نستقبل اليوم وعامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها عاماً هجرياً جديداً، والاسلام الحنيف يزداد تمكيناً للمؤمنين به على الأرض، فيزداد المسلمون إيماناً بأن المستقبل لخير أمة أخرجت للناس مع ازدياد وفود البشر المقبلين عليه تشوقاً لهداه، ويقينا بنصر الله للأمة رغم كل ما يتناوشها من سهام الأعداء، ومكائدهم ومؤامراتهم، ومحاولات حصارهم للشعوب المسلمة داخل وخارج عالمها العريض، بهدف فصل الأمة كلها عن دينها عقيدة وقيماً ومنهجاً للعمل وتصوراً للحياة الانسانية.
ويوم الاثنين الماضي وخلال جلسة مجلس الوزراء الموقر وجه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله التهنئة للمواطنين وللأمة الاسلامية بمناسبة قدوم العام الهجري الجديد الذي يبدأ اليوم الخميس وهو غرة شهر محرم 1421ه .
ويهلُّ علينا عامنا الهجري الجديد بعد أن ودّعنا العام المنصرم 1420ه بكل آمالنا التي حققنا منها ما تحقق، وبكل آلامنا التي عانيناها لفراق أحباء أعزاء.
على أننا في حالتي الآمال والآلام، لم نفقد أدنى قدر لا من طموحاتنا المستقبلية، ولا من قدراتنا الذاتية على مواصلة المسيرة إلى آفاق تلك الطموحات، نعيد لأنفسنا ولأمتنا صياغة ما كان من أمجاد لنضيف إلى رصيدنا العظيم منها أمجاداً جديدة نصنعها بإرادتنا وقوتنا وإيماننا وثقتنا ويقيننا بأن المستقبل الآتي سيكون بحول الله أفضل وضعاً وأرغد عيشاً، وأهنأ حياةً.
ونظل ما ظلت الحياة، نستلهم من الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة أبلغ آيات الثبات على المبدأ، والتضحية والعزم وإرادة الصبر والقدرة التي لا تهن على قبول التحديات والعوائق واحتمال الأذى من الأعداء إيماناً بأن نصر الله قريب .
فرغم كل ظروف الضعف، والتفكك بين أطراف الكيان الواحد للأمة عبر حقب من التاريخ، إلا أن رابطة عقيدة التوحيد، والتمسك بوشيجة الأخوة في الله وفي الدين، والقيم التي شكلت قناعة المسلمين كافة بوحدة الوجود ووحدة المصير، كانت جميعها مصدر القوة التي أبت أن تنحني لضغوط الأعداء وكيدهم وأن تصمد أمام كل عوامل الزعزعة والتشتيت وظلت متماسكة الكيان على تباعد المسافات الجغرافية بين أقطار شعوب الأمة.
وفي ذكرى الهجرة النبوية الشريفة مع استقبال عام جديد من تاريخها المجيد نضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يُتمَّ نعمته على أمتنا الاسلامية بتعزيز وحدتها العضوية والسياسية والاقتصادية والتجارية، والأمنية والدفاعية في ظل نظام عالمي جديد وعولمة لكل جوانب العلاقات الاقليمية والدولية حتى تستعيد أمتنا المجيدة مكانها تحت الشمس وفي مقدمة دول العالم المتقدمة لتسهم كما كانت في الماضي في صنع الحضارة الانسانية الجديدة لمستقبل البشرية جمعاء.
الجزيرة