Thursday 6th April,2000 G No.10052الطبعة الاولى الخميس 1 ,محرم 1421 العدد 10052



مسرحية الحفلة,, اللعبة هزمت اللاعبين وطوعتهم,.
محمد العثيم

بدا لي ان مقولة النص الجيد يؤدي لعرض جيد حقيقة واقعة في عرض الكلية الصحية بالرس خلال مهرجان الجنادرية المسرحي حيث اخذت هذه التجربة المسرحية مكانا متقدما وقدمت الفرقة عرضا مثيرا انتصر فيه العمل على مقدميه بطريقة مذهلة.
واذا ما استثنينا مؤلف مسرحية الحفلة الاستاذ (ماجد البشري) وهو مؤلف مسرحي متميز يعمل مع مهرجان الجنادرية مشاركا منذ اربع سنوات فان كل افراد الفرقة (تسمي نفسه ورشة مسرحية) يتقدمون للعمل الفني على مستوى المملكة ربما لاول مرة ويقدمون عملا يحسدهم عليه المحترفون.
جاءت هذه الفرقة من الكلية الصحية بالرس وقدمت عملا نخبويا متميزا ينم عن وعي وادراك من الفرقة للقيم الجمالية للمسرح,, كما ينم عن وعي تام في معنى الماهية المسرحية وهذا الكلام لا ألقيه في سياق المجانية او التشجيع لان الورشة المسرحية استوعبت لعبة المسرح بدءاً ولعبة الثقافة فزاوجت في عمل قيمي جمالي الفن مع تراكم ثقافة المجتمع (من النسق الثقافي الاجتماعي العام) وفي نفس الوقت لم تهبط لمستوى ادنى كما سنقارن ذلك في فرق محترفة وقديمة وقعت في مطب المجانية والمباشرة من استجداء النسق مع الغفلة التامة عن الماهية المسرحية.
قال عميد الكلية الصحية في الرس (التي هي المظلة الرسمية لهذا العمل والمنتج المنفذ ضمن نشاطات مسرحها الطلابي المتميز) قال العميد في تقديمه للفرقة ما يعني فخر الكلية ومسرحها الطلابي بأن كل عناصر العمل,, الممثلين والمؤلف والفنيين هم من الكلية الصحية بالرس بمعنى ان العمل لم تستقدم له خبرات خارج الكلية واضيف من جانبي هنا الى ما قاله العميد ان العمل بكامله لورشة سعودية يفرح المتابع للمستوى الفني للفهم الذي تتمتع به هذه الفرقة والثقافة الجادة التي تتميز بها.
وحقيقة استطاعت الفرقة اللعب على الماهية المسرحية بذكاء من خلال نص جيد (كتبه البشري) وتوافرت فيه شروط كثيرة اولها تحقق ما عرف في الثقافة بالتراكم في النسق الاجتماعي الذي اشرت اليه قبلا,, وتحقق ايضا وجود الحالة في الواقعية الاجتماعية من عالم النفي من عمل لا معقول (ماهية مسرحية عكس المسرح) وواقع لعبة الورق المعروفة ولكن ليس بسذاجة، بل غربت اللعبة عن اللاعبين لتصير ورقات اللعب هي الابطال في العمل بحسب القوة والضعف والسيطرة والتبعية والخنوع وهذا دليل دخول الفرقة مرحلة متقدمة من الثقافة المسرحية المحلية لا تجاريها في الميدان الكثير من الفرق.
والعمل من المنطلق النصي الذكي يفترض ان الورق يخرج على لاعبيه ليلعب نفسه في منظومة التشكل والدور وبحسب شروط المكان والزمان وعدد اللاعبين وملابس اللعب.
وبذكاء خلص الاخراج للنص بشخصيات رغم تنميطها كانت مفردة على طريقة ابسن فأنت لا تحتاج في الفرجة الى التفكير حول الدور واللاعب والملعوب به حتى لو كنت لست لاعب ورق وحتى لو جهلت المعنى التغريبي للعب الورق في النسق الثقافي العام.
والزمن على احسن افتراضات النفي الزماني لم يكن يزيد عن زمن لعبة ذكية ادار فيها اللاعبون الورق وضحك الورق باقي الليل على لاعبيه في واقعهم المعاش,, وهو واقع صورته المسرحية تصوير الزمن المتردي,, مما جعل اللعبة تنتهي الى نفيها فبحلق الجمهور ساعة او تزيد في متعة بصرية وكانت الصالة حقيقة مع العرض الجيد دون ملل أو تذمر.
المفردات الايحائية ومعادلات العرض المادية والمعنوية مبذولة بشكل سخي والعمل يطرح الكثير في فكرة التحولات العربية من القضية الام الى المغيبات والمسكوت عنها في إشارات وعلامات استفهام لا تقال مباشرة لكنها تقدم على انها دلالات,, ولا يعني هذا ان كل الرموز والمعادلات المادية (معظمها اكسسورات) اقول لا يعني هذا انها كلها كانت مفهومة وتصل لكن في مجمل العرض نستطيع الحكم بوصول معنى او آخر للمتلقي حسب حاله وفهمه تصل إلى اكثر من ثمانين بالمائة وهو رقم عال اذا ما صنفنا العمل في خانة النخبوي التجريبي من العروض المسماة (لعبة) او مسرحانية.
وبالتأكيد فالعمل قدم نفسه قبل اجراء بروفات صقل كثيفة مما جعل المشاهد يحس بعض الخشونة في النقلات التي قد يعود السبب فيها الى ان الممثلين بمجملهم يقفون امام الجمهور لاول مرة في مهرجان نوعي نخبوي الحضور مثل مهرجان المسرح في الجنادرية بصورته الحالية المزدهرة, واذا ما استمر الممثلون او على الاقل الخمسة الذين لعبوا الادوار الرئيسية في تقديم هذا المستوى فسيكون لهم شأن عظيم في مستقبلهم المسرحي,في الجانب السينوجرافي لم تقدم الاضاءة الخدمة المثلى ربما لان القاعة قليلة التجهيز ولكن العمل طرح مسرحا فقيرا مقتصدا وهو الاتجاه الامثل في هذا النوع النخبوي وكانت كل مفردات العرض الصوتية والمادية والملابس لا تخرج عن كونها مستلزمات بسيطة بقدر حاجة العرض ومع ذلك كانت السينوجرافيا في حدود قياس الحاجة ولو اني لم اقتنع كثيرا من سلاسة الديكور الفنية لأني كنت اتمنى ان يكون اكثر تعبيرا في التشريح التشكيلي والتعاشق مع موضوع العمل بعيداً عن الايحاءات المرموزة بغموض.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون مسرحية

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاءات

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved