قراصنة الإنترنت لم يتركوا جريمة إلا ارتكبوها السرقة والاحتيال وغسيل الأموال وتدمير البيانات أبرز جرائمهم 400 مليار دولار من التجارة الإلكترونية تحتاج لعمليات تأمين واسعة |
* القاهرة مكتب الجزيرة محمد المرصفاوي
شهدت السنوات القليلة الماضية ظهور ما يسمى بقراصنة الانترنت الهاكرز فبعد انتشار استخدام الشبكة في معظم دول العالم وما صاحبها من استخدام واسع تجارياً لم تعد قاصرة على مجرد تبادل المعلومات واستخدامها في أغراض البحث العلمي بل أصبح التسوق عبر شبكة الانترنت شائعاً على المستوى الدولي أو يقوم مستخدم الشبكة بالتجول بين العديد من المواقع ويمكنه الشراء مباشرة أو الاشتراك في النوادي الخاصة لمشاهدة بعض الأفلام أو ممارسة بعض الألعاب أو اجراء عملية تمثيل لاحد برامج الكمبيوتر على الجهاز الذي يستخدمه مقابل مبلغ من المال,, ويتم دفع المبلغ المطلوب من خلال بطاقة الدفع الخاصة بالمستخدم.
بداية عمليات القرصنة
نظراً للنمو السريع لشبكة الانترنت والتي اقترب مستخدموها من 200 مليون فرد ينتشرون في 160 دولة حول العالم فقد أصبحت مجالاً خصباً لهجمات القراصنة,, والجرائم التي يمكن ان ترتكب من خلال الانترنت عديدة ومتنوعة منها: الاقتحام غير القانوني للشبكات بغرض التسلية أو تحقيق الربح والابتزاز عن طريق التهديد بتدمير شبكات الكمبيوتر والمعلومات باستخدام البريد الالكتروني والتسلل الى شبكات الكمبيوتر بغرض السرقة والاحتيال وغسل الأموال الكترونياً.
ويعد عام 1980م هو البداية الحقيقية لظهور عمليات القرصنة عبر شبكة الانترنت اذ تلقى جهاز مكافحة التزييف والتزوير والاحتيال الأمريكي أول بلاغ عن جريمة احتيال باستخدام بطاقات الائتمان وأجهزة الكمبيوتر,, وفي منتصف الثمانينات صدرت مجلة حمل غلافها اسم 2600 في الولايات المتحدة وهي مجلة علمية فنية متخصصة يتولى تحريرها مجموعة من القراصنة لاتاحة كافة المعلومات وتقديم المساعدات الفنية لكل من يريد أن يتعلم ويمارس أعمال القرصنة بكافة أنواعها.
وفي أواخر الثمانينات كان الاحتيال عن طريق الكمبيوتر قد انتشر على نطاق واسع وكان من بين تلك الحالات تمكن احد القراصنة من التسلل الى البريد الالكتروني لبعض الأجهزة الحكومية والكمبيوتر بها كما تعرض بنك فرست ناشيونال اوف شيكاغو لسرقة مبلغ 70 مليون دولار عن طريق الكمبيوتر.
وفي بداية التسعينات زادت عمليات القرصنة في مجالات وبرامج الكمبيوتر,, ولم يقف دور عمليات القرصنة عند مجرد سرقة البيانات والمعلومات واعادة استخدامها بل هناك العديد من المواقع التي قام بعض هؤلاء القراصنة بانشائها على الشبكة بهدف اتاحة الفرصة للهواة من الاستفادة من خبرات القراصنة في كافة مجالات الشر!!.
ويوضح أحد هذه المواقع الصفات التي يجب توافرها لدى القرصان والخبرات التي يجب عليه تعلمها ثم الخطوات التي يجب اتباعها للسطو على بعض المواقع أو اجراء عمليات احتيالية عن طريق الشبكة ويحتوي موقع آخر على كافة المعلومات عن القرصنة ومجالاتها المختلفة.
