بدايات الخطبة والزواج محمد عبدالرزاق القشعمي |
قدم أخو الفتى غير الشقيق الذي يكبره بما يقارب الخمس عشرة سنة وكان وقتها يسكن بما يشبه المدينة او القرية الكبيرة (علقة) وطلب ان يأخذه إلى هناك، فرفضت والدته خوفا عليه من الغربة أو ان يفتقد والدته فيزعجهم بالبكاء لذا فقد غافل والدته وهرب به، وحمله على كتفه بعد ان أغراه بالكليجا والحقلق الكثير الذي سيعطيه له, وما ان وصل حتى سلمه لزوجة شقيقه الأكبر المتزوج حديثا, كان خائفا من المجهول الذي ينتظره عند مغادرته المنزل، أخذ يبكي حتى أعيد الى القرية حيث والدته, في اليوم التالي، يذكر ان له أخاً ثالثا أكبر من الآخر وكان قد سافر الى الكويت ومنها الى الظهران حيث شركة أرامكو وعمل سائقا هناك, وقد كان على خلاف مع والده إذ ان العمل هناك او حتى قيادة السيارة يعد أمراً منكرا وغير مستساغ؛ إذ ان الذي يسافر او يهاجر للكويت او للعمل بشركة ما يعد مذنباً وخارجا من الملة, وإذا قدم للسلام على أحد يقول له من سيستقبله (مهجور) وهكذا يبقى ثلاثة ايام لا يسلم عليه, بعدها يرد عليه سلامه ويقول والده ان غيرهم يطلي وجه المهجور بالسواد حتى يعرف فلا يسلم عليه.
قد عاد برغبة الزواج ولديه مبلغ من المال سيقدمه مهرا لزواجه، وقد ذكرت له المرأة المناسبة في القرية المجاورة لقريتهم الرحيِّة وقد ذهبت والدته مع نساء أخريات لخطبتها له, عادت والدته بموافقتهم وحدد يوم الزفاف, وذهب الجميع رجالا ونساء لحضور المناسبة بعد حضور والده من الرياض.
تم الزواج على خير ما يرام، وأقيم الاحتفال, عادت والدة الفتى في الصباح التالي مع من رافقها الى هناك, بعد فترة وعند عودة أخيه المعرس من إحدى سفراته قام بإحضار زوجته الى قريتهم لتقيم مع والدته وقت مقامه معهم وعند سفره تعود الى أهلها لتقيم معهم حتى قرب عودته, يذكر الفتى ان والدته تذهب مع زوجة أخيه لإيصالها لأهلها قرب قريتها تعديها هو يعرف انهم سيحملون معهم (الزوارة) عبارة عن قرصان (الكليجا) وخبز (الفتيت) وحب (القرع المصبوغ) وبعض (المهاف)، و(البيوز) وهي مجموعة من قطع القماش البالي تقطع قطعا صغيرة تحمل بها الدلة ويتوقى بها القدور عند نقلها من على النار,, إلخ.
في إحدى المرات وعند سفر أخيه لعمله في الظهران في شركة أرامكو للزيت استعدت والدته لإيصال زوجة أخيه الى حيث أهلها في الصباح, قالت له والدته انه سيرافقهما الى هناك, خرج مع والدته وزوجة أخيه من باب المزرعة متجهين الى الجنوب صاعدين المضل عرقوب يفصل بين القريتين عتيق والرحية, وأمه تحمل معها الزوارة والفتى بالكاد يستطيع ان يخطو فوق الرمال ليلحق بهما وعند تجاوز مجموعة الطعوس العراقيب ولما قربتا من قرية أهل العروس جلستا لتستريحا ولتنتظرا من سيستقبلهما من أهل العروس حتى يعود الفتى مع أمه.
ومن مظاهر الاحتفال التي يذكرها من كلام والدته له ان مجموعة من الشباب الذين يقاربون الزواج في سنه يحملون معهم بنادق ويحشونها بالقماش والبارود وإذا قربوا من القرية المقصودة، يبدأون بالرمي بعد صلاة العشاء وهو إيذان بقرب وصولهم احتفالا بهذه المناسبة التي لا تتكرر كثيرا, ويذكر الفتى ان المعرس أخوه يحمل عصا صغيرة خيزرانة تميزه عن غيره, وثوبه أبيض ناصع وشماغ وعباية (بشت) وهو يمسك بيد والده ليدله على الطريق, وهو يعرف مكانة والده الاجتماعية والدينية؛ إذ سرعان ما وصلوا قريبا من أهل القرية التي سيقام بها الزواج، إلا وقد استقبلوهم مرحبين وأنيرت لهم الفوانيس (السرج) وأوقدت النار ووضعت لهم دلال القهوة ومباخر العود (إذ لم يصلهم الشاي بعد), بعدها يذهبون للنوم بالمسجد والزوج يذهب به حيث تنتظره زوجته, وفي الصباح وبعد صلاة الفجر تدار القهوة ثم يقدم لهم الضيفة وجبة الأكل صحون الجريش وعليها لحم الجمل، والذي يقف عليهم أكابر أهل القرية ووالد العروس ليقول الله يحييكم وكل هالمناسبة بركة التي جمعتنا بكم لو كان يقدم للضيف أفضل من هذا لذبحت لكم أحد أبنائي, وكان يستعاب ان يقوم أحدهم قبل ان يشبع الجميع وإذا قام احدهم قال له المضيف لا أحد يقوم قبل ان يشبع ترى أمه بالدار, إشارة الى ان الذي قام لا قيمة له, او تراها سعودية أي ان الذي يشبع يقوم ليس من المفروض ان يقوم غيره قبل ان يشبع، وكان بعضهم يقول المثل الشعبي ( كل أكل الجمال وقم أول الرجال).
لا ينسى الفتى ان هناك امرأة كبيرة السن تزورهم بين وقت وآخر من قرية أخرى (قصيباء) وليست بعيدة وكانت والدته تخصها باحترام كبير تسميها أمنا (عائشة) وكانت تقدم لها ما يتيسر من أكل وملبس, عرف بعد ذلك انها أم أخوته الكبار وأن والده قد طلقها ومازالت متعلقة بأبنائها (إخوته) رغم أنها قد تزوجت بزوج آخر.
|
|
|