعنويات عالية وتشجيع معنوي مؤثر,, لقد نهجت قيادة امن الحج في هذا العام على اسلوب اداري متطور حديث لم يسبق له مثيل حيث اعتمد هذا الاسلوب على الاشتراك في المسؤولية الميدانية بكل صدر رحب وتواضع جم بعيدا عن تصعيد الامور وتوتير وشد الاعصاب مكنت الجندي والضابط والقائد من اداء مسؤولياتهم في منظومة امنية متواصلة في سياسة ادارية لم تخلوا من الحنكة والادارة والشمولية ففازت هذه القيادة بحب المرؤوسين فتفانى العاملون في الاداء فكانت النتائج الامنية كما لمسها القاصي والداني في حج هذا العام ونحن لا ندعي الكمال فالكمال لله,, ونطالب بالمزيد والبدء من الان في دراسة السلبيات والايجابيات والاستفادة من دروس الحج الماضي لكي تكون المواسم القادمة افضل وارقى باذن الله تعالى ليس في مجال الامن فحسب بل في جميع المجالات فيسيروا على بركة الله وفق الله الجميع، آمين يارب العالمين.
عقيد: محمد بن حسن العمري
مساعد مدير شرطة منطقة الرياض لشؤون العمليات