مكافحة القرصنة
كما يوجد على الشبكة العديد من المواقع التي تهيئ الفرصة للهواة لتعلم سبل القراصنة ونفوذهم، أيضاً هناك العديد من المواقع التي تقدم الارشادات وتساعد كل من يحتاج إلى تجنب الوقوع ضحية الاحتيال خلال تعامله عبر شبكة الانترنت اذ يحتوي احد هذه المواقع على 8 خطوات يجب على التاجر اتباعها لتقليل فرصة وقوعه ضحية الاحتيال باستخدام أرقام بطاقات ائتمان خاصة بالغير.
كما يحتوي على الارشادات والمحاذير التي يجب اتباعها على كل من يرغب في التعامل بالبطاقات عبر الشبكة ويحتوي موقع آخر على 10 خطوات رئيسية يجب على كل حامل بطاقة ائتمان اتباعها لدى الشروع في استخدامها عبر شبكة الانترنت.
وأكد الخبراء انه بحلول عام 2002 تتعدى قيمة عمليات التجارة الالكترونية 400 مليار دولار في العام وسيزداد القلق المصاحب لهذه التجارة والسعي للمزيد من عمليات التأمين لهذه العمليات وذلك لان ارتباط التجارة الالكترونية بشبكة الانترنت قد سهل من تداولها في نفس الوقت افرز العديد من عمليات النصب والاحتيال الدولي مما يهدد كثيراً من مستخدمي الشبكة بالوقوع في شرك عمليات النصب والسرقة.
روسي وأمريكي
وكان احد قراصنة الانترنت قد تمكن من اختراق انظمة احدى شركات التجارة الالكترونية والحصول على ارقام آلاف من بطاقات ائتمان عملاء الشركة ونشرها علنا في موقع خاص على الانترنت مما مكن الآخرين من استخدامها للشراء دون دفع اي نقود!!.
وقد تبين ان القرصان سبق وان حاول ابتزاز الشركة وطلب منها مبلغا من المال مقابل تقديم مساعداته لها وردا على رفض الشركة استغل ثغرة في انظمتها وقام بالسطو على ارقام بطاقات ائتمان عملائها,, وقد استخدم بالفعل احد الارقام وخصمت منها مبيعات بمبلغ يصل الى الف دولار امريكي فقامت السلطات الامريكية باغلاق موقع القرصان على الفور وتجري الآن تحقيقات واسعة لمعرفة كيفية اختراقه موقع الشركة,,, ويعرف القرصان نفسه بأن عمره 18 عاما ويعتقد ان رسائله قادمة من روسيا.
وكان القضاء الامريكي قد اصدر حكما بسجن شاب امريكي 19 سنة 15 شهرا وتغريمه 36 الف دولار لادانته باقتحام مواقع سرية على شبكة الانترنت طوال العامين الماضيين للتعبير عما يجيش في صدره من حب وعاطفة تجاه زميله في الفصل,, والمواقع التي اقتحمها الشاب واسمه اريك برنز تضمنت موقعا لنائب الرئيس الامريكي آل جور ومواقع وكالة الاعلام الامريكية وحلف شمال الاطلنطي ومواقع عدد من الهيئات القومية وكان يكتب عبارة واحدة لدى اقتحام أي موقع هي كريستال,, احبك .
رسائل مرفوضة
وخلال شهر مايو من العام الماضي تمكن قراصنة الانترنت من اختراق موقع مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي بصورة غير مشروعة وتركوا رسالة بذيئة على الموقع جاء فيها من يضحك اخيرا يضحك كثيرا, وقد اضطر مسؤولو المكتب الى اغلاق الموقع كاجراء احتياطي,.
