Thursday 6th April,2000 G No.10052الطبعة الاولى الخميس 1 ,محرم 1421 العدد 10052



الفبركة الصحفية,, فن لا يجيده إلا الفاشلون!!

عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد:
ثمة ممارسات غير مشروعة ومنافية لاخلاقيات العمل الصحفي ابطالها بعض المنتسبين الى بلاط صاحبة الجلالة من خلال الصحف والمجلات,, ومما يؤسف له ان هذه الممارسات تتم باسلوب مثير قد ينخدع به حتى اولئك الراسخون في علم مرآة الامة.
ومن بينها ظاهرة الفبركة الصحفية التي بدأت تأخذ شكلا مشروعا لدى بعض مسؤولي التحرير الصحفي ليس على المستوى المحلي فقط وانما على المستوى العربي والعالمي حيث وجدت الوسط الملائم لانتشارها وهيمنتها على كافة الابواب والزوايا.
وعلى الرغم من انها خطأ لا يغتفر في حق القارىء بشكل عام فانها الى جانب ذلك تعكس صورة غير امينة للموضوع الذي تعالجه او تطرحه بين يدي المتلقي وبعبارة ادق واوضح تختلق واقعا لم يحدث! وهو تصرف مرفوض يسيء لمقترفه اولا وللمطبوعة التي تعمل على ترويجه ثانيا! ناهيك عن الاثر السيىء الذي ينعكس بشكل تلقائي على سلوكيات ومفاهيم الناس ان عاجلا أو آجلا!!
ومن صور هذا الخداع الصحفي ما نراه منشورا بين الحين والآخر من تحقيقات وهمية مع اشخاص وهميين حول بعض القضايا التي تهم اكبر قطاع من الناس حيث يلعب بطل الفبركة (كاتب التحقيق) عدة ادوار,, فتراه يطرح وجهات نظر مختلفة الى حد التباين ليوهم القارىء بأنه التقى بشخصيات متعددة وهو في الحقيقة لم يبرح مكتبه المكيف! ولا نحتاج الى قليل تمعن حتى نكشف هذه اللعبة فالامثلة على ذلك كثيرة وميسورة خصوصا في الصفحات الرياضية والفنية وتلك الخاصة بالمذكرات,, فضلا عن الاحاديث الصحفية التي تنشر منسوبة الى أعلام قد توفوا للتو!!
* صحيح ان هذه الاعمال الصحفية المفبركة تقوم على الاثارة والعناوين الخادعة وفتح شهية القارىء الى درجة النهم لكنها سرعان ما تتحول الى تنور مرعب اول وقوده هؤلاء المزيفون الذين دأبوا على نشرها أيا كانت مسؤولياتهم ومستوياتهم,, اذ لا يصح الا الصحيح والعاقبة على كل حال لصالح من يجسد مبادىء المهنة ويرعاها ولو على حساب نفسه ومطبوعته!!
** وهناك مواقف غاية في الايلام حدثت لبعض العاملين في المجال الصحفي ممن استهواهم سراب مثل هذه الالاعيب الخطرة والتجاوزات غير المسؤولة فكانت بالنسبة لهم القاضية!
فاحدى الصحف العربية وتحت وطأة هاجس السبق الصحفي نشرت ذات يوم تغطية لعرض عسكري حضره رئيس الدولة التي تصدر فيها كتبت فيها انه عاد بعد انتهاء العرض الى قصره وسط تصفيق الشعب بينما الحقيقة انه اغتيل خلال الاحتفال ولكم ان تتصوروا الوضع الحرج الذي عاشته تلك الصحيفة والعاملون فيها بعد توزيع العدد وسبب هذه الغلطة الفادحة كما اسلفت الركض الخاطىء خلف بريق السبق الصحفي,, في حين ان الامانة والنقل الصادق والحفاظ على مصداقية المطبوعة واحترام القارىء اهم من ذلك كله!!