وشهد نفس الشهر ايضاحربا الكترونية غير مسبوقة بين مجموعة من قراصنة الكمبيوتر مكونة من 15 شخصا ضد وزارة الدفاع الامريكية والوكالة الامريكية للفضاء وانتهت هذه الحرب السريعة بتسجيل القراصنة تفوقا على الاجهزة الجبارة وعشرات الخبراء ووسائل الحماية والسرية المعقدة وتمكنوا من الاستيلاء على نسخة من برنامج لادارة الاتصالات العسكرية السرية بالبنتاجون واخرى لادارة عمليات ناسا الفضائية اضافة للعديد من المعلومات السرية المهمة الاخرى,.
واستكمالا للتحدي قام القراصنة بارسال نسخة من المسروقات عبر الانترنت الى جون فرانيسيفين الذي يعد من ابرز خبراء مطاردة القراصنة ويدير موقعا على الانترنت مهمته تعقب القراصنة والكشف عن هويتهم,.
ولم يكتف القراصنة بذلك بل اجروا حوارا حيا مع جون على الانترنت وعلى الرغم ان الحوار استمر فترة طويلة الا انه فشل في الكشف عن هوية القراصنة او معرفة اماكنهم نظرا للسرية العالية والاحتياطيات الممكنة التي اتخذوها لاخفاء انفسهم,.
وذكر القراصنة خلال الحوار انهم مجموعة من 15 شخصا من امريكا وروسيا وانجلترا ويطلقون على انفسهم اسم سادة الانزال وان هدفهم من اختراق تلك المواقع الهامة هو اظهار مدى ضعف هذه المؤسسات القوية جدا امام مجموعتهم الصغيرة واظهار مدى قدرتهم على بناء برامج قوية تتفوق على برامج الحماية التي تصفها تلك المؤسسات واكدوا انه لم ولن يوجد نظام يوفر حماية بنسبة 100% وسيظل هناك خطأ بشري وارد في اي نظام.
خطة امريكية
وآخر عمليات القرصنة عبر الإنرنت كانت تلك التي تعرضت لها مواقع الشركات التجارية الكبرى على الانترنت مطلع الشهر الحالي وادت الى تعطيلها اذ قام القراصنة بتوجيه اعداد هائلة من الرسائل الالكترونية الى المواقع مما يعطل اتصالاتها ويعطي رسالة الى المستخدم تفيد بان هذا الموقع مشغول دائما.
وقد قررت الحكومة الامريكية عقد اجتماع موسع لخبراء الكمبيوتر وكبار المسؤولين الامنيين لبحث افضل السبل لتأمين نظم الكمبيوتر المحلية واحباط محاولات القرصنة التي تتم عبر شبكة الانترنت وتسبب في تعطيل تلك النظم.
واعلن ديفيد ليفي المتحدث باسم البيت الابيض ان الاجتماع سيبحث الخطة القومية الامريكية لتأمين نظم الكمبيوتر من اعمال القرصنة,.
وكان كلينتون قد طلب من الكونجرس تخصيص اكثر من ملياري دولار لتطبيق هذه الخطة مؤكدا اهميتها للامن القومي الامريكي,.
كما قررت الحكومة اليابانية تشكيل وحدة خاصة من رجال الشرطة تكون مهمتها وقف اختراق المواقع على الانترنت والتنسيق مع السلطات الامريكية المعنية في هذا المجال بوصف الولايات المتحدة واليابان اكبر دولتين في العالم من حيث استخدام الكمبيوتر والانترنت.
حرب بلا نهاية
ويؤكد روبرت جون دايموند خبير تأمين شبكات المعلومات بشركة صن ميكروسيستم ان الحرب بين قراصنة الانترنت وخبراء التأمين لن تنتهي بخاسر نهائي او فائز نهائي بل ستظل سجالا بين الفريقين والعامل الحاسم فيها هو قدرة خبراء التأمين على بناء نظم تأمين رداعة تجعل من غير المجدي للقراصنة القيام بمحاولة كسرها وتكلفهم جهدا ومالا ووقتا اكثر مما يحققونه من مكاسب من وراء عمليات الاختراق.
|
|
|