* ولئلا نبتعد عن صحافتنا نذكر من اطلع في يوم ما على تغطية جاهزة لمحاضرة في احد الاندية الادبية نشرتها احدى مجلاتنا مؤكدة ان الحضور كان كبيرا بينما موعد المحاضرة كان في الحقيقة بعد صدورها بيوم! ومع ذلك ركبت تلك المجلة رأسها واستغفلت القارىء دونما خجل او اعتذار,, ولاشك ان اول الناقدين لها اولئك الذين اقدمت على ذلك من اجل خاطرهم,, بل ان الصفحات الخاصة بالطفل وهي التي يفترض ان تكون تربوية تعلم الصدق وعدم الادعاء والزهو بما يكتبه الآخرون نراها للاسف الشديد تنشر قصصا وقصائد وموضوعات بأسماء اطفال لم يدركوا فك الحرف بعد!,, ولو سألتهم لقالوا لك: اننا ننشرها من باب التشجيع,, اي تشجيع هذا؟!
انه درس متقن في علم الكذب وانتحال جهد الآخرين يتعلمه هؤلاء الاطفال فيرسخ في اذهانهم,, وعندها يصبح ليس بمقدور اي جهة او اشخاص ان يمحوه من اذهانهم!
* ولاشك ان الصحافة الواعية هي تلك التي تنهج الطرق الواضحة المشروعة من اجل تقديم الخدمة الاعلامية لقارئها بأمانة لاتشوبها اية شوائب تسيء لاخلاقيات العمل الصحفي بحيث تنقل صورة حقيقية للحدث او المتحدثين بعيداً عن العواطف والاعتبارات المالية او المنافسات غير الشريفة.
فاذا كانت القضايا مثلا تتعلق بعدة فئات او اشخاص بات من الضروري ان تتم استضافتهم حقيقة لا من خلال تخمينات وفبركات غير مسؤولة لاهم لها الا الربح المادي والمعنوي كما نراه بشكل متكرر في بعض الصحف والمجلات الوافدة التي تخطب ود جيب المتلقي قبل عقله,, وهي مع الاسف الشديد تلعب هذا الدور المكشوف على مرأى من عين القارىء الذي ادمن التهام نتاج هذه الاساليب الصفراء في عرف صاحبة الجلالة التي من ابرز مسؤولياتها تشكيل وعي الامة وغرس المبادىء والقيم والرؤى الشفافة في وجدان افرادها ومؤسساتها!!
*وما اود ان اشير اليه في نهاية هذه الاسطر التي اكتبها بعد تجربة طويلة في العمل الصحفي ان من يلجأ الى هذه السبل الملتوية مصيره حتما سيكون الوقوع بين فكي الحقيقة يوما ما,, وستلفظه الصحافة شر لفظة,, ذلك ان القارىء في الغالب وخصوصا بعد انتشار الانترنت وغيرها من القنوات الاعلامية لم يعد ساذجا او جاهلا بما يدور خلف الكواليس كما كان قبل سنين فهو يدرك الحقيقة غير المشوهة بحاسة لا تخيب!
* ودعوة صادقة لمسؤولي صحفنا بالذات باعتبار انها تعكس واقعنا او من المفترض انها كذلك ليعملوا على نبذ كل مزيف للحقيقة وتطهير كل مساحة يمارس فيها شيء من هذه الفبركات مهما كان اصحابها فالزمن لا يرحم,, وليجعلوا شعارهم الامانة اولا وآخرا فهم مسؤولون عن ذلك يوما ما! وليعلم خبراء الفبركة الصحفية ان هذه الاساليب فن لكن لا يجيده الا الفاشلون وبعض الكسالى اعلاميا المحسوبين على العمل الصحفي الواعي وهمو منهم براء,, والله من وراء القصد!
خالد محمد الخليفة
الرس

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون مسرحية

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاءات

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved